الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الأسماء المستعارة.. لماذا يختفي وراءها بعض الصحفيين!

الأسماء المستعارة.. لماذا يختفي وراءها بعض الصحفيين!
17 ديسمبر 2015 01:46
محمد جاب الله (القاهرة) لفترة من الوقت سيطرت على الصحافة المصرية لأسباب مختلفة ظاهرة «الكتاب الأشباح»، وهم أولئك الصحفيون الذين ينشرون أعمدة أو مقالات بأسماء مستعارة. اختفت الظاهرة لفترة طويلة، لكنها عادت تطل برأسها مجددا عبر كاتبين باسمين وهميين وشخصية كرتونية طريفة تقدم برنامجاً تلفزيونياً، فيما يثير تساؤلات عدة حول الأسباب التي قد تدفع بعض الصحفيين لإخفاء أسمائهم الحقيقية، وتأثير ذلك على صناعة الإعلام عموما. يقول يحيى قلاش نقيب الصحفيين، أن هذه الظاهرة كانت موجودة في صحافة ما قبل ثورة 1952، حيث كان كثير من الكتّاب يضعون هذا القناع، لإثارة اهتمام الناس. ويشير قلاش إلى أن مصطفى أمين أحد أشهر الصحافيين المصريين في القرن الماضي كان يكتب مقالا في جريدة الأخبار باسم «ممصوص»، وهناك أيضا مفيد فوزي الصحفي المعروف الذي يكتب منذ سنوات طويلة عمودا أسبوعيا في مجلة صباح الخير باسم نادية عابد، كما كان الكاتب الراحل أنيس منصور يكتب باسم «شهيرة محمود». وخلال التسعينيات من القرن الماضي، بدأ رئيس تحرير أخبار اليوم إبرهيم سعدة يكتب عمودا باسم «أنور وجدي»، وكان ينتقد فيه بعض الشخصيات البارزة، كما دأب الكاتب الصحفي محمد علي إبراهيم في جريدة الجمهورية على نشر عمود في الصفحة الأخيرة باسم «المصري». أما الآن، فقد انحصرت الظاهرة في مقالتين. الأولى تظهر بتوقيع «ابن الدولة» في صحيفة اليوم السابع، ويقول البعض إن رئيس تحرير الصحيفة خالد صلاح ربما هو من يكتبها. والثانية عمود «نيوتن» في صحيفة المصري اليوم. ويقال إن الكاتب الصحفي عبدالله كمال رئيس تحرير مجلة روزاليوسف السابق ظل مسؤولا عنها حتى وفاته. ويقول البعض إن المقال كان يرسل مباشرة إلى رئيس مجلس إدارة الصحيفة صلاح دياب، ومنه إلى رئيس تحرير الصحيفة. ويتردد أن الطرفين اتفقا على هذه الطريقة في النشر، حتى يطالع القراء المقال من دون أحكام مسبقة على كاتبه. أما الآن فيتابعها رئيس مجلس إدارة المصري اليوم رجل الأعمال صلاح دياب لكن محرري الصحيفة يؤكدون دائما بأنها ستظل غامضة. والأسباب التي قد تدعو إلى اختفاء كاتب وراء اسم مستعار عديدة. يقول أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ورئيس قسم الصحافة والنشر د. محمود علم الدين إن الاسم المستعار كان يستخدم كثيرا للهرب من قيود السلطة خاصة بعد 23 يوليو 1952، وانحسر الأمر تدريجيا في عصر الرئيس السابق حسني مبارك، حتى صار هناك عدد محدود من 6 أو 7 كتاب فقط هم من يكتبون بأسماء مستعارة. ويضيف علم الدين أن حالة الانفتاح التي تعيشها الصحافة المصرية، فضلا عن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والنشر الإلكتروني عموما، تحد كثيرا من الأسباب التي قد تدعو كاتبا لاستخدام اسم مستعار. في الوقت نفسه، برزت مؤخرا في ساحة الإعلام المصري شخصية كرتونية باسم «أبلة فاهيتا» أثارت كثيرا من الجدل والصخب، بطريقة أداء وأفكار غريبة وجريئة. ظهرت أبلة فاهيتا في البداية عام 2010 في إعلانٍ لشركة «فودافون» حَمَلَ عنوان «شريحة المرحوم»، ونُشر على الإنترنت من أجل الترويج لشريحة جديدة للهاتف المحمول بأسلوب ساخر يميّز شخصيّة الدمية. ثم تطور الأمر إلى إنشاء قناة خاصة على «يوتيوب»، تضمّنت فيديوهات جمعت «أبلة فاهيتا» بمشاهير وأخرى رَوَت قصة حياتها. ثم قررت إحدي القنوات الفضائية أن تتبنى «أبلة فاهيتا» وتصنع لها برنامجا تلفزيونيا شهيراً. كل ذلك، ولا أحد يعرف من هي أبلة فاهيتا، لكن يقال إن فريق العمل مؤلف من شخصين هما مبتكر الشخصية وصاحب صوتها، وهما يرفضان الكشف عن هويتهما، ومعهما مديرة أعمال الشخصية. أحد معدي برنامج أبلة فاهيتا «أحمد يحيى»، قال لنا في اتصال هاتفي عندما حاولنا ترتيب موعد للقاء «أبلة فاهيتا» إنه «ممنوع على الأبلة أن تقابل حد، والشخصية لازم تفضل سرية، لكن هحاول أحدد لك ميعاد معاها لأنها مشغولة في تحضير البرنامج»، علي حد قوله. ويعتبر القائمون على برنامج أبلة فاهيتا أن الجدل المثار حول الشخصية يعد بمثابة شهادة نجاح ودليل جماهيرية الدمية الغامضة. وهم يتسلون كثيرا بذلك فيما يبدو، مما يجعلهم يصرون على مواصلة الاختباء. ويتردد بين المقربين من البرنامج أن شابين من خريجي الجامعة الأميركية كانا يعملان بشركتي اتصالات وإعلانات هما أصحاب الشخصية، ويبدو أنهما فوجئا بنجاح تجربتهما على اليوتيوب، فقررا مواصلة اللعبة دون الكشف عن هويتهما. وبالطبع يثير ذلك الكثير من الصخب حول كل ما يخص الشخصية الكرتونية الغامضة. وللأسف الشديد ثمة جانب سلبي لظاهرة عدم كتابة بعض الإعلاميين لأسمائهم الحقيقية، يتمثل في استغلال الاسم المستعار، لتجاوز الحدود المهنية في حق البعض. فقد حدث خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك أن عمد كتاب مجهولون يكتبون بأسماء مستعارة إلى توجيه انتقادات لاذعة وتهم خطيرة لبعض الشخصيات السياسية، على نحو كان يضعهم تحت طائلة القانون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©