السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة روسيا والحل الماليزي

21 ديسمبر 2014 00:54
يوحي فشل خطة إنقاذ سعر صرف الروبل مقابل الدولار بزيادة احتمال فرض الحكومة الروسية رقابة على حركة رؤوس الأموال المحلية. ويعتقد فلاديمير بوتين بأن المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الروسي ليست إلا تداعيات لمكيدة غربية. وهو يرى أنه لم يعد هناك من حلول سوى تلك التي لجأت إليها دول يقودها زعماء مناوئون لسياسة الغرب التسلّطية، مثلما حدث في ماليزيا خلال الأزمة المالية العالمية لعام 1998. وكان القرار المفاجئ الذي اتخذه البنك المركزي الروسي برفع سعر الفائدة على الأموال المودعة في البنوك المحلية إلى 17 بالمئة سنوياً، ارتفاعاً من 10.5 بالمئة، قد أوحى للخبراء الروس بأنه سيحل مشكلة الهبوط السريع في سعر صرف الروبل مقابل الدولار. وسارع بعض صغار أصحاب الرساميل لإيداع أموالهم فيما أعرض الكبار عن هذا الحافز القوي الجديد وفضلوا استثمار أموالهم في شراء الأصول الروسية (عقارات ومنشآت وأصول غير مالية). لكن الروبل واصل هبوطه وخسر 10 بالمئة من قيمته مقابل الدولار بعد الإعلان عن هذا الإجراء. وكان الروبل يعاني خلال الأشهر القليلة الماضية من التراجع المتواصل في أسعار النفط. ويوم الاثنين الماضي انخفض سعر برميل «خام برينت» إلى ما دون 60 دولاراً. ولعل ما هو أدهى وأمر، أنه وبالرغم من هذه الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة، عمدت الشركة الوطنية الروسية للنفط «روزنيفت»، والتي يديرها صديق لبوتين يدعى «إيجور سيشين»، إلى رفع رأسمالها بمبلغ 625 مليار روبل (10.8 مليار دولار). وبدا هذا العمل إيجابياً في بداية الأمر، لكن الشركة اقترضت هذا المبلغ بسعر فائدة يبلغ 11.9 بالمئة يوم الجمعة الماضي. ويوم الاثنين، امتنع البنك المركزي الروسي عن القيام بأي إجراء فيما عدا السماح لشركة «روزنيفت» بضخ جزء من المبلغ الذي اقترضته في أسواق العملة الصعبة المحلية لتخفيف الضغط على الروبل. وأكدت الشركة من خلال بيان نشرته الإثنين الماضي أنها لن تعمد إلى استخدام أي روبل من احتياطيها بالعملة الروسية لشراء العملات الأجنبية. وعندما تم الإعلان عن رفع سعر الفائدة صباح الاثنين، ارتفعت أسعار الأسهم والأصول بسرعة صاروخية. وربحت الأسهم السيادية 14 بالمئة من قيمتها الاسمية بالمقارنة مع 13 بالمئة قبل 24 ساعة فقط من ذلك الإعلان. ورغم تأكيد «روزنيفت» بأنها لن تستخدم روبلا واحداً لشراء العملات الأجنبية، فإنه يصعب التأكد من هذا الوعد. وقد أثبتت الوقائع بأن سياسات البنك المركزي الروسي قد يتم تجاوزها حين يشعر أصدقاء بوتين بضرورة ذلك لتحقيق مصالحهم الشخصية. وسبق أن تعرضت ماليزيا عام 1997 لأزمة مشابهة. وبعد أربع سنوات من ذلك التاريخ، شرح الخبيران في جامعة هارفارد، «إيثان كابلان» و«داني رودريك»، القصة من خلال ورقة عمل مشتركة. وعندما ضربت الأزمة الاقتصادية الآسيوية ضربتها الموجعة عام 1997، كان وضع ماليزيا يشبه وضع روسيا اليوم. فقد كانت تمتلك احتياطياً ضخماً من العملات الأجنبية ومعدلات منخفضة لفوائد القروض قصيرة الأجل. ومن أجل التغلب على تلك المشكلة، عمد رئيس الوزراء في حينه مهاتير محمد إلى تبني سياسة اقتصاد السوق المدعومة برفع معدلات أسعار الفائدة وتخفيض الإنفاق الحكومي. إلا أن تلك السياسة لم تحقق النجاح المنتظر بسبب الانخفاض المتواصل في الاستهلاك والاستثمار المحلي، وعمّت السوق موجة من التشاؤم زادت الضغوط على سعر صرف العملة المحلية. وفي يونيو 1998، عمد مهاتير إلى تعيين رجل اقتصادي من الطراز الرفيع يدعى «دايم زين الدين» لمعالجة هذه المشاكل. وفي سبتمبر، أصدر «دايم» قراراً بمراقبة حركة رؤوس الأموال، ومنع العمليات التجارية لما وراء البحار، وحظر على المستثمرين الأجانب تحويل أرباح أموالهم إلى أوطانهم لمدة عام. وعبّر المحللون الاقتصاديون عن انتقادات لاذعة لتلك الإجراءات، وعانت ماليزيا من سوء السمعة في الأسواق العالمية بسبب ذلك. لذلك يرى الخبيران «كابلان» و«رودريك» أن مراقبة حركة رؤوس الأموال يمكن أن تمثل حلا فعالا لهبوط سعر صرف العملة المحلية. وقد تمكنت الحكومة الماليزية من تخفيض أسعار الفائدة، وما لبث الاقتصاد الماليزي أن دخل طور التعافي، وبدأت الحكومة بتخفيف القيود على حركة رؤوس الأموال تدريجياً بعد ذلك. إلا أن بعض الاقتصاديين أشاروا إلى أن دولًا مثل كوريا الجنوبية وتايلاند تغلبت على الأزمة دون الحاجة لفرض الرقابة على حركة رؤوس الأموال. ومن شأن هذه الحقيقة أن تعقد الحكم على الحلول المقترحة لهذه المشاكل. ليونيد بيرشيدسكي * * محلل سياسي - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©