الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان: إجراءات صارمة بحق الشركات

20 ديسمبر 2015 22:48
في اليوم الأول من شهر يونيو الماضي، دخل «رمز حوكمة الشركات» الياباني الجديد Corporate Governance Code حيّز التطبيق. ويُعد هذا التطور خطوة واسعة ومهمة لإعادة إنعاش الاقتصاد الياباني الراكد. وستؤدي زيادة الإنتاجية للشركات اليابانية بسبب الالتزام به إلى تشجيع الاستثمار وتحرير المزيد من الموارد من أجل وضعها قيد الاستغلال من طرف رجال الأعمال الطموحين. ومن شأن هذا الرمز أن يدفع اليابان في اتجاه نظام رأسمالية حملة الأسهم، وبعيداً عن نظام هيمنة الشركات الذي تميزت إنجازاتها بنقص الفعالية. وهذا الرمز، الذي لا يمثل قانوناً بل مؤشراً استدلالياً، هو مجرد خطوة أولى من حزمة عروض توضيحية اطلعت عليها أثناء زيارتي مقر «الوكالة اليابانية للخدمات المالية» (JFSA) في أكتوبر الماضي. وفضلت الوكالة توصيف الرمز بأنه يشكل «نقطة البداية وليس هدفاً». وتكمن وظيفته بإشعار الشركات بما يتعين عليها فعله حتى تزيد إنتاجيتها، لكن الأمر يتطلب دعمه بالكثير من المراحل التقنية الضرورية للتأكد من أن تلك الشركات ستتصرف بالفعل وفقاً لما يوصيها به الرمز. لذلك، عمدت «وكالة الخدمات المالية» إلى تشكيل مجلس من الخبراء تتركز مهمتهم في التأكد من تنفيذ الشركات للتوجيهات التي يقدمها الرمز، ولاقتراح الخطوات المكملة الطارئة. ويشكل أعضاء المجلس مجموعة من كبار الخبراء وأساتذة الاقتصاد والباحثين والمديرين التنفيذيين والمستثمرين ومسيري الخدمات المالية. وإذا كان المجلس ينطوي على نقطة ضعف واحدة، فهي أنه لا يضم إلا شخصاً أجنبياً واحداً هو «سكوت كالون» من شركة «إيشيجو آسيت مانجمنت». ويهتم المجلس بتجميع الأدلة والقرائن التي تشير إلى مدى التزام الشركات اليابانية بالوصايا التي يقدمها لها الرمز. ولقد أظهرت الشركات التي تم إعداد التقارير حولها حتى الآن التزامها التام تلك التوجيهات. ونظراً لكثرة عدد الشركات التي لم يتم تحديد وضعيتها في هذا المجال، فإن الحكم الحقيقي على مدى التقيد بإرشادات الرمز لن يتحقق إلا في حلول نهاية ديسمبر الجاري. وحتى عند المرحلة الراهنة، فإن هناك مؤشرات مشجعة للتقيد بالرمز تؤكد على قناعة الحكومة اليابانية بضرورة تشجيع الشركات الحكومية والخاصة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة، إذ أن ذلك سيؤدي إلى تقوية وضع الحكومة ذاتها. لكن، ما الذي سيحدث لو أن مؤشرات التزام الشركات بإرشادات الرمز كانت أخفض مما تأمله الحكومة؟ في هذه الحالة، سيكون أمام «وكالة الخدمات المالية» حلان: أولهما محاولة إقناع مسؤولي تلك الشركات بالتقيد بها وتوجيه التوبيخ إليها. ويكمن الثاني في قدرة الوكالة على الضغط على تلك الشركات بشكل غير مباشر عن طريق المستثمرين. وفي عام 2014، قبل أن يظهر «رمز حوكمة الشركات» إلى حيّز الوجود، شرّعت اليابان «قانون الإدارة» الذي شجع المستثمرين على مراقبة أداء الشركات، وممارسة حقوق التصويت فيها، والاهتمام أكثر بمراقبة علاقاتها المؤسساتية. ومن الناحية التقليدية، يعد المستثمرون المؤسساتيون في اليابان من النوع «الكسول» لأنهم يراهنون على الشركات من دون التفكير بالتدخل في إدارتها. وكان الهدف من تشريع «قانون الإدارة» هو تغيير هذا النوع من الثقافة الاستثمارية. ودعت الوكالة المستثمرين إلى المشاركة في اتخاذ القرارات بأنفسهم والضغط على مجالس إدارة الشركات للعمل على رفع العوائد من خلال زيادة الإنتاجية. لكن هذه الأهداف التي وُضع القانون من أجلها لم تكن أكثر من مجرّد أحلام. وكان ذلك القصور كافياً لتحقيق تغيير مستدام في ثقافة إدارة الشركات. وخلال مؤتمر صحفي نظمته «وكالة الخدمات المالية»، شدد مسؤولوها على الأمل في أن يلعب المستثمرون الأجانب، مع وسائل الإعلام اليابانية، دور المراقب لأداء الشركات، وأن يطلقوا أصوات الإنذار عندما يلاحظون أن وسائل الحوكمة لا تتطور كما يجب. وتكمن المشكلة في أن المستثمرين الأجانب كثيرو التقلّب بحيث لا يدفعون برؤوس أموالهم أو يسحبوها إلا وفقاً لتوجهات المؤشرات المالية العالمية. ولو أن الشركات اليابانية كيّفت نفسها مع الاستجابة لرموز ومتطلبات الحوكمة والإدارة الفعالة، فسيكون هذا رائعاً. وحتى الآن، أظهرت تلك الشركات مؤشرات إيجابية في هذا الاتجاه. أما إذا رفضت الالتزام بتلك الرموز، فستجد «الوكالة اليابانية للخدمات المالية» نفسها في موقف عصيب. *نوح سميث* *أستاذ مساعد في علوم التمويل في جامعة «ستوني بروك» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «بلومبيرج نيوز سيرفس وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©