الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سياحة النخبة ·· طريق أبو{ظبي للتنمية المتكاملة

سياحة النخبة ·· طريق أبو{ظبي للتنمية المتكاملة
10 مايو 2007 23:30
أحمد صفي الدين: عكست السنوات الثلاث الماضية رؤية حكومة أبوظبي تجاه قطاع السياحة، وباتت واضحة ملامح الإطار العام لخطة الحكومة تجاه هذا القطاع الحيوي والمهم، ولعل حجم المشروعات المعلنة والقوانين المنظمة للقطاع ترسم بدقة استراتيجية محددة المعالم على المديين المتوسط والبعيد، والتي من خلالها يمكن تحديد أهداف الحكومة، والتي يمكن تلخيصها في إنشاء قطاع سياحي قوي فريد من نوعه يعتمد على سياحة النخبة، ليس الهدف من ورائه تحقيق أرقام فلكية في أعداد السياح، بقدر اعتماد سياسة ومنهجية خاصة في نوعية السائح الذي ترغب الإمارة في استضافته على أراضيها، وفي نفس الوقت عدم إغفال العائدات المتوقعة من هذا القطاع· توجهات إمارة أبوظبي لخلق قطاع سياحي قوي وفريد يمكن التعرف عليها من خلال المشروعات التي يعلن عنها بين الحين والآخر، وترفع الإمارة دائماً شعار ''التكامل'' في كل ما تتبناه من مشروعات جديدة، فعلى سبيل المثال أعلنت الحكومة خلال الثلاث سنوات الماضية عن مجموعة ضخمة من المشروعات، جميعها تعمل على تطوير واستغلال الجزر والتي تصل إلى نحو 200 جزيرة، فمن بين أهم المشاريع السياحية في أبوظبي خلال الفترة من 2004 إلى 2007 مشروع جزر الصحراء الذي تصل تكاليفه إلى 11,5 مليار درهم، ويشمل تطوير ثماني جزر، ومشروع تطوير جزيرة ياس بقيمة 147 مليار درهم، والتي تعتبر إحدى أكبر جزر أبوظبي الطبيعية بين مختلف النشــــــــــــــــاطات الطبيعية التي تقدّمها كل جزيرة وبين وسائل الراحـــــــــــــــــة والترفيه الأكثر استقطاباً للسائحين حول العالم، كذلك تطوير جزيرة السعديات بقيمة 100 مليار درهم، وهي عبارة عن مشروع تحويل هذه الجزيرة الطبيعية إلى وجهة سياحية عالمية· تلك المشروعات تعكس توجه الإمارة إلى استغلال الجزر لإنشاء مشروعات سياحية فريدة، فجزر الصحراء، مشروع بيئي تراثي على نمط حديث، وهو من المشروعات التي تحتاجها المنطقة حالياً، والسعديات، من المشروعات التي لاقت صدى واسعا بين خبراء العالم وكافة الجهات المعنية بالشؤون السياحية إقليمياً وعالمياً، وأفردت له الصحف العالمية صفحات أشارت فيها إلى أهميته باعتباره نقلة نوعية في منطقة الشرق الأوسط، بل هو مفهوم عالمي جديد في السياحة الثقافية لما يحتويه من مميزات وعناصر سياحية لن تجدها إلا في سعديات أبوظبي، ومنها متحف اللوفر، وجوجن هايم، والمتحف البحري، ومتحف الشيخ زايد·· كل تلك أدوات جديدة على قطاع السياحة بمنطقة الشرق الأوسط، ستعمل على تحقيق أهداف الإمارة في جذب سياحة النخبة إلى الإمارة، وفي نفس الوقت تحقيق مردود عال من هذا القطاع· معالم رئيسية ومع بدء عمل هيئة أبوظبي للسياحة ظهرت معالم المخطط الرئيسي لعمل الهيئة خلال السنوات المقبلة، وما تحقق حالياً من أعمال يأتي ضمن المخطط الاستراتيجي الرئيسي للهيئة الذي جاء بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، والمتابعة الحثيثة للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تركز استراتيجية الهيئة على مجموعة من النقاط الرئيسية لتحقيق أهداف الحكومة من استغلال قطاع السياحة بحيث يكون أحد روافد الدخل الرئيسية للإمارة· وركزت هيئة أبوظبي للسياحة مع بدء تطبيق استراتيجيتها على إعطاء الأولوية لعدد من النقاط التي يجب تحقيقها في زمن قياسي، وكذلك حرصت الهيئة على التطبيق المتوازي لمجموعة من الأهداف والنقاط المهمة، بمعنى أن عملية الترويج السياحي للإمارة تسير بالتوازي مع المخطط الموضوع لاستكمال وتهيئة البنية التحتية لكافة أدوات السياحة بالإمارة، فمن غير المعقول على سبيل المثال أن تتبنى الهيئة خططاً لزيادة أعداد السياح إلى أكثر من ثلاثة ملايين سائح بحلول ،2015 والطاقة الفندقية للإمارة عند نفس المستوى دون إضافة غرف فندقية تستوعب هذا الكم الكبير والمتوقع من السياح، وكذلك الحال بالنسبة للمعارض والمؤتمرات، فهي تسير أيضا بالتوازي والتنسيق الكاملين بحيث لا يكون هناك اي خلل في أداء المنظومة السياحية بالإمارة، ولتلافي حدوث أية مشاكل قد تكون لها إنعكاسات سلبية على أداء القطاع بصفة عامة· تكامل المشروعات وبالعودة إلى التنسيق والتوازي في الأعمال المنفذة نجد أن كافة المشروعات الحالية تكمل بعضها البعض ليصبح المنتج السياحي متكاملاً في نهاية الأمر، ويمكن تفسير ذلك بصورة أكثر وضوحاً من خلال استعراض بعض الاستراتيجيات والمشروعات التي تنفذ حالياً، فالهيئة تنشد الوصول بعدد السياح إلى أكثر من ثلاثة ملايين سائح بحلول ،2015 والطاقة الاستيعابية للمطار الحالي بتوسعاته الثلاث التي أعلنت منذ أشهر عدة لا تكفي لاستقبال هذا الحجم الكبير من السياح، ومن ثم جاء مشروع المطار الجديد وما لحقه من مشروعات أخرى تخدم الهدف من وجود المطار، مثل مشروع فندق المطار وتوسعة السوق الحرة، وما إلى ذلك من مشروعات أخرى، أضف إلى ذلك مشروع حدائق الجولف الذي أعلن منذ فترة، والبطولات المتوقع استضافتها على أرض الملاعب الجديدة لهذه الرياضة المميزة والتي ينشدها النخبة، كان لابد من إنشاء كافة المرافق والخدمات التي تساند الإمارة في مهمتها لاستضافة بطولات عالمية في الجولف، وكان إنشاء الفنادق المنتجعات الملحقة بالمشروع حتى يتمكن المشاهد أو من يتواجد داخل المشروع من قضاء وقت ممتع داخل هذا المنتجع الضخم وهكذا إذا ما نفذت كافة المشروعات سنجد أنها تكمل بعضها البعض، فضلا عن التوازي في تنفيذ الأعمال· واقع الصناعة وباستعراض واقع ومستقبل المشروعات السياحية التي تنفذ في إمارة أبوظبي حالياً، سواء من الحكومة أو تلك المشروعات التي يتولى تنفيذها القطاع الخاص، نستكشف منه أن الواقع الحالي لحجم الاستثمارات المتوقعة لقطاع السياحة يعد مؤشراً قوياً على أداء هذا القطاع خلال السنوات المقبلة وكذلك حجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ولعل المشروعات المرتقب تنفيذها في إمارة أبوظبي، أو تلك المشاريع التي تنفذ حالياً ستعمل على تغيير مفهوم السياحة في الإمارة، وسيكون المردود الاقتصادي كبيراً وسيأخذ قطاع السياحة دوراً رئيسياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية الشاملة في أبوظبي· والمتابع للمشروعات السياحية التي أعلنت في أبوظبي على مدى السنوات القليلة الماضية، سيلمس عن قرب توجهات الإمارة فيما يتعلق ببناء قاعدة سياحية متخصصة وفقاً لمعايير دولية، فغالبية المشروعات التي تنفذ حالياً تصب بالدرجة الأولى في السياحة البيئية والثقافية والتراثية، وهي أدوات تحتاجها المنطقة فعلياً في الوقت الراهن، ولا تسعى أبوظبي إلى جذب أكبر عدد من السياح لمجرد تحقيق مدخول قوي فحسب، بل إنها تنشد فئة معينة من السياح، وتلك المشروعات تصب في هذا الهدف، وقد حققت الإمارة خلال العامين الماضيين نسبة كبيرة من المخطط السياحي في هذا الاتجاه، فغالبية السياح القادمين إلى الإمارة هم من نفس الفئة التي تنشدها الإمارة، والمشروعات التي تنفذها الإمارة حالياً تعمل على توفير الأدوات السياحية التي تعزز هذا الاتجاه· والاتجاه إلى تنفيذ مشاريع في مجالات مختلفة مثل المنتجعات وسياحة المعارض والسياحة العائلية والسياحة الثقافية والجبلية وغيرها، يعني وجود تكامل في الأدوار بين كافة الأدوات المستخدمة في العملية الإنتاجية في هذا القطاع، وهو ما سيجعل من أبوظبي وجهة سياحية مهمة· والمشاريع الحالية تعمل على استغلال الشواطئ والمنتجعات البحرية في الجزر ومشروع جزيرة السعديات، والذي يضم أيضا منطقة ثقافية تتكون من عدة متاحف محلية وعالمية، وسيكون لهذا المشروع نتائج ايجابية كبيرة في جذب الزوار والسياح المهتمين بالسياحة الثقافية والترفيهية، وفي نفس الوقت هناك الكثير من المشاريع الفندقية تحت الإنشاء في أبوظبي، والتي ستعمل على توفير خدمات قطاعات أخرى مهمة مثل سياحة المعارض، وشركات الطيران وتأجير السيارات، وما إلى ذلك من شركات ترتبط طبيعة عملها بقطاع السياحة· آلية التنفيذ والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو ''ما هي الآلية التي تتبناها كافة الجهات المعنية بالشؤون السياحية في الإمارة بجعل أبوظبي من أهم مقاصد سياحة النخبة·· وفي نفس الوقت تحقيق دخل كبير من هذا القطاع يساهم بفعالية في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق مزيد من فرص العمل لأبناء هذا الوطن؟''· وتحتاج الإجابة على هذا التساؤل الى شرح تفصيلي وتحليلي للأوضاع السياحية في الإمارة، وهو ما سنسعى إلى توضيحه ·· فالبنسبة للجزء الأول من السؤال والخاص بتحقيق المعادلة الصعبة بين المردود المادي وسياحة النخبة، يمكن اكتشافها بسهولة من خلال تنويع المنتج السياحي في أبوظبي بما يجعلها إحدى أهم الوجهات السياحية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، فالمنتج السياحي في الإمارة والذي مازال في مرحلة الإعداد حالياً لا ينشد فئة معينة من سياحة النخبة، بل هو متشعب ومعني بكل ما يمكن أن تتضمنه سياحة النخبة، فالمنتجعات التي تبنى حاليا هي لسياحة النخبة، والقرية الثقافية، لسياحة النخبة، ومشروع الجولف وما يستضيفه من فعاليات رياضية لسياحة النخبة، بل أن المعارض التي تستضيفها أبوظبي أيضاً معارض للنخبة، فمعرض ''آيدكس'' للنخبة من كبار مصنعي الدفاع في العالم، وسيتي سكيب الذي أنهى أعماله أمس للنخبة من مطوري العقارات في العالم، ومعرض سياحة الحوافز والمؤتمرات للنخبة من كبار الشركات العالمية·· خلاصة القول·· كل ما ينفذ حالياً يصب في اتجاه وأهداف الإمارة، أضف إلى ذلك بعض الفعاليات التي تستضيفها الإمارة والتي تقصد بها أيضا ''النخبة''، مثل أوبرا عايدة والتي حققت نجاحاً كبيراً، ولم تكن هناك أماكن شاغرة ورفع ''قصر الإمارات'' كلمة ''كامل العدد''، وكذلك الحال بالنسبة لمهرجان الموسيقى الكلاسيكية· أما فيما يتعلق بتحقيق دخل مرتفع من وراء هذا القطاع، فهو يشرح نفسه من خلال نوعية المشروعات والفئة المنشودة، فمن المؤكد أن سياحة النخبة من القطاعات ذات المردود المرتفع، والدخل الذي يتحقق من ورائها لا يقارن بباقي الأدوات السياحية الأخرى، وما تحققه فعالية واحدة أو منتج واحد من أدوات سياحة النخبة، يعادل عشرة أضعاف قيمة الدخل المحقق من الأدوات السياحية التقليدية، بمعنى أن عشاق الجولف يقطعون مسافات طويلة لمشاهدة البطولات العالمية في هذا المجال، ومن ثم فقد تم إضافة أعمال جديدة إلى شركة ''الاتحاد للطيران'' بما يعني ارتفاعا في أعداد ركاب الناقلة الوطنية، هذا السائح من المؤكد أنه سيقيم بأحد الفنادق التابعة لمنتجع الجولف، وهو بهذا قد حجز مكانا بالفندق، ويعتزم التنقل بين الأدوات السياحية المنتشرة بالإمارة أو الدولة ومن ثم سيحجز إحدى سيارات شركات التأجير المنتشرة في الإمارة، وما إلى ذلك من خدمات يجب توفيرها للسائح، وقبل هذا كله معدل الصرف ''سائح الجولف'' في الإمارة، فمن المؤكد أنه سيكون مرتفعا جدا مقارنة بأنواع السياحة الأخرى، وبالمثل سنجد أن كافة أدوات سياحة النخبة في أبوظبي تعتمد على السائح ذي معدل الإنفاق العالي· مشروعات ضخمة وتعتمد إمارة أبوظبي في نهجها ورعايتها لقطاع السياحة الواعد، مبدأ الصناعات الثقيلة، شأنها شأن مصانع الطائرات والحديد والبتروكيماويات والسيارات، فالصناعات الثقيلة لا تستعجل المردود أو الأرباح من المشروعات، فقيمة المشروعات التي طرحتها الإمارة خلال السنوات القليلة الماضية تقترب من سقف التريليون درهم، وهو رقم كبير للغاية، لكن النظرة البعيدة في آلية صرف هذه الأموال تؤكد أن المردود متدرج، وسيصل إلى ذروته مع اكتمال المخطط الرئيسي للنهوض بالإمارة على كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وسيحقق دخلا ثابتا للإمارة خلال العقود المقبلة، بمعدلات نمو تفوق التوقعات، وسيكون قطاع السياحة من بين أهم الموارد الرئيسية للدخل الوطني، وقد يصعد في الترتيب إلى المرتبة الثانية بعد قطاع النفط، ليزيح بذلك عددا من القطاعات الأخرى التي تقود قاطرة النمو في الإمارة· واستكمالا لمردود الأهداف من خلق قطاع سياحة قوي يكون بمثابة القاطرة الثانية لدفع عجلة التنمية بالإمارة، سنجد أن المخطط الرئيسي لقطاع السياحة بالإمارة يعتمد على خلق مزيد من فرص العمل لمواطني الدولة، وهو ما تحقق نسبياً في الوقت الراهن، فهيئة أبوظبي للسياحة والمعني الرئيسي بتطوير هذا القطاع خير مثال على ذلك، فنسبة التوطين بها تحقق نمواً لا بأس به، وغالبية من يقومون على العملية الترويجية هم من أبناء هذا الوطن، يحملون على عاتقهم أصعب المهام، وهي جذب مزيد من السياح إلى الإمارة· مؤشرات أولية ومما يبشر بالخير المؤشرات الأولية للنمو السياحي في الإمارة، حيث بلغ عائد القطاع السياحي في أبوظبي خلال العام الماضي نحو 1,8 مليار درهم بمعدل نمو نسبته 19%، وشهدت السياحة في أبوظبي دفعة قوية انعكست على معدلات إشغال الفنادق والتي وصلت عام 2006 إلى أكثر من 84 في المائة طوال العام مقارنة مع 78,4 في المائة بعام ،2005 كما استقبلت أبوظبي عام 2006 أكثر من 1,4 مليون نزيل فندقي قضوا 3,9 مليون ليلة، وهو ما يشير في الوقت ذاته إلى التعجيل ببناء المزيد من الفنادق لمواجهة الطلب المتنامي على الإمارة باعتبارها من أهم الوجهات السياحية، حيث تحتاج المرافق السياحية خلال العام الجاري إلى أكثر من 12 ألف غرفة فندقية لمواكبة الطلب عليها وإلى أكثر من 20 ألف غرفة فندقية بحلول عام 2015 لمواكبة ما تتوقعه أبوظبي من زوار يصل عددهم إلى أكثر من ثلاثة ملايين، وتتبنى إمارة أبوظبي خطة لإضافة أكثر من 4500 غرفة جديدة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة لسد الفجوة بين العرض والطلب، ما سيرفع عدد الغرف الفندقية في الإمارة إلى ما يزيد على 14 ألف غرفة وبزيادة تصل نسبتها إلى أكثر من 45%· وبالعودة إلى دور هيئة أبوظبي للسياحة في الترويج، نجد أنها قطعت شوطاً كبيراً في اتجاه وضع الإمارة على خريطة السياحة الدولية حيث تركز على الترويج لنفسها في القارة الأوروبية، وهو ما يمكن اكتشافه بوضوح من خلال المشاركات الخارجية لهيئة أبوظبي للسياحة، خاصة في المعارض الكبرى مثل برلين ولندن وفرانكفورت وموسكو وطوكيو، ويمكن اكتشافه أيضا من خلال المكاتب التي افتتحتها الهيئة في الخارج لدعم عملية الترويج السياحي للإمارة في أهم المدن والعواصم العالمية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©