الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاج بالإيحاء والتخيل بين الحقيقة والوهم

العلاج بالإيحاء والتخيل بين الحقيقة والوهم
6 ديسمبر 2011 21:51
إن مفتاح الإيحاء الذاتي هو أن تتعلم كيف تسيطر على مهام جسمك وتجعله يسترخي بواسطة الكلام الهامس، وبتعبير آخر أكثر بساطة، هو أن تهدهد ذهنك وجسمك بترديد كلمات معينة بطريقة معينة وتتنفس ببطء. إن العلاج بالإيحاء يرجع إلى عهد القدماء المصريين، عندما كانت هناك معابد النوم، أو ما يسمى بـ«النوم العلاجي». ويشاع خطأَ اسم التنويم المغناطيسي على هذا العلم، وإذا أردنا التسمية الواضحة باللغة العربية فهو علم الإيحاء الذاتي، فإن جميع حالات الإيحاء لا تتم إلا من الشخص نفسه، ويختص دور الطبيب بإرشاد وتوجيه الشخص إلى علم الإيحاء، وكيف يصل إليه ويمارسه، ثم كيف يستفيد منه. وحتى تكون الصورة أكثر وضوحاً، فإننا جميعاً نمر بحالات اليقظة والنوم، ويرسل المخ موجات كهربائية تحدد درجة اليقظة أو النوم التي نكون عليها. لقد اكتشف باحثون إيطاليون أن العلاج بالإيحاء كان له أثر إيجابي كبير على أدمغة بعض مرضى شلل الرعاش «باركنسون» بصورة لم تكن متوقعة. وأعطى باحثون من كلية طب جامعة تورين الإيطالية بقيادة الدكتور فابريزيو بانديتي عدداً من المرضى محلولاً ملحياً عادياً، وأخبروهم أنه أحد أدوية المرض، ثم راقبوا الخلايا العصبية في أدمغتهم فوجدوا أن استجابة الخلايا العصبية لذلك المحلول الملحي تماثل استجابتها للدواء الحقيقي. وقام الباحثون الإيطاليون الذين نشروا دراستهم في مجلة «نيتشر» بإعطاء مرضى الشلل الرعاش ثلاث جرعات من دواء أبومورفين، ثم قاموا -جراحياً- باستزراع أقطاب داخل أدمغة المرضى في منطقة النواة تحت الثلامية. وتحوي هذه الأقطاب مجسات ترصد عن كثب نشاط نحو 100 خلية عصبية في ضخ دفقات الدوبامين، كل على حدة. أولاً: «البيتا» وهي حالة اليقظة ويرسل المخ موجات نحو 14 موجة/ ثانية. ثانياً: «الألفا» وهي حالة ما قبل النوم أو نهاية النوم، أو حالة أحلام اليقظة، ويكون الشخص واعياً تماماً، ولكن في حالة استرخاء شديدة. ويرسل المخ 8 موجات/ ثانية. ثالثاً: «الثيتا والدلتا»: وهي حالات النوم الكامل وموضوعنا هنا يتركز في الوصول إلى حالة اللفا بإرادتنا في الوقت الذي نرغبه. وتتميز حالة الألفا بأنها أعلى مرحلة يتواصل فيها العقل الباطن والواعي. فإذا عرفنا أن العقل الباطن يمثل نحو 90% فإن أي خلاف بين الواعي والباطن يكون غالباً لمصلحة العقل الباطن. والعقل الباطن يمثل بنك المعلومات والذكريات والرغبات والعادات والعقل الباطن قادر على تسجيل 50 لقطة في الوقت الواحد، على خلاف العقل الواعي الذي يدرك لقطتين في الوقت الواحد لا أكثر. وعلى سبيل المثال، فإنك عندما تتحدث إلى آخر فإنك تركز» العقل الواعي» فى كلامك أو كلامه، وقد تكون اللقطة الثانية رؤيتك لعينيه. أما العقل الباطن فيسجل إضاءة الغرفة ودرجة حرارتها ولون ملابسه، وأي ضوضاء خارج الغرفة وغير ذلك. ومشكلة العقل الباطن هو ترتيب الأشياء بأي شكل أو دون منطق. ويمكن تطبيق هذه الطريقة، بالخطوات التالية: ـ أعط نفسك إيحاء بأن جسمك دافئ، ركز اهتمامك أولاً على ذراعك مثلاً، وردد عبارة ذراعي دافئة، وهكذا حتى تشعر بالفعل أنها كذلك، وكرر ذلك على الذراع الأخرى، ومن ثم رجليك كل على حدة، فإذا وصلت لحالة الاسترخاء والراحة كرر الإيحاء بشيء آخر، ثقل جسمك، البرودة، تخيل مكاناً رائعاً وجميلاً، وهكذا. وحتى تنجح تجربتك عليك أن تكررها عدة مرات، وستلاحظ كيف يسترخي جسمك، وتهدأ نبضات قلبك وتنتظم ويصبح إيقاع نفسك طبيعياً. هناك مدرسة طبية جديدة تنادي بإتاحة الفرصة للجسم “ليعالج نفسه بنفسه” من خلال تقنيات “البلاسيبو”. وقادة هذا التيار على قناعة بأن الجسم يصل إلى حدود مدهشة إن أتيحت له فرصة كهذه، ففي مستشفى مونتريال الكندية مثلاً قام الأطباء بعمليات جراحية وهمية لمرضى الزهايمر “لم يفعلوا خلالها غير فتح الجمجمة ثم إعادة تلحيمها”.. ومن المعروف أن هذا المرض ناجم عن تآكل حقيقي لبعض خلايا الدماغ. لكن الأطباء أقنعوا المرضى أنهم سيزرعون في أدمغتهم خلايا بديلة. وحين استيقظوا وشاهدوا آثار جراحة حقيقية شهد ثلثهم تحسناً فورياً!! غير أن أهم مجال يتفوق فيه “البلاسيبو” هو تخفيف الألم بخداع الدماغ ذاته، فقد اتضح أن 50% من المرضى يخف لديهم الألم إن أقنعتهم أن هذه الحبة “أو تلك الحقنة” هي فاليوم أو مورفين. وما يحدث هنا أن الدماغ يقطع الاتصال مع نهايات الأعصاب وكأنه واقع بالفعل تحت تأثير الفاليوم أو المورفين. إحدى الطبيبات كانت تشرف على علاج طفلة مصابة بأنيميا منجلية حادة، وهذا المرض يسبب آلاماً لا تطاق في العظام والمفاصل، وعند اللزوم يعطى الأطفال حقنة بيثيدين كمخدر لتسكين الآلام. مع الأيام تعلمت الطفلة أن هذه الحقنة تجلب لها الراحة فأصبحت تطالب بها باستمرار. لكن خشية الإدمان أصبحت الطبيبة تعطيها حقنة “ماء وملح” على أنه بيثيدين. كما يحدث مع الحقنة الحقيقية يخف الألم فوراً وتدخل الطفلة في نوم عميق. غير أن إحدى الممرضات أفشت سر الحقنة الجديدة فوصل الخبر للطفلة فتلاشى مفعولها. ليس هذا وحسب، بل أصبحت على قناعة أن حتى حقن البيثيدين مجرد خداع فلم تعد تؤثر فيها! ويعاني كثير من المرضى آلاما بعد الجراحة وتزول هذه آلام بعد إعطائهم حقنة لا تنفع ولا تضر عبارة عن سالين معقم. ولعل من الأخطاء الشائعة أن هؤلاء المرضى لا يعانون من ألم حقيقي بل هم فقط يتصورون ذلك وهذا يفسر زواله بعد الحقنة، لكن هذا غير صحيح.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©