الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التسوق «العشوائي» يؤسس للأزمات المالية

التسوق «العشوائي» يؤسس للأزمات المالية
7 ديسمبر 2013 21:00
عائشة محمد (أبوظبي) - يقبل كثيرون على التسوق من دون خطة مسبقة، وقد تبدو كلمة «خطة» غريبة بالنسبة لهم، ويتجولون في الأسواق بحثاً عن سلعة معينة، ثم تنتهي جولتهم بشراء حزمة من السلع غير التي ذهبوا لشرائها، ليتجدد بحثهم في اليوم التالي والثالث في جولات متتالية على مدى الأسبوع، وهو ما صنفته دراسة صدرت مؤخراً عن التسوق، بأنه عادة عند البعض قد تتحول إلى طابع مرضي، وفي الوقت ذاته ألمحت إلى أن هناك فئة أخرى تجيد عملية التسوق، وتتعامل معها على أنها فن تلبية الاحتياجات الضرورية، بعد إجراء ترتيبات تتعلق بالادخار، واستندت الدرسة إلى مقارنة بين حجم إنفاق الأسر، اتضح خلالها أن هناك، من يتعثر في توفير متطلباته الشهرية، رغم تقاضيه راتباً أعلى من آخرين، يستطيعون تحقيق التوازن المالي. فترة التنزيلات في جولة بالأسواق كانت البداية مع فاطمة صالح (22 سنة)، التي تتسوق فقط في فترة التنزيلات لاقتناء الأحذية والملابس، ورغم ذلك ترى نفسها مبذرة نوعاً ما، بسبب تسرعها في عملية التسوق، من غير أن تبحث عن السلعة في أكثر من مكان، وتجري مقارنة بين الأسعار، من أجل الحصول على البضاعة المناسبة بالسعر المعقول، مشيرة إلى أنها تتعجب ممن يعتبرون التسوق نزهة يتابعون خلالها ما تعرضه واجهات المحال، وبالتالي يجدون أنفسهم بالداخل، يسألون عن الألوان أو المقاسات، وأمام إغراءات التسوق وطرق البيع الذكية، ينتهي بهم الحال أمام صندوق الدفع، معتبرين أنها فرصة، لن تتكرر، لكنهم سرعان ما يرجعون إلى أنفسهم، بعد عملية الشراء، وبمجرد أن تطأ أقدامهم خارج مركز التسوق، تجدهم يراجعون الفواتير، وتبدو عليهم الحيرة، حين يشعرون بأنهم سيواجهون خللاً في الميزانية، قد يضطرهم إلى الاستدانة، أو الاقتصاد في أشياء أخرى ضرورية. أما الطالبة الجامعية هنادي أحمد فتستغل فترة العروض التسويقية في شراء العطور، والمكياج أحياناً، وتعتبر نفسها ماهرة في التسوق بنسبة 80%، حيث تحدد احتياجاتها قبل الذهاب إلى مراكز التسوق، وتضع خطة تتناسب مع ذلك، ونادراً ما تدفعها تلك العروض إلى شراء غير ما تحتاجه، لذا تنصح المتسوقين بتحديد مبلغ مالي للتسوق شهرياً، وأيضاً ضرورة الاستفسار عن مواعيد التنزيلات وفترة طرح البضائع الجديدة، مشيرة إلى ضرورة أن يراجع الشخص احتياجاته قبل التسوق، وعليه ألا يكرر عملية التسوق، وليفكر في الذهاب إلى أماكن أخرى يقضي فيها أوقات فراغه، خاصة أن الأجواء الشتوية، التي تعيشها دولة الإمارات في الفترة الحالية تفسح المجال أمام الجميع نحو زيارة العديد من الأماكن الأخرى. وترى شيخة البلوشي (24 سنة) أن حالتها المزاجية هي التي تتحكم في آلية تسوقها، فهي تقتني ما يعجبها من دون الاكتراث للقيمة، وتتسرع في عملية الشراء من غير تركيز في أهمية البضاعة ومدى حاجتها إليها، لذا تنصح نفسها والمتسوقين بضرورة التأني قبل الشروع إلى عملية التسوق، حتى لا تجد في حوزتها بالنهاية، العديد من الأشياء لا تحتاجها. الأصول الدينية المال نعمة من الله تعالى فهو قوام الحياة وبه يجلب الإنسان ما يهنأ به في عيشه، لذا فطرت النفس على حبه وعلى كسبه وجمعه، هذا ما يشير إليه طالب محمد الشحي، مدير إدارة الوعظ، في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، موضحاً أن الشريعة الإسلامية وضعت أصول التعامل مع العامل في حالة الكسب والاقتناء وفي حالة الإنفاق والبذل، ففي حالة الإنفاق والبذل رخص الله في أن ينفق الإنسان فيما يحتاجه ويحب، لكن من دون إسراف وتبذير كما هو الحال أثناء عمليات التسوق، فلا يكون الإنسان ممسكاً لماله فيتصف بالبخل ولا يبذر تبذيرا، وكل هذه الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة هي ما تكلم به أصحاب الاختصاص في جانب حسن التنظيم والتخطيط وما يتعلق بالموازنة الصحيحة. ويضيف «من الأمور المهمة في أصول الإدارة المالية ما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم من أخذ الدَّين إلا لحاجة، ومعلوم أن الدَّين يعرقل حسن الإدارة المالية والارتقاء بها، مشيراً إلى أن الإسلام لم يُحَرِّم زينةَ الحياة الدنيا والطيباتِ من الرزقِ، وإنما حَرَّمَ الاعتداءَ والطغيانَ والإسرافَ والتبذيرَ في الاستمتاع بها، فقد جعل الله تعالى المال للإنسان وديعة لينفقه على نفسه وعلى من كان تحت يده، لذا فهو محاسب على أي إخلال أو إساءة في التصرف به سواء في عمليات التسوق أو غيرها، فرسولُنا- صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: «كلوا واشربوا وتصدقوا والبَسوا ما لم يُخالطه إسراف أو مخيلة»؛ ويقول صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال». والتوسط والاعتدال من سمات ديننا الحنيف، فقد دعت النصوص الشـرعية المسلم إلى الاعتدال سواء في العبادة أو في سائر حياته، لذا يحث الشحي المتسـوق على أن يسأل نفسه قبل الشراء عن مدى حاجته لهذا الشيء أو ذاك، وعن قيمته فهو محاسـب عن هذا المال، وأن يكـون مسـتبصـرا فلا ينخدع بالعروض التخفيضية ليأخذ مالا يحتاج إليه، مضيفاً «ليكن كسـبك طيبا فالله لا يبارك إلا بالمال الطيب أي بما أباحه، ونظم مالك بشكل صحيح، وأعد تنظيمه حسب متغيرات حياتك فحياة العزوبية ليست كحياة الزوجية». وعي المستهلك تذكر راية المحرزي، رئيسة الحملة التوعوية في جمعية الإمارات لحماية المستهلك، أنه من الضروري أن يكون المستهلك على وعي تام بتفاصيل السلع من ناحية الجودة والأسعار، بحيث لا يقع في مصيدة الغش التجاري والتي باتت منتشرة لدى بعض التجار. وتضيف أن ثقة بعض المتسوقين بالتجار تخلق الكثير من التمادي في عمليات الغش التجاري، لذا تنصح رواد الأسواق والمجمعات بالدقة في عملية الشراء، إضافة إلى التحري والسؤال عن تفاصيل البضائع والمقارنة بين جودتها وأسعارها في جميع أماكن عرضها، مشيرة إلى أن عملية التسوق لا تتطلب مستوى علميا وثقافيا واسعا، بل إدراك ووعي كافيان بآليات التسوق الصحيحة، وتؤكد «نتلقى جميع الاستفسارات والشكاوى على مواقع التواصل الاجتماعي والأرقام الخاصة بجمعية الإمارات لحماية المستهلك». أبرز الأخطاء ترى رفيعة حمد، 24 سنة، أن شراء كميات كبيرة من البضاعة ذاتها خطأ يقع فيه الكثير من المتسوقين، فلا بد من التأكد من جودة البضاعة قبل شرائها، فيما يعتبر محمد خلفان (30 سنة) أن الإعجاب بالسلعة وحدها لا يكفي، فمن الضروري أن يطرح المتسوق أسئلة على نفسه، يقيس من خلالها مدى حاجته لها قبل الشروع في عملية الشراء، في الوقت الذي يوضح فيه مروان الحمادي، موظف في أحد البنوك، أن تصادم الأهداف التي يتم رسمها بالرغبات التي تجتاح المتسوق أثناء عملية الشراء هي أبرز الأخطاء التي تؤدي إلى عرقلة الإدارة المالية. ويعرف خالد حمد، موظف حكومي، (31 سنة) الإدارة المالية بأنها أفضل الممارسات لاستثمار الموارد المتاحة لجلب العائدات، موضحاً أن صنع القرار المالي عند التخطيط لشراء الاحتياجات من أفضل الأمور التي تساعد الفرد على إدارة أمواله بشكل سليم، والتي ستنقذه من الأخطاء خلال عملية التسوق، بينما ترى طالبة الإدارة والاقتصاد بدرية محمد، من مفهومها الشخصي للإدارة المالية، أنها القدرة على صرف المال بشكل فعال وبنظرة مستقبلية، إلى جانب السعي لاستثماره وعدم تبذيره في عمليات الشراء غير المهمة، ما يؤدي إلى الوقوع في أزمات اقتصادية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©