الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وأميركا: تنافس عسكري

8 ديسمبر 2013 23:05
آثر أحد كبار الدبلوماسيين الصينيين أن يشبه الصين والولايات المتحدة بالدولتين الجارتين المتزاحمتين على مكان منفرد. فإذا واصل البيت الصيني توسعه وانتشاره المكاني، فسوف يتعيّن على الولايات المتحدة الابتعاد والانكفاء إلى موقع جديد. وفي 23 نوفمبر الماضي، أعلن وزير الدفاع الصيني عن خريطة جديدة توضح جزءاً مما أسماه «المنطقة المحددة لعمليات السلاح الجوي» في شرق بحر الصين والتي تضمّ أرخبيل «دياويو» الذي يتألف من سلسلة جزر متجاورة تقع الآن تحت حكم اليابان ويطلق عليها اليابانيون اسم «سنكاكوس» وتطالب الصين باستعادتها وتتصدى للطائرات التي تدخل مجالها الجوي. وهذا ما دفع رئيس وزراء اليابان «شينزو آبي» إلى وصف الإعلان الصيني بأنه «خطير». وسارعت الولايات المتحدة بدورها إلى تحدي هذا الإعلان بشكل فوري. ففي 25 نوفمبر، حلّقت قاذفتان استراتيجيتان من طراز «بي-52» فوق سلسلة جزر «سنكاكو» من دون إخطار بكين. ويعدّ نشر خريطة المنطقة المحددة لعمليات السلاح الجوي الصيني نوعاً من الاستفزاز والتحدي الذي لا يمكن تجاهله. ولم تتوانَ الولايات المتحدة عن التعبير عن حقها في مراقبة تلك المنطقة، وهددت «الإدارة الفيدرالية الأميركية للطيران» باستخدام القوة إذا لم يتم احترام حقها. وقال وزير الخارجية جون كيري في تصريح أدلى به يوم 23 نوفمبر إن الولايات المتحدة لن تفتح منطقة العمليات تلك أمام الطائرات غير المسموح لها بدخول مجالها الجوي. وفي 25 نوفمبر قال الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية جواباً على سؤال يتعلق بالموقف من قلق الحكومة الأميركية من تداعيات القرار الصيني: «منذ أعوام عقد الخمسينيات، وضعت الولايات المتحدة ومعها أكثر من 20 دولة بما فيها اليابان، مناطق محددة لعمليات سلاحها الجوي. ولهذا السبب فمن غير المنطقي أن تعارض قرارنا بتحديد منطقتنا». ومنذ تسلّم الرئيس «زي جينبينج» مقاليد السلطة في الصين، نوفمبر 2012، عمد إلى إطلاق سلسلة من السياسات الجديدة الرامية إلى تعزيز سيطرة الحزب الشيوعي وتكريس البيروقراطية الإدارية. لكنّه كان أثناء تطبيقها لا يتوانى عن الاقتباس من الخبرات والتجارب الأميركية في المسائل التنظيمية، ليستكمل سلسلة التغييرات المؤسساتية التي أطلقها في بلده والتي يمكن أن نعتبرها الإصلاحات الأميركية على الطريقة الصينية. ولعل أحد أوضح أمثلة هذا التقليد هو الذي اتضح في بداية شهر نوفمبر عندما أعلن المسؤولون الصينيون بأن بكين تعمل على تأسيس منظمة يمكنها أن تطور «الأنظمة والاستراتيجيات التي تضمن الأمن الوطني للبلاد»، وبأن هذه المنظمة سوف تكون مستلهمة من تركيبة «مجلس الأمن القومي للولايات المتحدة». واختارت بكين أن تطلق على المنظمة الجديدة اسماً يمكن ترجمته إلى الإنجليزية بصيغة «لجنة أمن الدولة»، لكن هذه اللجنة تتولى عملياً القيام بنفس النشاطات التي يتولاها «مجلس الأمن القومي» الأميركي والذي يقدم الاستشارة للرئيس فيما يتعلق بالسياسات والقضايا الخارجية. وعمدت القيادة الصينية إلى إجراء إصلاحات جذرية على منظومتها العسكرية بعد أن أصبحت تمتلك قاذفات استراتيجية بعيدة المدى يُحتمل أن تكون قادرة على حمل رؤوس نووية. وفي شهر أكتوبر، نشرت الصين صوراً ومعلومات عن أول جيل من الغواصات النووية في إطار استعراض التطورات المتسارعة التي تطرأ على قوتها العسكرية. وخلال السنوات الماضية، كانت النخب من المسؤولين الصينيين تتناقش حول أفضل الطرق لتعلم الدروس من القوى العالمية العظمى. ففي عام 2006 مثلا، أثار نشر سلسلة وثائقية تتألف من 12 جزءاً تحت عنوان «صعود الدول العظمى»، تتناول الطرق التي بنت بموجبها دول كالبرتغال وروسيا والولايات المتحدة، إمبراطورياتها الواسعة، جدلا واسعاً في الصين حول الطريقة التي يجب أن تسلكها القيادة الصينية من أجل تحقيق نهوض مشابه. ويبدو من مضامين أفعال وممارسات الرئيس «زي» أنه يأخذ الولايات المتحدة باعتبارها النموذج الأفضل الذي يمكن أن تقتدي به الصين. وخلال زيارته للولايات المتحدة في فبراير 2012، أبدى «زي» القليل من الإعجاب بالأطروحات الأميركية المتعلقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان. وبدا واضحاً جهله بنطق اللغة الإنجليزية بخلاف سلفيه «جيانج زيمين» الذي كان يجيدها، و«دينج زياوبينج» الذي اعتمر قبعة رعاة البقر أثناء زيارته للولايات المتحدة عام 1979. وحرص «زي» أثناء زيارته على عدم الاهتمام بالتقاط الصور التذكارية بقدر اهتمامه بإبراز القوة الجديدة التي أصبحت تتمتع بها الصين. وقبيل عقد اجتماع القمة مع أوباما في يونيو الماضي، قال «زي» لمستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون بأن الوقت قد حان لاستكشاف «الطراز الجديد من العلاقة بين القوتين العظميين»- يقصد الولايات المتحدة والصين- والتي وصفها بأنها لابدّ أن تكون مبنية على الندية بين الدولتين. إسحق ستون فيش محلل في السياسات الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©