الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البحث عن حبة خردل

21 ديسمبر 2015 00:07
سيّدة صينية عاشت مع ابنها الوحيد في سعادة ورضا، حتّى جاء الموت واختطف الابن وحزنت السيدة حزناً شديداً على موت ولدها. ذهبت من فرط حزنها إلى حكيم القرية، وطلبت منه أن يخبرها عن الوصفة الضرورية لاستعادة ابنها إلى الحياة. أخذ الشّيخ الحكيم نفساً عميقاً، وهو يعلم استحالة طلبها ثمّ قال: أنت تطلبين وصفة؟ حسناً أحضري لي حبّة خردل واحدة بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً. وبكل همة أخذت السيدة تدور على بيوت القرية كلها، وتبحث عن حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً. طرقت السيدة باباً ففتحت لها امرأة شاب،ة فسألتها السيدة هل عرف هذا البيت حزناً من قبل؟ ابتسمت المرأة في مرارة وأجابت: وهل عرف بيتي هذا إلا كل حزن؟! وأخذت تحكي للسيدة أن زوجها توفي منذ سنة، وترك لها أربعة من البنات والبنين، ولإعالتهم باعت أثاث الدار الذي لم يتبق منه إلا القليل. تأثرت السيدة جداً، وحاولت أن تخفف عنها، وقبل الغروب دخلت السيدة بيتاً آخر ولها نفس المطلب، وعلمت من سيدة الدار أن زوجها مريض جداً، وليس عندها طعام كاف لأطفالها منذ فترة. ذهبت السيدة إلى السوق، واشترت بكل ما معها من نقود طعاماً، ورجعت إلى سيدة الدار وساعدتها في طبخ وجبة سريعة للأولاد واشتركت معها في إطعامهم، ثم ودعتها وفي الصباح أخذت السيدة تطوف من بيت إلى بيت تبحث عن حبة الخردل، وطال بحثها لكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقاً، لكي تأخذ من أهله حبة الخردل. وبمرور الأيام أصبحت السيدة صديقة لكل بيت في القرية، نسيت تماماً أنها كانت تبحث في الأصل عن حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن، ذابت في مشاكل ومشاعر الآخرين ولم تدرك قط أن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن. لست وحدك.. إذا كنت حزيناً ومهموماً، ومهما أصابك فتذكر أن غيرك قد يكون في وضع أسوأ بكثير. وصفة الحكيم ليست مجرد وصفة اجتماعية لخلق جو من الألفة والاندماج بين الناس، إنما هي دعوة لكي يخرج كل واحد من عالمه الخاص ليحاول أن يهب لمن حوله بعض المشاركة التي تزيد من البهجة في وقت الفرح والتعازي في وقت الحزن. جَهلَت عيونُ الناسِ ما في داخلي …. فوجدتُ ربّي بالفؤادِ بصيرا يا أيّها الحزنُ المسافرُ في دمي …. دعني، فقلبي لن يكون أسيرا ربّي معي فمَن الذي أخشى إذن …. مادام ربّي يُحسِنُ التدبيرا وهو الذي قد قال في قرآنه: (وكفى بربّك هادياً ونصيرا..). فكم من مسلوب دينه، ومنزوع مُلكه، ومهتوك ستره، ومقصوم ظهره في يوم، وأنت في عافية. فارس أسامة - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©