ما من مدينة في العالم توفر للسائح ما توفره سنغافورة، وكل من زارها يفكر في زيارتها مرة أخرى وقضاء وقت أطول
في ربوعها، ولا غرابة في ذلك، خاصة وأن هيئة السياحة السنغافورية أطلقت خلال السنوات الأخيرة شعارا من كلمتين هو: ''سنغافورة الفريدة'' لكنها طبقته بصدق وسعت لتحقيقه بكل السبل، فمطار ''شانجي'' الدولي الهائل المساحة،
والحدائق والأسواق والمتاحف وخدمات الفنادق والرحلات الداخلية وسفاري الأدغال مثلا،
لن تجد لها شبيها في أي مكان في العالم، وهذا ما سنكتشفه معا في الرحلة التالية·
تحقيق وتصوير - محمد الحلواجي:
سنغافورة وجهة استطاعت جذب السياح الإماراتيين والخليجيين والعرب بقوة لجملة من الإغراءات، فهذه البلاد الاستوائية الماطرة على مدار العام تتمتع بطقس صيفي معتدل يتراوح بين 26 و30 درجة وسط طبيعة خضراء خلابة ونهضة عمرانية واقتصادية تعتبر الأرقى في آسيا ولا تقارن إلا بدبي، ناهيك عن حسن الضيافة والأمان والحرص على النظافة الفائقة والتنظيم المذهل لأبعد الحدود في الحياة اليومية العامة، مما يسهل على زوارها الاستمتاع بالإقامة من خلال الإرشاد والمساعدة الكبيرة التي يلقونها في كل خطوة من خطواتهم· كما أن التركيبة الاجتماعية المتنوعة للمجتمع السنغافوري المتعايش بتسامح كبير بين المالاويين والصينيين والهنود والعرب الذين يمتلكون أحياء ومساجد وأسواقا ومدارس ومطاعم خاصة بهم، خلقت مناخات ومعالم سياحية قلّ نظيرها، فالدولة تحتفل رسميا بجميع الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية لكل طوائف شعبها بلا أدنى تفرقة، وهو ما خلق جوا متنوعا ودائما من الأعياد والاحتفالات الكرنفالية الصينية والهندية والإسلامية والمسيحية المبهجة على مدار العام·
مدينة حورية الأسد
سنغافورة بقعة مفعمة بالنشاط ومن السهل استكشافها سيرا على الأقدام عبر التجول في شارع ''أورتشارد'' الشهير عالمياً والذي سمي باسم أشجار الفاكهة التي كانت تكتظ بها المنطقة، ويعد المكان الأول للتسوق والتسلية حيث توجد بضائع ترضي جميع الأذواق إضافة لتشكيلة متنوعة من المطاعم ومعارض الفنون· كما يمكن التسوق في المدينة الصينية حيث محلات وبيوت الصينيين القديمة لا تزال مفتوحة بجوار ناطحات السحاب، كما يمكن الاستمتاع بأنغام الموسيقى الهندية في شوارع حي ''ليتل إنديا'' الذي يعج بالضجيج والنشاط· أما تمثال ''حورية الأسد'' فيعتبر أحد أهم المعالم في سنغافورة (تمثال نصفه العلوي برأس أسد، ونصفه السفلي يشكل جسم سمكة) ويمثل للسنغافوريين رمزا وشعارا وطنيا، حيث توجد رسومه وتماثيله وشعاراته في جميع الأماكن العامة والأسواق وصولا لطباعته على الميداليات والألبسة والدمى والتماثيل الصغيرة المتنوعة التي تتخذ صورته، بل إنه موجود حتى على مغلف علبة الشاي السنغافوري الأخضر، نظرا لارتباطه بحكاية أسطورية ساحرة في الموروث السنغافوري·
جزيرة السكينة
أما ''سينتوسا'' جزيرة السكينة والتي لا تبعد سوى خمس دقائق بالعبّارة عن مركز المدينة فهي ساحة للعب والرياضة، إذ تضم ملاعب للجولف والتنس، وحصنا قديما بسراديبه تحت الأرض، وخط سكة قطار فردي يأخذك إلى عالم التاريخ لتسترجع واقع سنغافورة القديم· كما يمكنك الإبحار وقت الغروب مارا بالسفن والمراكب في أكثر موانئ العالم ازدحاما وحين يلقي الملاحون المرساة عند جزيرة ''سنتوسا'' تنزل لتناول وجبة محلية من البوفيه والمقالي اللذيذة والفواكه الاستوائية· أما أبرز معالم سينتوسا فهو كورنيش ''ميرليون آند ميرليون'' وأرض البراكين وحديقة الدلافين وحديقة الفراشات والنافورة الموسيقية· بينما يمكن في المدينة زيارة الحدائق التخصصية، كالحديقة الصينية وحديقة ''عالم تحت الماء'' ورحلات السفاري الليلية ومدينة الثلوج ونافورة الحظ·
قطار الشرق السريع
عربات قطار الشرق السريع البراقة توصلك ما بين سنغافورة وبانكوك وتتوقف في ''بنانغ'' و''كوالالمبور'' في رحلة للزمن الماضي، حينما كان السفر مغامرة مثيرة تتم على مهل في مركبات فارهة، إذ يتسع القطار الفاخر لمئة وثلاثين راكباً فقط، يجلسون في عربات باذخة الترف يعيدهم ديكورها إلى صورة العهد الاستعماري وزمن رخاء مصابيح الغاز وفخامة الأثاث الداخلي وديكور الجداريات الخشبية الفاخرة، خاصة وأنه يضم مطعماً متخصصاً يقدم الوجبات المحلية اللذيذة بخدمة ممتازة، ناهيك عن مشاهدتك وأنت جالس في مقعدك المريح لمناظر الغابات وحقول الأرز الزمردية الخضراء والبيوت المقامة على الركائز، ومياه النهر والخط الساحلي الجميل على الجانبين·
متعة تسوق لا تنتهي
أسهل وسيلة للتنقل هي تاكسي العداد أو الباصات المكيفة لزيارة معظم المحلات ومراكز التسوق الكبرى التي تفتح أبوابها في العاشرة صباحا، وينتهي دوامها في العاشرة مساء طوال أيام الأسبوع، لتغلق أيام الأحد والعطلات الرسمية باستثناء أيام عطل الأعياد الرئيسية كرأس السنة الصينية والكريسماس· أما مركز مصطفى ذو الأقسام المتخصصة في (الهند الصغرى/ ليتل إنديا) مثلا، فهو الوحيد الذي يفتح 24 ساعة! إضافة للمراكز التجارية الحديثة العملاقة في قلب المدينة· وأبرز المنتجات والهدايا التي يمكن شراؤها هي التحف الأثرية والسجاد والالكترونيات والأزياء والأدوات الرياضية والمجوهرات والألعاب والساعات، حيث يتم خلال موسم التنزيلات السنوية الكبرى في شهر مايو تخفيض الأسعار المتدنية أصلا للسلع والمنتجات، أما شهر يوليو فيشهد مهرجان المأكولات·
شارع العرب
إذا أردت الإحساس بنكهة الحياة العربية فعليك بشوارع منطقة ''جيلانج'' حيث ستلتقي بقلوب ووجوه ما انفكت تعانق صور العروبة، وألسنة أخرى أنساها الزمن لغة الضاد في ''شارع العرب'' وتذكرت فجأة أقداح القهوة ورائحة الزنجبيل، التي تبعث بهجة صور الذاكرة وعذوبة الابتسامات القادمة من مختلف المدن العربية والإسلامية، وعلى رأسها صنعاء، القاهرة، بيروت، بغداد، وإسلام آباد، عبر مقاهي الشيشة والمطاعم اليمنية واللبنانية والمصرية والتركية والهندية، إضافة إلى سوق التحف والسجاد في الأسواق الشعبية·
عدد اليوم
