السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما ذنب العرب؟

12 ديسمبر 2015 23:27
أظهرت دراسة حديثة أن مسلمي أستراليا «أكثر عرضة للتمييز والتعصب الديني بنحو ثلاثة أمثال مقارنة بغيرهم من أتباع الديانات الأخرى في أستراليا، حيث منحت الأحداث الحالية والأعمال الإرهابية الجرأة للمتعصبين، وبات المسلم هناك يُحرم من فرصة العمل بسبب اسمه». وأوضحت سلسلة استطلاعات رأي حديثة أن الأميركيين أصبحوا، بعد هجمات باريس الإرهابية، «يشكّون في المسلمين الذين يعيشون بينهم، ويخافون من السفر إلى الدول العربية والإسلامية. أما قادة المنظمات الإسلامية الأميركية فلاحظوا ارتفاعاً في هذه الظاهرة بشكل أكبر مما سجلوه عقب هجمات 11 سبتمبر عام 2001». ووفقاً لاستطلاعات مركز «بيو» الأميركي، تفاوتت عواطف المسلمين إزاء تنظيم «داعش»، فكانت أعلى نسبة تعاطف مع التنظيم الإرهابي في باكستان بنسبة 28?، بينما سجلت لبنان أعلى نسبة مُعارضة (99?). ماذا نفعل هنا في بلداننا أو في الدول الغربية الأوروبية والأميركية، فيما تتوالى علينا وعليهم ضربات الإرهاب المروعة؟ عندما وقعت جريمة 11 سبتمبر 2001 ركزت أقلام كثيرة على «سلبيات السياسة الأميركية» ومواقف أميركا من «قضايا العرب والمسلمين»، وكانت تلك بداية ظهور تيار «بن لكن» الذي يدين الإرهاب والانتقام من الأبرياء.. «ولكن»! بل نذكر أن بعض الأقلام الإسلامية كانت تشير إلى أن أحداث 11 سبتمبر «زادت من إقبال الأميركيين على الإسلام ودخولهم فيه»! لا أعرف إن كان المزيد من الفرنسيين أيضاً سيقبلون على الإسلام حالياً للسبب نفسه، بعد الأعمال المروعة التي شهدتها باريس يوم 13 نوفمبر الماضي! المسلمون الآن في وضع حرج، لا يكاد الواحد منهم يجد جواباً لتساؤلات الأوروبيين حول سبب إقبال بعض شباب الجاليات الإسلامية على الأعمال الإرهابية، رغم كل ما تقدمه مجتمعات الغرب لهم، ورغم أنهم من أبناء الجيل الثاني والثالث، ممن يفترض أنهم موالون لأقطارهم التي يحملون وثائق سفرها ويعيشون بين مواطنيها! حسناً فعل شيخ الأزهر إذ رفض تكفير «داعش»، فنحن نعلم أن سلاح التكفير ذو حدين، وقد يستخدم ضد غير «داعش»، ولن يتغير أحد من أتباع هذه الجماعات الإرهابية لمجرد تكفيره من قبل الأزهر، فهي كلها تعادي المؤسسات الدينية القائمة، وتعتبرها «جاهلية»! لا نعرف ما الذي ينبغي علينا عمله إزاء هؤلاء الإرهابيين. وهل يقنع العالم الخارجي أن نقول بعد كل عملية إرهابية يقوم بها شباب مسلمون، إن «هؤلاء ليسوا مسلمين»، وإنهم «لا يمثلون الإسلام الصحيح»؟! وهل من الطبيعي أن ينجح الإرهاب في تجنيد الآلاف ونكتفي بإقناع أنفسنا بأن نسبتهم «لا تزال ضئيلة» مقارنة بعدد المسلمين؟ وهل ينبغي أن يصل عدد الإرهابيين إلى مئات الألوف كي ندرك أن سيلاً جارفاً يهدر نحونا، وأن هناك أمراً يستدعي التوقف والتنادي وإعطاء المفكرين حرية البحث في الأسباب؟ ماذا لو كنا نحن سكان فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة، ثم منحنا آخرين كل هذه التسهيلات من فرص عمل وحقوق مواطنة ورواتب ومعونات، ليتحولوا إلى إرهابيين يقتلوننا؟! مقال صحيفة الـ«صن» البريطانية قبل أسبوع أثار غضب المسلمين هناك لأنه «كشف أن واحداً من كل خمسة مسلمين بريطانيين يتعاطف مع المتطرفين». ثقافة العالم الإسلامي الدينية في هذه المرحلة تعاني من علل كثيرة. ونحن نقيم الدنيا ولا نقعدها حول مقال صحافي يمسنا، وحول النقاب، واللحم الحلال! ويفقد الكثير من قادة المهاجرين الباكستانيين وغيرهم رشدهم في معاركهم الطائفية مع «القاديانيين»، ولا وقت لديهم لدراسة هذا الاندفاع الإرهابي بين شبابهم، حتى المتعلم والمهندس والخبير منهم. أحد أسباب عدم نضج شباب المسلمين في بريطانيا وفرنسا وأميركا أن قيادة المؤسسات الدينية والنشاط الديني لا تزال بيد كوادر وعناصر وقيادات لاجئة إلى الغرب من أتباع أحزاب الإسلام السياسي. وقد لا تمارس هذه القيادات أي نشاطات إرهابية، لكنها لا تقف حقاً في وجه ثقافة تدعم الإرهاب، بل إن معظم كتبها وأفكارها ورؤاها الاستراتيجية حول «النظام الإسلامي» و«دولة الخلافة» مشتركة مع «داعش» و«القاعدة». نقول «إن الإرهاب لا دين له ولا وطن»، لكن علينا أن نجابه أنفسنا بحقيقة أن معظم العمليات الإرهابية داخل العالم العربي والإسلامي لا يقوم بها مسيحيون أو يهود أو بوذيون أو قاديانيون أو بهائيون، بل مسلمون ومسلمات، وأن بعض هؤلاء لا يكتفي بجرائمه في السعودية والعراق ومصر ولبنان وتونس، بل يرتكب مثلها في دول الغرب. وإذا كان بعض الداعمين فكرياً للإرهاب يبررون جرائمه في أوروبا وأميركا بـ«الماضي الاستعماري» لهذه الدول، وبمواقفها «المعادية» للعرب والمسلمين، فما ذنب المصريين والعراقيين والأفغان والنيجيريين؟ هل لهذه المجتمعات «ماض استعماري» أيضاً؟ *خليل علي حيدر* *كاتب ومفكر- الكويت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©