الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا والأكراد.. فصل جديد من التصعيد!

21 مارس 2016 23:41
هز هجوم انتحاري وسط مدينة إسطنبول السبت الماضي، ما أدى إلى مقتل منفذ الهجوم وأربعة أشخاص آخرين في حي للتسوق والسياحة، علاوة على إصابة ما لا يقل عن 36 شخصاً. ويعد هذا الهجوم الأحدث في موجة من التفجيرات التي تجتاح تركيا التي يقال إن منفذيها من المسلحين الأكراد وتنظيم «داعش»، في حين لم يعلن أي من الطرفين حتى الآن مسؤوليته عن الحادث الأخير، على الأقل حتى وقت كتابة هذا التقرير. وتجد تركيا نفسها الآن في موقف لا تحسد عليه، فحالة الاستقرار فيها تتزعزع إلى حد بعيد، بسبب النزاع بين القوات الحكومية والأكراد، علاوة على تهديد تنظيم «داعش»، وإيوائها الملايين من اللاجئين السوريين، وكذلك الصراع الحزبي الداخلي بين الحكومة التركية والمعارضة السياسية. وفي هذا الصدد أشارت مجلة «الإيكونوميست» إلى أن «هذا التصعيد في عنف الإرهاب في تركيا لم يسبق له مثيل منذ زمن مديد». ومنذ نحو أسبوع أيضاً، أدى انفجار سيارة ملغومة في العاصمة أنقرة إلى مقتل 37 شخصا، بينما حصد تفجير آخر حياة 30 آخرين قبل أربعة أسابيع، حيث أعلنت جماعة كردية منشقة مسؤوليتها عن كلا الحادثين. وفي أكتوبر الماضي حمّل انتحاريون ينتمون لتنظيم «داعش» مسؤولية هجوم أدى لمقتل أكثر من 100 شخص في تجمع حاشد في المدينة نفسها. وقد ردت تركيا على الهجوم الأخير بشن ضربات جوية في اليوم التالي على مواقع عسكرية كردية في شمال العراق، وإلقاء القبض على عشرات من المسلحين في جميع أنحاء تركيا. يذكر أن الصراع يحتدم بين القوات الحكومية وحزب العمال الكردستاني منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، ما أودى بحياة 40 ألف شخص، وتسبب في انهيار عملية السلام المتعثرة في شهر يوليو من العام الماضي، ولم تعد إلى مسارها بعد. وفي حين تبدو هذه التفجيرات الأخيرة وكأنها نُفذت من قبل فروع من حزب العمال الكردستاني، إلا أن التغيير في التكتيكات التي تمثلها -استهداف المدنيين- من المرجح أن تلحق ضرراً سياسياً كبيراً بالمنظمة بأكملها. وفي هذا الصدد، تقول «الإيكونوميست» إن «قرار المنظمة بالتخلي عن تلك السياسة -تجنب الأهداف من المدنيين- سيلحق ضرراً كبيراً بالنضال الكردي من أجل الحصول على حقوق جديدة والحكم الذاتي، الذي يزعم حزب العمال الكردستاني العمل من أجله، وكذلك دوره في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا». وتأثير البعد الدولي في هذا النزاع معقد للغاية. فالولايات المتحدة تدعم الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني، باعتباره حليفاً في الحرب ضد «داعش»، ولكنها أيضا تقدر مساهمة الحكومة التركية في هذا الصراع. وفي الوقت نفسه، ينتظر الاتحاد الأوروبي بصبر نافد تنفيذ اتفاق المهاجرين الذي تم التوصل إليه مع تركيا مؤخراً، وهو الاتفاق الذي دفع من أجله ثمناً باهظاً. وفي ظل هذه الظروف تتردد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في التعبير عن مواقف حادة تجاه أي من الطرفين، على رغم «هجوم الحكومة التركية على البلدات والأحياء الكردية، الذي... يعرض حياة ما يقرب من مائتي ألف شخص للخطر ويرقى إلى مستوى العقاب الجماعي»، حسب ما تقول «منظمة العفو الدولية». بيد أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يرفض تحمل أي لوم، ويسعى بدلًا من ذلك إلى التضييق على المعارضة، وفقاً لما كتبه «فيرات ديمير»، وهو خبير من جامعة أوكلاهوما، ونشره في مجلة «فورين بوليسي». إن عدم رغبة الحزب الحاكم استكمال عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني المتشدد، وقمعه للحريات الفردية والصحافة وحرية التعبير، وازدرائه للديمقراطية البرلمانية وتبنيه للحكم الاستبدادي، ورهانه على استقطاب المجتمع، واعتباره أي انتقادات وكأنها خيانة، كل هذا ساهم في وصول البلاد إلى هذه الحالة الصعبة اليوم. فهل هناك مسار موثوق آخر للخروج من هذا الصراع؟ إن كل طرف يدعي أن الآخر يستهدف المدنيين: فالحكومة تشير إلى الحرب التي يشنها حزب العمال الكردستاني على نحو متزايد في المناطق الحضرية، في حين يتحدث الأكراد عن استخدام السلطات للأسلحة الثقيلة في بلدات ومدن في جميع أنحاء جنوب شرق البلاد، وهي المنطقة التي يوجد فيها أكبر تمركز للأكراد. ومع ذلك، فإن كلاً من الطرفين يحظى بتأييد كثيرين، فيما النزاع يتصاعد ومزيد من الأرواح تُفقد، سواء عن طريق ردود الحكومة أو التفجيرات الكردية. وتقول «مجموعة الأزمات الدولية» إن «السبيل الوحيد للتوصل إلى حل دائم هو إجراء محادثات سلام مع حزب العمال الكردستاني، مصحوبة، على مسار منفصل، بضمان مزيد من الحقوق الديمقراطية للسكان الأكراد في تركيا». * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©