الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا.. إرباك للحرب على «داعش»

14 ديسمبر 2015 23:25
تُعتبر روسيا لاعباً نشطاً ومشاركاً ضرورياً في أي اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار أو تسوية في سوريا. وفي هذا الصدد، سعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري جاهداً رفقة نظيره الروسي لإيجاد توافق مقبول في ظروف جد صعبة ودموية. ولكن الولايات المتحدة ما زالت تعارض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودعمها المتواصل للرئيس السوري بشار الأسد. وعلى الرغم من هذا الواقع، إلا أن إدارة أوباما تبدو مستعدة للعمل مع روسيا من أجل تحقيق هدف أهم وأكثر إلحاحاً، ألا وهو محاربة تنظيم «داعش» والقضاء عليه. والواقع أن بلوغ هدف قتال روسي- أميركي حقيقي ضد «داعش» صعب بما يكفي في ظل هذه الظروف، علماً بأن ثمة ضغوطاً إضافية من أجل التعاون عقب الهجمات الإرهابية في باريس وشرم الشيخ وسان بيرناردينو. وعلى الرغم من هذا المناخ السياسي المسموم، إلا أن روسيا والولايات المتحدة كانتا تحرزان تقدماً دبلوماسياً إلى أن قامت تركيا، حليف أميركا في «الناتو»، بإسقاط مقاتلة روسية خرقت مجالها الجوي. ونتيجة لذلك، تسببت تركيا في إزاغة المحادثات عن سكتها وقتلت أي اتفاق روسي- أميركي. والأدهى من ذلك هو أنه عندما أسقطت تركيا طائرة سوخوي 24 الروسية كان يمكن أن يتسبب عملها ذاك في رد انتقامي روسي فوري. فقد بلغ التوتر بين الناتو وروسيا أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة في وقت أشار فيه بعض المحللين إلى أن عمل تركيا السريع أوصلنا إلى حافة حرب عالمية ثالثة. ولكن، لماذا يقدم أي حليف لأميركا على مثل هذه المخاطر ويضع تحالف الناتو العسكري في موقف مواجهة صعب مثل هذا؟ الواقع أن الحلفاء مثل تركيا يفترض بهم أن يساعدوا شركاءهم، لا أن يورّطوهم. هذا السلوك يسميه علماء السياسة والاقتصاد «مجازفة سوء النية» أو «الخطر الأخلاقي» – والمقصود بذلك المجازفة بشكل كبير وترك الآخرين يدفعون الثمن. الرئيس التركي رجب طيب إردوجان يقدم على هذا الخطر الأخلاقي لأنه يدرك أن أي هجوم عسكري روسي انتقامي على تركيا بسبب إسقاط الطائرة يمكن أن يؤول على أنه هجوم على كل الناتو. والفصل الخامس من اتفاقية الحلف يمكن أن يدفع الحلف العسكري لخوض قتال أنقرة. والواقع أن الـ17 ثانية الغبية والمتعجرفة لروسيا فوق الأراضي التركية منحت أردوجان السند القانوني لإسقاط المقاتلة؛ ولكنها ترغم أعضاء الناتو على مواجهة سؤال في غاية الصعوبة: هل الناتو مستعد وراغب في الدفاع عن تركيا ومواجهة روسيا عسكرياً؟ سواء كان الجواب بـ«أجل» أو «لا»، فإن أردوغان قام بحساباته على الأرجح، ووجد أنه أيا كان الجواب، فإنه إيجابي بالنسبة له وفوضى مكلِّفة بالنسبة للآخرين. والحال أن «الناتو» لا يرغب في هذه المعركة؛ فقد سارعت كل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة إلى محاولة نزع فتيل الأزمة والتخفيف من حدتها – ولكنها كانت خطوة مكلِّفة. ذلك أنه مقابل إغماد سيفه وتشديد مراقبة حدوده، منح الحلفاء أردوجان المال، وتنازلات بخصوص تأشيرة دخول الاتحاد الأوروبي، وضمانات عسكرية، ووعدا بالتغاضي عن حكم القبضة الحديدية الذي يمارسه في الداخل ومغامراته في كردستان. لقد أسقط طائرة انحرفت عن مسارها الصحيح وقام فعليا بابتزاز شركائه في الناتو والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ ولكن ما حصلوا عليه بالمقابل هو تخلي تركيا عن حالة التوثب والاستنفار العسكري على مضض وانخفاض في تدفق اللاجئين منها! المال أو القوة هي المكافأة التي ستحصل عليها تركيا مقابل إسقاطها للطائرة الروسية. ومن وجهة نظر أردوجان، فإن الأمر كله ربح سياسي لأنه يستطيع التصرف بتهور بينما يتولى الآخرون دفع الثمن. والواقع أن حلفاء الناتو ليست أمامهم خيارات جيدة اليوم، ولكن تركيا لا ينبغي أن تكون إسفيناً إضافياً بين روسيا وأميركا، اللذين يجب عليهما أن يحاولا العمل معاً من أجل محاربة داعش ووقف إراقة الدماء وتدفق اللاجئين. وخلاصة القول إن غض الطرف، أحياناً، أفضل من إشهار السيف. ماركوس كونالاكيس* *باحث بالجامعة الأوروبية المركزية في بودابيست وزميل زائر لمؤسسة هوفر في كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©