الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجرة تلحق الضرر بالبلدان الفقيرة!

9 ديسمبر 2013 23:17
لطالما ناضل الليبراليون من أجل حقوق المهاجرين، كما كافحت الشركات أيضاً لكي تكفل حق الناس في الهجرة. هناك فارق كبير. وقد أنشأ «مارك زوكربيرج»، مؤسس «فيسبوك»، مجموعة الضغط «إف دبليو دي. يو إس» هذا العام في محاولة لتوحيد القضيتين من خلال طرح برنامج شامل لإصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة، باعتبار هذه القضية تتعلق بالعدالة. يقول «زوكربيرج»: «هناك عدد كبير من الناس يبلغ عددهم 11 مليون نسمة، يعاملون معاملة غير عادلة في الوقت الراهن»، وكما لو كانت دعوة زوكربيرج تبدو وكأنها دفاع عن المصالح الذاتية -حيث إن برنامجه لإصلاح نظام الهجرة ينحاز لمصالح صناعة التكنولوجيا- فإن خطابه القوي يعكس محاولة لمناشدة الليبراليين المؤيدين للهجرة الذين يفترضون أن فتح الأبواب على مصراعيها هو العمل الإنساني الذي يتعين القيام به. لكنه إنساني بالنسبة لمن؟ ما يبدو جيداً بالنسبة للمهاجرين القادمين من أماكن فقيرة ليس دائماً بالشيء الجيد بالنسبة للبلدان التي يتركونها. الهجرة أمر جيد بالنسبة للبلاد الفقيرة، ولكنها ليست كذلك في كل أشكالها، وبأعداد غير محدودة. فالهجرة المفيدة التي تظهرها الأبحاث هي تلك التي يسافر من خلالها الشباب إلى دول تسود فيها الديمقراطية مثل الولايات المتحدة لتلقي التعليم العالي ثم العودة لبلادهم مرة أخرى. فهؤلاء الشباب يجلبون معهم المهارات التي اكتسبوها أثناء دراستهم التي تسهم في رفع إنتاجية الغالبية ممن يفتقدون إلى هذه المهارات. كما أن اتجاهاتهم تسهم في تسريع عملية التحول الديمقراطي. وعلى سبيل المثال، تظهر البيانات العالمية حول الطلاب من الدول الفقيرة الذين درسوا بالخارج منذ عام 1950 أن هؤلاء الذين درسوا بدول تتمتع بالديمقراطية ساعدوا على تسريع التحرر السياسي في أوطانهم، وقد ساعدت هذه العملية على تعزيز الدمقرطة عبر أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا. وفي مقال بصحيفة «واشنطن بوست»، تساءل زوكربيرج «لماذا نقوم بطرد أكثر من 40 بالمئة من خريجي الرياضيات والعلوم من غير أبناء الولايات المتحدة بعد أن نقوم بتعليمهم؟» من وجهة نظري: مهما كان السبب، فقد تكون هذه وسيلة فعالة جداً لمساعدة المجتمعات الأكثر فقراً! حتى ما يبدو وكأنه استنزاف للعقول (هجرة للأدمغة) قد يكون أحياناً مفيداً. فعندما يهاجر الأشخاص المتعلمون ويستقرون في دول أغنى، فإن الدول الفقيرة تعاني خسارة مباشرة. ولكن من خلال إظهار أن الجهد المبذول لتحصيل العلم قد ينتهي بانتصار، فإنها تشجع العديد من الآخرين لمواصلة التعليم، أيضاً. هجرة الأدمغة تصبح واقعاً فقط في حالة مغادرة العديد من المتعلمين. لكن الهجرة تحدث على نطاق واسع في العديد من البلدان الفقيرة. والأفضل أن تقل معدلات الهجرة عن ذلك. وقد كانت الهند والصين أكثر الدول المستفيدة من هجرة المتعلمين، حيث إن عدد السكان في كل منهما يبلغ مليار نسمة، لذا فان عدد المهاجرين يبدو قليلاً نسبياً. وفي المقابل، فإن الدول النامية الصغيرة لديها معدلات هجرة مرتفعة، حتى وإن كان أداؤها الاقتصادي جيداً: وعلى سبيل المثال، فإن معدل هجرة العمالة الماهرة في غانا يعادل 12 ضعفاً مثيله في الصين. وقد هيمنت الهند والصين، مع معدلات الهجرة المنخفضة وارتفاع معدلات العائد، على الفكر العالمي عن مدى تأثير الهجرة على دول المنشأ. ولكن التحدي التنموي الأساسي يتمثل في ما إذا كان بإمكان المجتمعات الصغيرة الفقيرة اللحاق بالركب. وعلى عكس الوضع في الهند والصين، فإن هذه المجتمعات لديها معدلات هجرة مرتفعة. كما أن هذه الدول ليس لديها الكثير للقيام به حيال هذا الأمر، ولكن بإمكاننا نحن فعل الكثير: فإن معدلات الهجرة لدى تلك الدول ترتبط بسياسات الهجرة لدينا. ويأتي معظم الضغط من أجل المزيد من الهجرة من الجاليات التي ترغب في جلب أقاربها. ولكن الانصياع لهذا الضغط لا يكون بالضرورة أمراً إنسانياً: فإن جلب الأقارب إلى الولايات المتحدة يقلل الحافز لإرسال التحويلات النقدية إلى الوطن. وعلى ما يبدو، فإن الحالة التي لا تقبل الجدل لفتح الأبواب للهجرة، تتمثل في توفير الملجأ لهؤلاء الذين يفرون من المجتمعات التي تعاني انهياراً. ويتعين حقاً على الدول الديمقراطية ذات الدخل المرتفع توفير مثل هذا الملاذ، ما يعني السماح للمزيد من المهاجرين بدخولها. لكن الحق في اللجوء لا يعني بالضرورة الحق في الإقامة. فالأشخاص المستعدون للفرار من مجتمعاتهم المنهارة هم عادة من النخب: الفقراء لا يستطيعون فعل شيء أكثر من الإقامة في خيمة على الحدود. ويجب أن تتمثل أولوياتنا في وضع سياسات للجوء من شأنها التوفيق بين واجبنا في إنقاذ هؤلاء الناس والشواغل المشروعة للحكومات في مرحلة ما بعد الصراع للعمل على عودة أبناء الوطن القادرين على إعادة بناء بلادهم. الشباب المشرق المغامر يمثل محفزات للتقدم الاقتصادي والسياسي. إنهم بمثابة العرابة التي تقدم المنفعة، سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، إلى سائر المجتمع. ونقل المزيد من العرابات من البلاد الأكثر فقراً إلى الدول الأغنى بإمكانه إلقاء الضوء في العديد من المجالات. فهو بالنسبة لمجتمع الأعمال بمثابة إمدادات رخيصة من المواهب، بينما يبدو لخبراء الاقتصاد كعناصر أكثر كفاءة، نظراً لأن هؤلاء الشباب قادرون على العمل في الدول الغنية أكثر من الدول الفقيرة. (ومما لا يثير الدهشة أن وفرة رأس المال والمهارات تسهم في رفع إنتاجيتهم). كما يبدو الأمر بالنسبة للذين يؤمنون بالحرية الشخصية بمثابة تحرير للخيار الإنساني من ثقل السيطرة البيروقراطية. ومن ناحية أخرى، يفضل العديد من الناس اعتبار الأمر كأنه نوع من المساعدة التي تقدم للفقراء للهروب من الأوضاع الصعبة في بلدانهم. لكن الأمر يبدو وكأننا نغذي حلقة مفرغة، حيث تزداد الأوضاع سوءاً في الوطن الأم بسبب هروب الكفاءات منها. بول كوليير أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة بجامعة «أكسفورد» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©