الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خدمات فندقية متميزة

خدمات فندقية متميزة
24 نوفمبر 2012
على ذمة وسائل الإعلام فإن أشخاصا افتتحوا فندقا في النمسا. هذا ليس خبرا مهما بالطبع، لكن المهم في هذا الفندق أنه مشيد على شكل سجن كامل المواصفات والمقاييس، وتقوم على إدارته مجموعة من السجانين القساة والسجّانات الأكثر قسوة. طبعاً النزول في هذا الفندق أغلى بكثير من الفنادق الأخرى، من ذات التصنيف وعدد النجوم، لأنه يقدم خدمات متميزة للزبائن، ناهيك عن أنه يحتاج ـ كما أسلفنا- إلى كادر إداري متخصص وفيلق فني أكثر تخصصا، وربما يحتاج إلى علماء نفس وباحثين اجتماعيين للتعامل مع هكذا نوعيات من الزبائن، وربما يحتاج أحيانا إلى توظيف “مساجين” حتى يتمتع الزبون بلذة الإحساس بأنه يقيم في سجن حقيقي تماما. الزبائن!! .....إنهم ـ على الأغلب- أناس من بالغي الاستقامة في المجتمع ولا يخالفون قوانينه، لذلك فإن فرصتهم في “التمتع” بعملية الاعتقال والسجن نادرة تماما، إلا إذا تم توقيف أحدهم لأنه دهس شخصا في الشارع، ولا شك أن الدهس العمد يتطلب جرأة كبيرة ويعرض المواطن لهزة نفسية، ناهيك عن أنه - في معظم الحالات- يتم تكفيله بسرعة قياسية لا تتيح له فرصة الوصول إلى السجن الحقيقي. لذلك، فإن المبيت في هذا الفندق، رغم أسعاره العالية جدا، إلا أنه سيكون ـ بلا شك- أوفر كثيراً، إذا رغبنا في التمتع بتقمص دور السجين بشكل كامل، أو شبه كامل، لأنني أستبعد أن يقدموا للسجناء “الزبائن” خدمة التعرض للتشطيب بالسكاكين والشفرات من قبل سجناء آخرين أو خدمة الاغتصاب، وما شابهها من أفعال قاسية، قد تحصل في السجون الحقيقية. من مجريات الخبر ـ كما قرأته وسمعته - فهمت أن الزبون يتعرض أولا لتفتيش قاس ودقيق، وربما يصفّون الزبائن في طابور من أجل تسلم بذلة السجن وبعض الحاجيات الضرورية، ثم يتم توزيع- السجناء الأفاضل- على عنابر السجن بذات الطريقة التي يتم فيها توزيع المجرمين، وقد يعمد بعض الزبائن إلى طلبات خاصة، مثل الاحتجاز الانفرادي في زنزانة تحت الأرض مثلا... والزبون دائما على حق، إذا كان مستعدا للدفع طبعا. بالتأكيد سيفصلون الرجال عن النساء، كما في السجن الحقيقي، وربما تتم زيارات، عبر الشبك، بين السجين وعائلته والأصدقاء والشامتين، وسوف يعيش الزبون السجين داخل العنبر مع السجناء الآخرين الذين يرتدون زي السجن الموحد وينامون على الأسرة الحديدية المركبة فوق بعضها، وربما يتشاجرون على من يحصل على السرير الأرضي، وعلى بعض التفاصيل الصغيرة، لأنهم يشغلون حيزا محدودا يتصارع الجميع عليه. بالطبع، ستكون هناك أبواب مغلقة، وخروج منظم، حسب مزاج السجان، إلى الحمام، إذا لم تتوافر حمامات داخل العنبر. وسيكون هناك خفر قساة يتجولون بعصيهم ومسدساتهم بين عنابر السجن، وربما يتم توزيع وبيع الممنوعات داخل السجن الفندقي، كما يحصل في السجون العادية. وجبة الغداء سوف يتم تناولها في قاعة الطعام، وعلى طاولات خشبية ممتدة ومقاعد خشبية ثابتة، وربما يتم افتعال شجارات لغايات المزيد من الإثارة في هذا المجتمع الذكوري “أو الأنثوي” الافتراضي، وربما تكون هناك قاعة رياضية وملاعب رياضية، وساحة يتجول فيها المساجين في ساعات “الفورة”. بالتأكيد سيكون هذا الفندق ناجحا في دولة أوروبية، مثل النمسا، حيث حقوق الإنسان مصانة تماما، وربما سيفتتح أصحاب الفندق فروعا أخرى في السويد والنرويج وغيرها من الدول الأوروبية ودول العالم. وبالتأكيد لن ينجح هكذا مشروع في العالم العربي، لأننا أصلا نعيش في سجن كبير.. مجاناً. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©