الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي المصري» يعتمد استراتيجية جديدة لتفعيل التمويلات البنكية

«المركزي المصري» يعتمد استراتيجية جديدة لتفعيل التمويلات البنكية
25 نوفمبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - يبدأ البنك المركزي المصري تنفيذ استراتيجية جديدة في ادارة الجهاز المصرفي تستهدف تفعيل سوق التمويل البنكي في مساندة الاقتصاد الكلي خلال الفترة القادمة. وتستند الاستراتيجية الجديدة الى مجموعة من المحاور التي فرضتها الظروف الراهنة وحالة الاقتصاد العام، خاصة في ظل رغبة البنوك في التخلي عن سياسات التشغيل التي اتبعتها في الفترة الماضية منذ الانتفاضة المصرية مطلع العام الماضي وحتى الآن، والتي اعتمدت على الحذر وحجب التمويل مما أدى الى تعميق حالة الركود والانكماش الاقتصادي بالبلاد. وتشمل محاور الاستراتيجية الجديدة توسيع الائتمان عبر اتباع سياسات مرنة في منح القروض للقطاع الخاص سواء لمشروعات الشركات او في قروض الأفراد بهدف تشجيع الاستهلاك لتعزيز معدلات النمو في القطاعات الإنتاجية المختلفة. كما تشمل المحاور الاتجاه الى خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار وخفض تكلفة تمويل المشروعات وهو الاتجاه الذي من المنتظر أن يسفر عن خفض متتال لأسعار الفائدة في المرحلة المقبلة بعد أن اتخذت بنوك عامة في مقدمتها البنك الأهلي قرارا بخفض أسعار الفائدة على بعض الأوعية الادخارية لديها مثل الشهادة البلاتينية، بمقدار 1% دفعة واحدة لتنخفض الأسعار من 11,5 الى 10,5?. ويعزز من اتجاه خفض أسعار الفائدة بالبنوك رغبة البنك المركزي في تطبيق سياسة نقدية مضادة للتضخم الذي سجل ارتفاعا كبيرا في الشهور الأخيرة وتسبب في معاناة المواطنين لاسيما على صعيد أسعار السلع الغذائية ومعظم أنواع السلع الضرورية وعلى ضوء تقارير صادرة عن الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء تشير الى انفلات معدل التضخم وتهديده للاستقرار الاقتصادي، لاسيما وان حالة التضخم الراهنة تتواكب مع ارتفاع مواز لمعدلات البطالة وفقدان الكثيرين لوظائفهم نتيجة إغلاق الشركات والمصانع. أما المحور الثالث من الاستراتيجية الجديدة فيتمثل في دفع البنوك نحو خفض استثماراتها في اذون وسندات الخزانة التي تلجأ اليها الحكومة في تمويل عجز الموازنة حيث تشير البيانات الى أن 40? من استثمارات البنوك توجهت في الفترة الأخيرة الى الاستثمار في الأوراق المالية مما أدى الى شح السيولة في الأسواق وحرمان المشرعات الجديدة من التمويل. ومن المنتظر أن تتراجع عمليات الاكتتاب من جانب البنوك في سندات واذون الخزانة،خاصة في حالة حصول الحكومة المصرية على تمويل خارجي لسد عجز الموازنة، وتوجيه فائض الأموال لديها الى المشروعات الجديدة بهدف كسر الركود. ويتمثل المحور الرابع في تعزيز القوة المالية للبنوك في السنوات القادمة سواء للتوافق مع مقررات “بازل 3” أو بهدف مساعدة البنوك على ممارسة دور أكبر في خدمة الاقتصاد عبر تعديلات لقانون البنوك في حالة عدم إقرار مشروع القانون الجديد للبنوك وهي التعديلات التي سوف تجبر البنوك العاملة في السوق المصرية على زيادة رؤوس أموالها من 500 مليون جنيه كحد أدنى حاليا الى ملياري جنيه على ثلاث مراحل عبر جدول زمني يمتد لنحو ثلاث سنوات. كما سيتم تعزيز القوة المالية للبنوك عبر تطبيق قواعد لاحتساب الاحتياطيات العامة وإعداد الموازنات حسب النظم العالمية وهي قواعد من شأنها زيادة حجم مخصصات الاحتياطي بالبنوك خصما من الأرباح الكلية. ومن المتوقع أن يساعد على إنجاز هذه الخطوة اعتزام مؤسسات مالية عربية كبرى دخول القطاع المصرفي المصري في المرحلة القادمة عبر شراء عدد من البنوك المعروضة للبيع وفي مقدمتها البنك الأهلي سوستيه جنرال الذي يقوم حاليا بنك قطر الوطني بعملية الفحص النافي للجهالة له تمهيدا للاستحواذ عليه وتتمتع هذه المؤسسات بقدرة مالية عالية تسمح لها بزيادة الأموال. والمنتظر أن تسفر الاستراتيجية الجديدة للبنك المركزي المصري عن تحديث القطاع المصرفي بالبلاد ومساعدته على لعب دور اكبر في العملية الاقتصادية في المرحلة القادمة بعد أن تعافى هذا القطاع نسبيا من أزمة الديون المتعثرة. كما تأتي هذه الاستراتيجية في توقيت ملائم حيث تمثل تمهيدا لتطبيق مقررات “بازل 3” وهي قواعد عالية تشدد على ضوابط كفاية رأس المال وفض تعارض المصالح والحوكمة والشفافية في البنوك العالمية. ومن المنتظر أن يجرى تطبيق هذه القواعد في البنوك المصرية اعتبارا من النصف الثاني من العام المقبل. ويرى خبراء مصرفيون أن الاستراتيجية الجديدة للبنك المركزي المصري تأتي في إطار توجه عام لضبط حركة السوق المصرفية وجعلها اكثر إيجابية في خدمة النشاط الاقتصادي ومساعدة الاقتصاد الوطني على اجتياز هذه المرحلة الصعبة. ويؤكد هؤلاء أن الظروف تقتضي تحول البنوك من سياسات حذرة الى سياسات اكثر جرأة في عملية منح الائتمان. كما أن هذه الاستراتيجية تتواكب مع متغيرات عالمية في السوق المصرفية الدولية لأسباب تتعلق بمقررات “بازل 3” أو لأسباب تتعلق بالرغبة في تجنيب الاقتصاد العالمي أزمة مالية جديدة وبالتالي تتجه البنوك لتطبيق معايير متشددة الى حد ما لحصار الألاعيب المالية التي ازدهرت في السنوات السابقة على الأزمة العالمية التي اندلعت في عام 2008. ويؤكد الخبير المصرفي محمود عبداللطيف رئيس بنك الاسكندرية السابق أنه بات من المهم تعديل السياسات المصرفية في هذه المرحلة لأنه لم يعد مقبولا أن تواصل البنوك سياسة الانكماش الائتماني في الوقت الذي نبحث فيه عن آليات لتحريك الاقتصاد وكسر الركود وليس من مصلحة البنوك ضخ السيولة المتاحة لديها في شراء سندات واذون خزانة فقط لأن ذلك ضد سياسة تنويع المخاطر ويحرم المجتمع الاقتصادي من مصدر تمويل رئيسي للمشروعات الجديدة. وأضاف “اذا كانت السياسة الحذرة مطلوبة في مرحلة ما بعد الثورة مع ضبابية الموقف الاقتصادي والسياسي بالبلاد فإن الأمر لم يعد كذلك حاليا ومن المهم التخلي عن السياسات القديمة التي أضرت أكثر مما نفعت”. وقال إن تدعيم رؤوس أموال البنوك عبر قانون جديد او عن تعديل القانون الحالي اصبح ضرورة لأن مبلغ النصف مليار جنيه كحد أدنى لرأس المال لم يعد مبلغا كبيرا حيث انه اقل من 90 مليون دولار وهذا مبلغ هزيل. وزاد “يكفي أن نعلم أن البنك الأهلي عندما قرر التواجد في السودان بدأ برأسمال يبلغ 50 مليون دولار ومن ثم فإن زيادة رؤوس أموال البنوك المصرية أصبحت مسألة ضرورية في الوقت الراهن”. أما محمد بركات رئيس بنك مصر فيؤكد أن البنك المركزي يسعى لتعزيز قوة الجهاز المصرفي عبر العديد من الإجراءات بهدف مساعدة هذا الجهاز على لعب دور اكبر في خدمة قضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد في المرحلة القادمة. وأوضح ان معظم البنوك المصرية لديها قدرة على زيادة رؤوس أموالها وتدعيم قواعدها الرأسمالية لاسيما بعد ان تجاوزت مرحلة القروض المتعثرة ونجحت في تكوين مخصصات كبيرة واحتياطيات يمكن استخدام جانب منها في تمويل عمليات الزيادة، مشيرا الى أن التوقيت بات مناسبا لإطلاق مرحلة جديدة من التحديث المصرفي المنتظر للبنوك في تعزيز النمو الاقتصادي وبالتالي فإن سياسات واجراءات البنك المركزي والسياسة النقدية تأتي في إطار تحقيق هذه الأهداف الوطنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©