الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العرب في الكنيست.. تحت رحى حملات التضييق والتشكيك والاتهام

16 مايو 2007 01:30
غادة سليم: لا شك أن استقالة عزمي بشارة النائب العربي في البرلمان الإسرائيلي والمعروف بمعارضته الشديدة للسياسة الإسرائيلية نكأت جرحا أليما في معاناة فلسطينيي 48 وكشفت القناع عن الوجه الزائف لديموقراطية الكيان الصهيوني· فبعد حملات التحريض الشرسة التي شنها نواب الكنيست اليهود للإطاحة بقياديي الأحزاب السياسية والجماهير العربية في إسرائيل أخيرا، آتت هذه الحملات أكلها بالتخلص من عزمي بشارة· فكان خروجه من الكنيست بمثابة إسقاط أولى حبات عقد النواب العرب المقرر له أن ينفرط· فهناك شبه إجماع على أن هناك مؤامرة أمنية تحاك ضد عزمي بشارة قد تؤدي إلى سجنه عدة سنوات· وأن الاتهامات الموجهة له ليست إلا سيفا تسلطه إسرائيل على رقاب العرب لدفعهم للبقاء في دائرة اللعبة البرلمانية والسياسية والحزبية المرسومة· فعزمي بشارة رئيس التجمع الوطني الديموقراطي والذي انضم للكنيست عام 1996 آثر أن ينسحب بعد ما تعرض له من حملات تحريض عنصرية على مدى سنوات· فلقد استمرت حملات التضييق عليه والتلويح برفع الحصانة عنه تمهيدا لمحاكمته بتهم خطيرة· وذلك بسبب دعواته المتكررة لوقف الحرب على لبنان وزياراته المتكررة إلى سوريا· وكانت الشرطة الإسرائيلية في أعقاب زيارة التواصل والتضامن التي قام بها بشارة مع وفد من نواب التجمع الوطني الديمقراطي إلى سوريا ولبنان قد استدعته إلى قسم التحقيق في الجرائم الدولية بدعوى انتهاك قانون أقره مجلس النواب الإسرائيلي في 2001 يمنع النواب العرب من زيارة دول معادية· إلا أن بشاره أكد أن الإسرائيليين يريدون تحجيم العمل السياسي في الوسط العربي ويعمدون إلى نشر الخطاب الذي يصور العرب على أنهم أقلية مهمشة لا تستحق المواطنة الكاملة التي تتناقض في الأساس مع الفكر الصهيوني· لقد استغل الإعلام الإسرائيلي نبأ استقالة عزمي بشارة لترسيخ مبدأ عدم أحقية المواطنة لعرب 48 وعدم أحقية أعضاء الكنيست العرب بالعمل البرلماني استنادا إلى عدم الولاء لدولة إسرائيل· وكشفت الحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها وسائل الإعلام الإسرائيلية حقيقة المواقف العنصرية ضد عرب الداخل والرغبة الدفينة لدى نواب الكنيست اليهود بالتخلص من نظرائهم العرب· إذ استقبل نواب الأحزاب الصهيونية في إسرائيل نبأ استقالة عزمي بشارة بارتياح كبير وأعربوا عنه بتصريحات مختلفة، دعا بعضها سائر النواب العرب إلى اللحاق به، ونادى البعض الآخر بإخراج الأحزاب العربية وقياداتها إلى خارج القانون· كما استخدمت في الحملة الإعلامية العدائية كلمات مثل خونة وأعداء وطابور خامس و جواسيس للعدو· في حين ذهب أحدهم إلى اقتراح أكثر عنصرية طالب فيه بإجراء اختبار أمني للولاء لكل النواب العرب بعد انتخابهم· ودعا نائب من حزب المستوطنين ''مفدال'' إلى اعتقال بشارة ومحاكمته وقال إنه سيبادر إلى تشريع قانون يحظر على كل من يزور دولة عدو لإسرائيل ترشيح نفسه للكنيست· في الوقت الذي اعتبر نائب من حزب ''كديما'' الحاكم استقالة عزمي بشارة هي أجمل هدية يمكن أن تقدم لإسرائيل في عيد استقلالها 59 · حبات العقد وتأكيدا على استراتيجية إقصاء النواب العرب من الكنيست واعتبار دفاعهم عن الحقوق العربية تجاوزا للخطوط الحمر· سن الكنيست قبل أعوام قوانين عنصرية ضد المواطنين العرب تهدف إلى الحد من ترشيح المدافعين عن قضايا العرب المحلية والسياسية ومنع قوائم المرشحين من خوض انتخابات الكنيست في حال شمول برنامجها على تأييد الكفاح المسلح أو الاعتراف بأية منظمة معادية لإسرائيل· ومن بين المبررات التي يستندون إليها في تشريع هذه القوانين اتهام النواب العرب بالتطرف والإدلاء بتصريحات تغضب النواب اليهود داخل الكنيست، ومن ذلك استشهادهم بكلمات النائب د· أحمد الطيبي في الكنيست والتي اتهم فيها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ''شاؤول موفاز'' بقتل الأطفال في الأراضي الفلسطينية· وبتصريحات النائب د·عزمي بشارة المساندة لدمشق وكذلك تأييد النائب طلب الصانع لعملية إطلاق النار على الجنود الإسرائيليين أمام وزارة الدفاع في تل أبيب· واعتبر النواب اليهود أن هذه المواقف المدافعة عن مصالح العرب تتناقض مع قسم الولاء الذي يتوجب على كل من يحمل عضوية الكنيست الإسرائيلي أن يقسم به ولاء لدولة إسرائيل· لذا يتوقع المراقبون أن يأتي الدور بعد عزمي بشارة على النائب الدكتور أحمد الطيبي رئيس الحركة العربية للتغيير والذي شغل منصب نائب رئيس الكنيست· فقبل أعوام وفي عهد أرييل شارون أقرت لجنة الكنيست تحديد تحركاته بسبب قيامه بزيارة زعيم في فصيل فلسطيني في رام الله· واتهم بتأييد الإرهاب وأنه لا يمكنه مواصلة تأييد العدو والبقاء عضوا في الكنيست· إلا أن الطيبي رد مدافعا بأن الشخص الذي التقى به ليس إرهابيا ولا يندرج ضمن قوائم المطلوبين لدى إسرائيل ولم يرد اسمه حتى في لوائح الإرهاب لوزارة الخارجية الأمريكية· واعتبر أن حق المقاومة الذي تؤمن به فصائل منظمة التحرير الفلسطينية حق مشروع، وأن الإرهاب هو إرهاب الاحتلال والمستوطنين· واعتبر أن تحديد حركته إنما هي محاولة لمصادرة حريته وعمله السياسي· وبالأسلوب ذاته كان نواب من اليمين الإسرائيلي قد طالبوا بفتح تحقيق من قبل المدعي العام الإسرائيلي مع النائب العربي في الكنيست محمد بركة نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك بدعوى اتصاله بمنظمة إرهابية، في أعقاب قيامه بزيارة أحد زعماء الجبهة الشعبية التي أعلنت مسؤوليتها عن قتل وزير السياحة الإسرائيلي اليميني ''رحبعام زئيفي'' وذلك ردا منه على اغتيال إسرائيل لزعيم الجبهة الشعبية أبو علي مصطفى· وكذلك الحال مع النائب العربي في الكنيست عن القائمة الموحدة إبراهيم صرصور والذي تعرض لملاحقات وتلقى تهديدات داخل الكنيست بسبب كشفه محاولات إسرائيل تهويد القدس الشرقية وتحويلها إلى عاصمة أبدية لها· كما تلقى النائب العربي طلب الصانع رئيس الكتلة القائمة الموحدة العربية للتغيير أمر استدعاء في مكاتب وحدة التحقيق في الجرائم الدولية التابعة للشرطة الإسرائيلية للتحقيق معه على خلفية زيارته لسوريا تلبية لدعوة من البرلمان السوري· في الوقت الذي دافع فيه الصانع عن زيارته لسوريا بأن من حق عضو الكنيست العربي زيارة أي دولة عربية، ووصف التحقيق معه بأنه ملاحقة سياسية وكارثية· وكان الصانع قد استفز النواب اليمينيين من قبل بتصريح له قال فيه إن استمرار احتلال هضبة الجولان لن يوفر الأمن لإسرائيل وطالب بتقديم تنازلات قبل بدء المفاوضات مع سوريا· وكذلك الحال مع جمال زحالقة رئيس كتلة التجمع الوطني وعبد المالك دهامشة النائب عن الحركة الإسلامية· لعبة برلمانية لقد استعرت حملة التحريض ضد النواب العرب أثناء الحرب على لبنان واستمرت بعدها، فقد جندت إسرائيل جميع أجهزتها لسحق حق الوجود السياسي لكل من أعرب عن موقف معاد للحرب· بل ويعمل نواب متطرفون في الكنيست الإسرائيلي منذ ذلك الوقت على تمرير قوانين عنصرية تجيز إهدار دماء النواب العرب في حال التعامل مع ممثلي منظمات فلسطينية توصم بأنها تخريبية أو حال زيارة أحدهم لدولة تصنفها إسرائيل بالعدوة· وتعد هذه القوانين جزء من حملة لسحب شرعية حق المواطنة من العرب و سحق حقهم في التضامن مع إخوانهم الفلسطينيين في الضفة والقطاع· وفي حال سن هذه القوانين فإنها ستعني أن النواب العرب لا جدوى من عضويتهم في الكنيست ما لم يتمتعوا بمواصفات إسرائيلية ويتوقفوا عن التصدي للسياسات الإسرائيلية تجاه العرب· ولكون النواب العرب بحكم كونهم أقلية لا يتجاوز عددهم 12 نائبا عربيا من بين 120 نائبا في الكنيست الإسرائيلي يتعذر عليهم التأثير في اللعبة البرلمانية الموجه ضد المصالح العربية، صادق الكنيست الإسرائيلي عام 2003 -رغم معارضة النواب العرب- على قانون إلغاء المواطنة والذي يهدف إلى تقليص لم شمل عائلات فلسطينية داخل الخط الأخضر مع أقربائهم من سكان الأراضي الفلسطينية، وربط القانون منح المواطنة بالاقتناع التام للقاضي بالولاء التام والتضامن الكلي للشخص مع دولة إسرائيل· لقد بلغت حملات التضييق على النواب العرب في الكنيست أوجاً جديداً، إذ فوجئ نواب الكنيست العرب الممثلين للشعب الفلسطيني داخل الخط الأخضر بقرار الإذاعة الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية بمنع إجراء مقابلات مع سياسيين عرب أو نواب كنيست من العرب دون الحصول على إذن مسبق من السلطات العليا· في حين أن الإذاعة العبرية تحرص على استضافة نواب الكنيست والسياسيين اليهود يوميا· ولا يحتاج الأمر إلى إذن قبل مقابلاتهم، واعتبر النواب العرب أن هذه التعليمات العنصرية غير قانونية وتستهدف أداءهم السياسي ووجودهم في الكنيست خاصة، وأن الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية تقدم تقارير سياسية منقاة للمواطن العربي· ومما لا شك فيه أن النواب العرب باتوا يمثلون مصدر إزعاج لصناع القرار الإسرائيلي نظرا لمواقفهم الوطنية وتصديهم للتجاوزات الإسرائيلية في انتهاكها للحقوق الفلسطينية داخل وخارج الخط الأخضر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©