الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رجع الصدى

9 مارس 2008 04:20
''صناعة الجمال'' أصبحت لا تعرف الحدود ولا تعترف به، وكل شيء أصبح قابلا للتعديل والتبديل والتغيير وإعادة التشكيل، والجمال المصنوع أصبح المرادف أو البديل العصري للجمال الطبيعي· الأنف يمكن إعادة تشكيله، الفم يمكن تكبيره أو تصغيره، البشرة المجعدة يمكن شدها لتصبح العجوز صبية في سن المراهقة، الثدي يمكن تكبيره بحشوات صناعية، الشفتان يمكن تضخيمهما بحقن الدهون، العين يمكن توسعتها لتصبح كعيون المها، الشعر يمكن زرعه، حتى صيوان الأذن وعظام الذقن لم تسلم من مشارط الجراحين ورؤيتهم الخاصة جدا للجمال ومقاييسه· المشكلة أننا أصبحنا غير قادرين على التمييز بين الطبيعي والمصنوع، وأن مقاييس الجمال اختلفت واختلت منذ أن تحولت إلى صناعة رائجة وتجارة رابحة، وأن عمليات التحايل على الشكل الطبيعي لا تخضع لقوانين الغش التجاري، وأن تزييف الحقيقة وطمس معالم الزمن على البشرة والملامح لا يصنف ضمن جرائم التدليس· فلو أن شخصا اختار فتاة فائقة الجمال لتكون شريكة حياته، ثم اكتشف أن حلاوتها مثل حلاوة السكرين، طعم بلا نكهة أو روح، لو اكتشف أن حواجبها صناعية، وأن لون عينيها السماوي ليس سوى لون عدسات لاصقة، وان أسنانها البراقة البيضاء ليست سوى ''طاقم'' من البورسلين، وان شعرها الأشقر ليس سوى شعر مصبوغ لإخفاء الشيب المبكر أو باروكة لإخفاء الصلع، وأن البشرة البيضاء أو السمراء الناعمة ليست سوى طبقات من الكريمات والدهانات، وأن الصدر منفوخ والأرداف ''مشفوطة''··· لو أن شخصا ما اكتشف كل هذا فجأة وأصيب بالفزع في يوم ''الصباحية''، عندما وجد سيدة غريبة في فراشه لا تمت بصلة لمن تزوجها قبل ساعات، فلن يجد من يحميه أو يتعاطف معه، ولن يكون أمامه سوى الاستسلام للواقع الجديد، لأن الحلول الأخرى تعني خسائر لا قبل له بها· أبو أمنية alhefnawi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©