الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعمال «شيطانية» تحت شعارات «دينية»

21 ديسمبر 2015 23:49
في 13 من نوفمبر 2015، وقعت ست هجمات إرهابية منسقة في باريس وحواليها.. حيث قام مسلحون بإطلاق النار عشوائياً وتنفيذ تفجيراتٍ انتحاريةٍ في العديد من الأماكن العامة بما في ذلك قاعة للحفلات الموسيقية والمقاهي والمطاعم. وحسب التقارير، أسفر ذلك عن مقتل 129 شخصاً وإصابة نحو 300 شخصٍ بجروحٍ. وقد حصل الهجوم الأعنف بمسرح باتاكلان، حيث قُتل نحو 90 شخصاً على أيدي رجالٍ مدججين ببنادق أيه - كيه - 47 الهجومية. وقال شاهد عيان للكارثة: إن الإرهابيين كانوا يهتفون: «ألله أكبر» قبل البدء في إطلاق النار! ووفقاً للقرآن الكريم، فإن قتل إنسانٍ هو أسوأ عملٍ عند الله تعالى لدرجة أنه شبه قتل نفسٍ واحدةٍ بقتل البشرية جمعاء: (... فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...)، «سورة المائدة: الآية 32»، وعليه فممارسة عمل شنيع كهذا باسم الله لن يبرره وإنما يفاقم بشاعة الجريمة.. والذين يرتكبونها لا يمتون إلى الإسلام بصلةٍ على الإطلاق.. ولكن السؤال هو: كيف يمكننا إبعاد العنف والإرهاب من حياتنا؟ نظراً للعبارة المأثورة القائلة: «إن العنف يبدأ في الذهن»؛ والتي تبنتْها منظمة اليونيسكو كشعارٍ، فإن أي جهدٍ لمواجهة هذا التحدي يجب أن يبدأ في أذهاننا. إذنْ، علينا أن نفند بكل قوةٍ «الأيديولوجية» التي تسيطر على عقول الإرهابيين. والقرآن الكريم يعطينا مثالاً على ذلك. فقد كان العرب، قبل الإسلام، في حروبٍ متواصلةٍ فيما بينهم.. فجاءهم القرآن برسالة سلامٍ ووئامٍ فقامتْ هذه الرسالة بإعادة هندسة عقولهم حتى تحولوا نتيجةً لذلك إلى قومٍ مسالمين. وقد أشادتْ الآية الكريمة رقم 103 من سورة آل عمران بواقع هذا التحول الفكري في تاريخ العرب حيث تقول: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). وفي التاريخ الحديث، نجد تحولاً فكرياً مماثلاً في اليابان. فقد تبنى الشعب الياباني، قبل الحرب العالمية الثانية، العنف أسلوباً لتحقيق أهدافه الوطنية. ومن جملة الممارسات المعروفة عندهم آنذاك ما اشتهر بعملية «هارا-كيري» وهي شكل من أشكال الهجوم الانتحاري. بيد أن المثقفين اليابانيين نهضوا، فور أن وضعت الحرب العالمية أوزارها، نهضةً جادةً لتوجيه شعبهم نحو طريق السلام ونبذ وسائل العنف. وهكذا برزت اليابان كبلدٍ مسالمٍ في العالم. وقد تحققت هذه «الأعجوبة» عن طريق نشر الأفكار السلمية من خلال الأدب الهادف والخطابات العامة والبث الإذاعي الموجه للجمهور. مما ساعد في إحداث تحولٍ جذريٍ في عقلية الشعب الياباني وبالتالي أصبحت اليابان دولةً سلميةً بعد أن كانتْ مولعةً بالعنف والحرب. ولا بد من تطبيق هذه الطريقة «المجرَّبة» بنجاحٍ في الماضي على أولئك الذين يلجأون إلى ممارسة العنف في عالمنا اليوم. لقد خلق الله تعالى كل البشر على نفس الفطرة التي، إذا استيقظتْ، استجابتْ لنداء الخير وابتعدتْ عن الشر. فكما أمكن في الأمس القريب إيقاظ هذه الفطرة لدى الشعب الياباني؛ يمكن أيضاً إيقاظها لدى الإرهابيين في الوقت الحاضر. على أن هذه القضية تتطلب منا العمل على مستويين: أولاً - علينا أن ندين العنف بعباراتٍ قاطعةٍ لا لبس فيها. فيجب أن نصارح مرتكبي هذه الأفعال الشنيعة بأنها ضد الإسلام وضد العقل معاً وهي لن تتمخض عن أية نتيجةٍ إيجابيةٍ أبداً. ثانياً- يجب علينا إبراز وتقديم تعاليم الإسلام السلمية والسمحة بأسلوبٍ مؤثرٍ لمن هم تحت تأثير أقاويل المروجين للعنف. * كتبه المفكر الهندي الشيخ وحيد الدين. * نقله إلى العربية أبو صالح أنيس لقمان الندوي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©