الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند في حرب!

17 ديسمبر 2015 22:42
في أكتوبر ونوفمبر 1962، تحاربت الهند والصين في أعالي جبال الهمالايا، ولا يزال ذلك الصراع يمثل جزءاً كبيراً من الوعي الهندي، حيث تُكتب عشرات الأعمال والأطروحات حوله، إذ مثل لحظة إذلال عندما خسر جواهرلال نهرو مصداقيته كرئيس للوزراء وفقدت الهند قيادتها لآسيا لصالح منافستها الصين. والحقيقة أنه بمعايير الحروب فإن تلك المواجهة كانت محدودة، حيث لقي أقل من 1500 جندي هندي حتفهم، واقتصرت المعارك على المناطق الجبلية، بينما لم تتأثر السهول والشواطئ. أما الأكثر أهمية بالنسبة لتاريخ الهند فكان الحرب العالمية الثانية التي قاتل فيها نحو 2?5 مليون جندي هندي، أصيب منهم نحو 90 ألفاً، وبدلت الحرب الحياة الاقتصادية والاجتماعية لشبه القارة الهندية، وغيرت بصورة جذرية تاريخها السياسي. ورغم ذلك، لم يُعِر المؤرخون سوى اهتمام ضئيل لتأثيرها على الهند، وللدور الذي لعبه الهنود في نتيجتها. ومن خلال كتاب «الهند في حرب.. شبه القارة والحرب العالمية الثانية»، تنضم المؤلفة «ياسمين خان» إلى مجموعة من الدارسين الذين بدؤوا سد تلك الفجوة الكبيرة في كتب تاريخ الهند المعاصرة. وتكشف «خان»، مؤلفة كتاب «التقسيم الكبير»، كيف تم تجنيد القرويين للخدمة العسكرية في مناطق نائية، وكيف كان دور والوحدات الهندية التي شاركت في معارك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتكتب المؤلفة بأسلوب يلمس المشاعر حول العمال الذين أجبروا على تعبيد الطرق لقوات الحلفاء، والشباب الذين استخدموا كعمال نظافة وخياطين وصانعي أحذية، وأولئك الذين كانوا يصنعون ويصلحون ويستبدلون الأزياء العسكرية، إضافة إلى الطباخين والخدم الذين كانوا يهتمون باحتياجات المقاتلين. وتناولت أيضاً رواية «خان» للأحداث القوى السياسية الفاعلة في حينه، ومنها حزب «المؤتمر» القومي الذي اختلف أعضاؤه بسبب الصراع في أوروبا. وكان تعاطفهم مع الحلفاء، لكنهم كانوا يرغبون بانتهاء الحرب من أجل أن تمنح بريطانيا الهند استقلالها، لكن عندما تم رفض ذلك المطلب، أطلق غاندي حركة «غادروا الهند»، والتي اعتُقل عشرات الآلاف من أعضائها، بينما سلك «سوبهاس تشاندرا بوس» طريقاً آخر، وأنشأ الجيش الهندي الوطني الذي سعى لتحرير بلاده بمساعدة اليابانيين. وبينما كان غاندي وبوس يبتعدان عن البريطانيين، كان محمد علي جناح وأنصاره يدشنون قاعدتهم بهدوء، لضمان وجودهم في الحل المستقبلي. ويحتوي كتاب «خان» على معلومات ثرية فيما يتعلق بالتحولات الديموغرافية التي تمخضت عنها سنوات الحرب، خاصة موجة المهاجرين الذين غادروا الريف إلى الحضر في الوقت الذي تطلبت فيه الحرب إنتاجاً صناعياً، أضف إلى ذلك تدفقات المهاجرين من بورما، والجنود البريطانيين والأميركيين الذين جاؤوا إلى الهند لقيادة عمليات برية وجوية ضد اليابانيين. وتذكر أنه بمجرد أن بدأ الصراع، أصبح الحكام أشد قسوة، فتم جمع الأموال اللازمة للحرب من القرويين ورجال الأعمال في المدن على السواء. ولعرقلة أي غزو ياباني محتمل لشرق الهند، دمر البريطانيون نحو 20 ألف قارب صغير كانت تستخدم في صيد الأسماك ونقل السلع الأساسية إلى القرى غير الموصولة بالطرق، مما أسهم في مجاعة البنغال الكبرى عام 1943، التي مات فيها ملايين الأشخاص جوعاً. ولفتت المؤلفة إلى أن فئة واحدة من الهنود ازدهرت نتيجة الحرب، هي رجال الأعمال الذين كانوا يصنعون البنادق وأكياس الرمال وأزياء الجنود، وجنى منتجو السكر والورق والنسيج أرباحاً طائلة، بينما زاد الخوف من شح السلع. وائل بدران الكتاب: الهند في حرب المؤلفة: ياسمين خان الناشر: جامعة أكسفورد تاريخ النشر: 2015
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©