الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون بحراً.. والحق في الحماية

21 ديسمبر 2014 23:20
كيف يمكننا حماية إنسان فقد كل شيء، وتقطعت به السُبل وغامر بحياته هرباً من جحيم القتل والتعذيب على متن قارب غير مهيأ للإبحار؟ خاصة لأن هؤلاء اللاجئين لم يجدوا مناصاً من ركوب أمواج البحر العاتية بسبب عدم توفر قنوات الهجرة البديلة على الأرض اليابسة، وهم يفضلون المخاطرة في البحر على مواجهة العنف الذي يهربون منه. وأنا عائد لتوّي من اجتماع نظمته وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنيف، بحضور مسؤولين حكوميين ومستشارين وخبراء جاؤوا من أنحاء العالم للتصدي لأخطر مشكلة لجوء يشهدها العالم.. وهي اللجوء بارتياد البحر. وبسبب العدد الكبير من الأرواح التي تُزهق من بين هؤلاء اللاجئين الذين يركبون الزوارق، كان أحد أهداف الاجتماع منع الحكومات التي تتولى «إنقاذهم» من إعادتهم إلى جلاديهم. وبالرغم من المخاطر التي يتعرض لها اللاجئون عندما يهاجرون عن طريق البحر، فإن الأعداد الكبيرة منهم، خاصة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذين اختاروا الفرار إلى أستراليا وأوروبا، لا يلقون الاهتمام المطلوب في الولايات المتحدة. ويجدر التذكير بأننا نحن الأميركيين نعاني من «بشر الزوارق» الذين يتدفقون إلى الولايات وأغلبهم هاييتيون وكوبيون. ومنذ بداية عام 2010 وحتى نهاية النصف الأول من عام 2014، تعرض 15190 مهاجراً لحوادث خلال هروبهم على متن الزوارق في البحر الكاريبي. وخلال هذا الوقت، مات 240 منهم غرقاً وفُقد 176 منهم في البحر. ونجح رجال حرس الشواطئ الأميركيين في إنقاذ الباقين. وكل ضحايا هذه الحوادث هم رجال ونساء وأطفال مهاجرون من هاييتي وكوبا وجمهورية الدومينيكان ودول أخرى في البحر الكاريبي وأميركا الجنوبية. ويجب منح كل المهاجرين المعتقلين في البحر الكاريبي، حق اللجوء السياسي إلى البلدان التي يتجهون إليها بناء على معاهدة اللجوء لعام 1951 والبروتوكول الملحق بها لعام 1967. والآن، يتم تذكير اللاجئين الكوبيين والصينيين الذين تعتقلهم الولايات المتحدة بحقهم بطلب اللجوء السياسي وتعرض عليهم تحرير استمارة اللجوء بلغتهم الأصلية. وليس من الواضح ما إذا كان اللاجئون من جمهورية الدومينيكان وبقية دول أميركا الجنوبية وبقية المهاجرين تتم معاملتهم بهذه الطريقة. إلا أن من الواضح تماماً أن الولايات المتحدة تعامل الهاييتيين بطريقة جائرة تخلو من العدالة. وفي عام 2002، وقع الرئيس جورج بوش الابن أمراً تنفيذياً أعطى بموجبه صلاحيات كاملة للمدعي العام بالحكم بإعادة اللاجئين الهاييتيين إلى بلدهم من دون أن يقدم لهم أي التزام بضمان عدم تعرضهم للعقاب عند رجوعهم. وهذا الأمر، شأنه كشأن بقية الأوامر التنفيذية ذات الصلة بهذا الموضوع والتي صدرت عن الإدارات الأميركية السابقة، ما زالت سارية المفعول على الرغم من أنها تمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي من جانب الولايات المتحدة. وخلال العقود الثلاثة الماضية، أعاد حرس السواحل الأميركي جميع الهاييتيين الذين لم يتمكنوا من تقديم الإثباتات الدامغة على أنهم سوف يتعرضون للخطر عند عودتهم إلى بلدهم. وأما الذين ينجحون في هذا «الاختبار العسير» فإنهم يحصلون على حق اللجوء السياسي. ولا بد من أن تتضمن عمليات الإنقاذ التي يتكفل بها حرس السواحل الأميركي إعلام المهاجرين بحقهم القانوني في الحصول على اللجوء السياسي إذا ثبت خوفهم من السلطات التي فروا منها في بلادهم. ولا يجوز بأي حال من الأحوال إعادة أي شخص معتقل قبل أن تُمنح له الفرصة الكاملة لإثبات خوفه من العودة إلى وطنه باستخدام التقنيات المتخصصة. وينبغي على الولايات المتحدة توفير قنوات بديلة للهجرة الآمنة والقانونية يمكنها تخفيض حاجة المهاجرين للمخاطرة بحياتهم عند ركوب البحار. وتتضمن هذه المساعي تقديم المساعدات التقنية لدول المنطقة ومنح المزيد من التأشيرات ذات الدواعي الإنسانية وتأمين فرص أكثر للمهاجرين بالطرق القانونية. وحتى الآن، ليس هناك من يمتلك الإجابة حول تحديد الجهات المسؤولة عن مصير أولئك المهاجرين الذين يفرّون هرباً من خطر محدق بهم في بلادهم عن طريق الإبحار في خطر آخر. ولكن، وحتى لو اختار المهاجرون طريق البحر، فإن لكل منهم الحق في الحصول على الحماية من جلاديهم من دون الحاجة للصراخ والاحتجاج. وانطلاقاً من دفاعنا عن حق المهاجرين بالحماية، نأمل ألا تكتفي الولايات المتحدة وحكومات بقية دول العالم بالكلام خلال المناقشات المتعلقة بقضايا اللجوء والهجرة، بل إن عليها أن تستمع أيضاً إلى صوت الحقيقة. وهذا هو الأسلوب الأمثل لإنقاذ حياة الناس. مارك هيتفيلد* * محلل أميركي متخصص بشؤون اللاجئين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي.انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©