الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متاحف أبوظبي.. مختبر الكفاءات

متاحف أبوظبي.. مختبر الكفاءات
18 ديسمبر 2014 14:18
التقت «الاتحاد» نخبة من موظفي الهيئة القائمين على مشاريع المتاحف في قطاعات وأقسام مختلفة، وحاورتهم لمعرفة مدى الدعم الذي يتلقونه في عملية إشرافهم على مراحل التحضير والبحث، وإذا ما تمّت تهيئة شريحة إماراتية تستطيع الاهتمام والإشراف على مؤسسات كبرى كتلك التي يجري تجهيزها في منارة السعديات بأبوظبي. معايير ومتطلبات وكمدير مركز المصادر الثقافية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، تقول شيخة المهيري: «إن جميع الموظفين في القطاع الثقافي في الهيئة، يتم اختيارهم بدقة كبيرة، تعتمد على الاحتياجات القائمة من جهة، وعلى الإمكانيات والمهارات التي يتمتعون بها، خاصةً ونحن نغطي في مشاريعنا وأعمالنا مجموعة أقسام، من مسرح، سينما، فن تشكيلي، فنون أداء، متاحف، كتابة إبداعية وغير ذلك الكثير». وتشير المهيري إلى برنامج التدوير الذي يتيح للموظف، وبعد تعيينه في الهيئة بعدة أشهر، أن ينتقل من قسمه الذي يعمل به أصلا، إلى العمل مع بقية الأقسام للاطلاع على كيفية عملها بما يؤسس لديه أرضية متينة تؤهله لمعرفة ما هو مطلوب منه بشكلٍ دقيق ووفق معايير ومتطلبات من أرض الواقع. كذلك يمكن لمن يشتغل في قطاع المتاحف أن يتواجد في أماكن أخرى تهتم بالفنون المختلفة ومن جوانب متعددة، كما يمكن للباحث المهتم بالتقصي وراء المعلومات والحقائق لصالح الهيئة، أن يطلع على عملية النشر وأن يعرف ماهية نظام هذه المؤسسة من الألف إلى الياء، وكل موظف حسب المجال الذي يسعى إليه، مبينةً أنه وفي حين يبدو كل قسم منفصلاً عن القسم الآخر، إلا أن كل الأقسام تخدم بعضها البعض ضمن حالة متكاملة من الرؤية الثقافية للمجتمع الإماراتي. وعن البعثات الخارجية توضح أن المرحلة الأولى تعتمد على تنسيق فترات العمل والاحتياجات مع المؤسسات الأخرى، بحيث يبعث الموظف بناء على نوعية وتطورات الوظيفة، وقد يحدث أحياناً أن يبدأ العمل في مجال الفنون ليتحول بعدها إلى قسم آخر كالمتاحف مثلاً. بعدها نقوم بإرساله إلى مؤسسات وهيئات خارج الدولة مثل المتحف البريطاني ومتحف جوجنهايم، الشيء الذي يمكّنه من الاطلاع على آلية عمل هذه المؤسسات الكبرى التي أصبحت رموزاً هامة في عالم المتاحف والفن، ونحاول أن يعيد الموظف تجربته عند العودة إلى هنا، ولكن ضمن ظروف محلية تنفتح على العالمية. وفي مشوارها لبناء طاقم عمل إماراتي قادر على مواجهة التغييرات الهائلة في المجال الفني والمتحفي داخل دولة الإمارات، وبالتحديد في إمارة أبوظبي، فإن الهيئة وكما تبيّن المهيري، تعتمد على عدة برامج تدريبية يخضع لها الموظفون وغير الموظفين من طلاب جامعات ومهتمين، فقد ذكرت البرنامج الخاص بالتدريب العملي للطلاب، حيث يأخذون من الجامعات مجموعة صغيرة من الطلاب سنوياً أو فصلياً، تخصص فنون، ثقافة، متاحف أو علوم إنسانية وحتى من المجال السياحي، ليقضوا 8 أسابيع تدريبية تمكنهم من التقدم إلى التوظف في الهيئة. من البرامج الموجودة أيضاً، برنامج اكتشف، الذي يتيح للخبير فرصة تعليم الآخرين ويتيح للموظفين التعرف على الخبرات الموجودة في المؤسسة في اختصاصات: الآثار، التراث، الموسيقى، وغيرها. ويتيح استقطاب الخبراء من الجامعات ليقدموا محاضرات وجلسات نقاشية في الثقافة حول أفكار ومواضيع تهمنا، كالعلاقة القائمة بين المتاحف والمجتمع القائم. كما تؤمن الهيئة مكتبة متخصصة في الثقافة، يمكن للموظفين والراغبين بالبحث والدراسة، الاستفادة منها. خبرة وتفاعلكل ما سبق يأتي إلى جانب دورات التعليم المستمر، التي تعدّ سنوياً بين 6 ـ 7 دورات بإشراف خبراء في مجالات تخدم المواضيع المطروحة. وقد يخوض الموظف في العام الواحد 3 أو 4 دورات منها، مع العلم أنها تأتي حسب التوصيفات المهنية، فمنها ما هو موجه للمديرين وللمتخصصين، الشيء الذي يمنح جميع العاملين في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، درجة عالية من الاستفادة، ليعرفوا المطلوب منهم في علاقتهم بالمتاحف المتواجدة. وهنا تشير المهيري إلى أن هذه المهمة تعتمد على الفرد أكثر من اعتمادها على المؤسسة نفسها، فالراغب بالتعلم والتطور سينجح حتماً في الوصول. وإن متاحف أبوظبي تدار من فريق كبير متخصص ومطلع على التجارب العالمية، وإن الرهان الحالي هو على الزمن، فالعملية مستمرة ولا يمكن لها أن تتوقف. وتروي لنا مساعد أمين السجلات في الهيئة، علياء زعل لوتاه التي درست تاريخ علوم المتاحف في جامعة السوربون أبوظبي، تجربتها في العمل مع الهيئة ضمن القطّاع المتحفي، موضحةً كيف خضعت لـ 4 دورات تدريبية السنة الماضية حول العمل في المتاحف مثل: مبادئ وأساسيات الاقتناء ودراسة الأسعار. ودورات تنسيق المعارض والقيّم الفني كظاهرة ضرورية وجديدة هنا، وذلك في مناطق مختلفة. وتقول: «المتاحف عندنا لم تفتح بعد، لذا فإننا نحاول أن ندرس حاجياتها، تفاعلاتها مع المجتمع المحيط وبعض التفاصيل الضرورية. ومن أهم التدريبات التي أجريتها كانت في متحف «بومبيدو» في باريس، من ثلاثة أشهر قبل الالتحاق بمتحف اللوفر وتحديداً في صالة الفن المعاصر. كذلك خضعت الشهر الماضي إلى دورة تدريبية مكثفة كانت مدتها شهر واحد، حول بيكاسو مع القيّم الفني Didier Ottinger في «بومبيدو». وتجدر بنا الإشارة إلى أن التدريب كموظف يختلف كثيراً عن التدريب كطالب، فالخبرات العملية ضرورية لمن يعمل في هذا القطاع من الثقافة والفنون». وتضيف: «جميع الدورات الحالية هي بدعم من الهيئة، وهي بداية لمشاريع قادمة ستكون أكثر جدوى وأكثر فاعلية. فالفائدة لا تكون على الصعيد الفردي فقط، بل على صعيد المجتمع ككل وعلى أساس تحاور الثقافات. على سبيل المثال أذكر تجربتي مع «جان كلار» احد مناهضي متحف اللوفر أبوظبي، وأثناء سفري قابلته وتكلمت معه ومع ديديه عن المتحف واقتنع بوجهة نظرنا، وما كان منه إلا أن أهداني كتابه الذي يخوض في ذات الموضوع، اليوم بعد ان تعرف على موضوع المتحف من وجهة نظرنا، يؤكد أنه لم يكن ليكتبه لو تحاور معي من قبل». أساسيات التفعيلويحدثنا فراس سعيد بردان مدير التصميم الجرافيكي في المتاحف في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، فيقول: «بدأت عام 2010 بالعمل على المعارض والمشاريع من ناحية الدعاية والإعلان وبعدها خضعت لعدة تدريبات وورشات، ففي البندقية وضمن جناح الإمارات في البينالي عام 2011، كانت فرصتي كبيرة للاطلاع على الفن الحديث والمعاصر وتعرفت وقتها على فنانين واختصاصيين، ثم ذهبت عدة مرات للمشاركة في مؤتمر «التواصل والتنسيق حول المتاحف» في نيويورك والسويد واستراليا، وأثناء سفري إلى امستردام التقيت بعدد كبير من الأشخاص المتخصصين في قطاع المتاحف والفنون، لكني استثمرت وقتي أكثر بتعلم استراتيجيات الدعاية والإعلان والتسويق للمتاحف من خلال التصميم والجرافيك». ثم يتابع: «ومن خلال تواجدي في المتحف البريطاني في لندن، قدم لي الخبراء هناك مجموعة من الأساسيات في كيفية تفعيل المتاحف بأبوظبي، وبدوري وعبر مهمة التصميم كنت أبحث حول هذا الموضوع، وواجهت عدة أساسيات بديهية لكنها كانت تحتاج إلى دراسة جدية وعميقة للفكرة، من بينها ضرورة وجود الهدايا التذكارية كوسيلة للتعريف بالمتحف وللتسويق له في الوقت نفسه». كذلك يشير إلى أن قسم التطوير المهني في الهيئة يحدّد كيف ترتسم المسيرة المهنية لكل الموظفين من بينهم هو. فالأمر لا يتوقف بالنسبة له عند «التصميم» حيث إن الاستمرار والتجديد لا بد منه لأجل التطور مهنياً للفرد وللمؤسسة. ويقول: «صراحة فإن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة تبذل جهداً كبيراً في إطار التطوير المحلي ثقافياً وفنياً، وبفضل الخبرات التي اكتسبتها خلال 6 سنوات مضت، عبر الدورات والورشات والبعثات، وحتى بسبب ممارستي العملية للمهنة، استطعت الوصول إلى هذه المرحلة كمصمم لجميع المتاحف بأبوظبي، وهو نوع من التحدي الكبير، حيث إني كنت أمارس تخصصي في التصميم في طيران الإمارات». مع الجمهورأما أمل أحمد بن ذيبان، الباحثة في مشروع متحف زايد الوطني، فتؤكد أنها بدأت عام 2011 تعدّ الأبحاث لـ 7 صالات عرض تابعة للمتحف، وتعمل بجمع التاريخ الشفاهي وأجرت مقابلات مع أشخاص إماراتيين ومع أشخاص عاشوا قديماً في هذا البلد ولازالوا حتى اليوم. وبجمع معلومات ميدانية وتوثيقها للاستفادة منها ولعرضها في المتحف كمراجع ضرورية، إلى جانب بناء العلاقات والثقة المتبادلة وفرض حالات التعاون بين المؤسسات والهيئة. وتوضح: «في الـ 2012 بدأت رحلة التطوير والتدريب مع الهيئة، فذهبت إلى المتحف البريطاني 5 أسابيع كدورة مكثفة، للتعرف على آلية عمله وتنظيمه. وقمت بجولة استكشافية وبحثية على كثير من المتاحف المتواجدة في لندن من بينها «متحف المواصلات»، مكنتني من اكتساب الخبرة اللازمة لهذا العمل، خاصة في مجال توزيع الشرائح المجتمعية ودراستها بعلاقتها مع المتحف كحالة فنية وثقافية. حيث اكتشفت وجود متاحف مخصصة للطلاب وأخرى تهتم بفئة وشريحة معينة من الناس، وكل ذلك يصب في سؤال هام هو: ماذا نريد من الجمهور في تعاطيه مع المتاحف؟». أيضاً تضيف: «وكما تجري العادة، أخضعني قسم التطوير المهني في الهيئة لعدد من الدورات التدريبية من قبل محاضرين قدموا لنا دروساً عملية وأخرى نظرية، بغرض تطوير آليات العمل والاستفادة من خبراتهم وأبحاثهم. ويهتم برنامج «التدوير» ومن خلال السماح لي بزيارة كل قسم من أقسام الهيئة على حدة والعمل معه وإعداد مشروع وخطة بالتعاون مع أعضاء فريقه، بأن أكون في المكان الذي يناسب خبراتي ورغباتي مستقبلاً. وبالحديث عن المستقبل أذكر تدريبي القادم في المتحف البريطاني والذي سيفيدني في دراسة الشرائح المجتمعية من أجل تهيئة الشعب الإماراتي المحلي لتجربة المتاحف المستقبلية، لتصبح بالتالي هذه الثقافة عبارة عن ثقافة حياتية معيشة كل يوم، لا أن تكون معدّة للسياح فقط، حيث إنها تنفتح على نواحٍ تعليمية وتربوية عدا عن أنها مكان آمن للجميع. وهذا كله بدعم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي تعزز روح المسؤولية عند موظفيها وعند العاملين ضمن مختلف قطاعاتها. وتظل المهمة الأكبر واقعة على عاتق الفرد نفسه، فبإمكانه أن يختار التطور والاستمرار بقراءته ومتابعته الدائمة والشغوفة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©