الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لآلِئ النُّفوسِ والبِحارِ

لآلِئ النُّفوسِ والبِحارِ
22 فبراير 2017 21:35
اللُّؤْلُؤُ، لآلِىُ، والْمُفردةُ، لؤلؤةٌ، وهو يُوجَدُ ويتكونُ في صَدَفٍ فِي بَعْضِ البِحَارِ، والخليجُ العربيُّ، قديماً، كان أساساً في إنتاجِهِ، واللُّؤْلُؤُ منْ رواسبَ أو جوامدَ صلْبةٍ لَمَّاعةٍ مُستديرةٍ، ويُسمّى الدُّرّ؛ كُرَوِيٌّ صلْبٌ لَمَّاعٌ. و(الحَصْباهُ، والجمعُ حصابيٌّ)، مُصطلحٌ عَرَفَتْهُ المِنْطقةُ العربيةُ الخليجيةُ قديماً، يُشيرُ إلى أجملِ أنواعِ اللُّؤلؤ وهيَ اللؤلؤةُ الكاملةُ الاستدارةِ، الخاليةُ منَ الشَّوائبِ والعُيوبِ والخُدوشِ والنُّتوءاتِ والتَّشوُّهاتِ على سطحِها، يَنتقيها تُجّارُ اللُّؤلؤِ (الطواويش؛ والمفردُ طَوّاش)، منْ واقعِ خِبرتِهمْ، مِنْ بين اللآلِئ، بعد سلسلةِ عملياتِ فرزٍ، وموازينِ. (الحَصْباهُ) هي الأغلى ثَمناً منْ بين اللآلِئ، في حينِ، أنَّ الأجملَ والأرقى والأَنقى والأَغلى من اللّآلِئ هي (الدّاناتُ)؛ مُفردها دانَةُ، وهي حبّةُ اللؤلؤِ الكبيرةُ، فالداناتُ تأتي في قِمّةِ هَرَمِ اللآلِئ في الجَوْدةِ والنّقاءِ والكمالِ. تُشكل مرحلةُ الغوصِ مَشهداً تاريخياً خليجياً اجتماعياً اقتصادياً ثقافياً تربوياً عاطفياً عظيماً، جاءتْ باللآلئِ والحَصابي والدّاناتِ، التي تُصنعُ منها العقودُ والقلائدُ والجواهرُ، و«صائدو اللؤلؤ» وأُسَرهُمْ وأهلوهمْ، مُحِبّونَ مُضحّونَ مُكافحونَ مُنتجونَ مُسالمونَ، فامتزجَ كلُّ ذلك في شكلِ حياةٍ مُنظَّمةٍ نَشِطةٍ جَماليةٍ على الشُّطآنِ وفي الواحاتِ. وساحلُ دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ، وهو الأطولُ في الخليجِ، منَ الجِهَةِ الغربيّةِ، كانَ يحتوي على أكثرِ مَصائدِ اللُّؤلؤ، أو أغلَبِها، وتُسمّى (الهَيْرات)، لأسبابٍ طبيعيةٍ، كما تذكرُ ذلكَ مصادرُ وأبحاثٌ جغرافيةٌ وتاريخيةٌ. فيوضاتُ المعنى (اللُّؤلُؤ) هِبةٌ المولى الكَريمِ، فَيْضُ الحبِّ القادمِ من البحرِ إلى أهلِهِ، وبابُ الحديقةِ الأُنثويةِ، و(الحَصابي) هي المنزِلةُ الرفيعةُ في الفيضِ اللُّؤلؤي، و(الداناتُ) هي المُكافأةُ الأعلى منهُ، تَعني الدخولَ في الجوهرِ النَّفيسِ من اللُّؤلؤ. وارْتِقاءِ المنازلِ، وبُلوغِ الغاياتِ، عَبْرَ النظرةِ الجَماليةِ التي ترى ما لايراهُ الناظرونَ، يبدأُ من الأدنى، والأسفلِ، والعاديِّ، والجميلِ، صُعوداً نحو الأعلى، والتّفَرُّدِ، والفِرادةِ، والتّميُّزِ، والبَهاءِ، والأجملِ، والأنْبَلِ. والنفسُ البشريةُ «الطبيعيةُ» عادلةٌ، مُحِبةٌ، إنسانيةٌ، كونيةٌ، مَطمَحُها الجمالُ، و تحقيقُ السُموِّ، والتقدمِ، والأمنِ، والسعادةِ، عَبرَ عَمَلٍ وكِفاحٍ ومُجاهدةٍ، لاتُؤذي أحداً، ولا تَضُرُّ. النفسُ الجماليةُ تُحقّقُ الغايةَ المعرفيّةَ في كلِّ شيءٍ. فمِنَ النُفوسِ ماهوَ أعْلى، وفَريدٌ، وجميلٌ، وراقٍ، وسامٍ، وعَذْبٌ، كاللآلِئ، عُموماً، وكالحَصابيِّ والدّاناتِ، خُصوصاً، وهذا باعثٌ على الاطمِئْنانِ على كلّ المستوياتِ، و رافعةٌ إنتاجيةٌ كُبرى. ولكنْ هناكَ مِنَ النُّفوسِ ماهوَ «غَيرُ الطبيعيِّ»؛ أدْنى، وعاديٌّ، أو حتى «سَيّئ» و«قبيحٌ»، وهذا مكمنُ خطرٍ مُتعدّدٍ، وهاويةٌ، وباعثٌ على القلقِ، ومُعوّقٌ للإنتاجِ. وبين الحَدَّيْنِ، الأعلى والأدنى، الطبيعيِّ وغيرِ الطبيعيِّ، الجَماليِّ وغيرِ الجَماليِّ، اللُّؤلؤيِّ وغيرِ اللُّؤلؤيِّ، منَ النفسِ البشريّةِ، مُستوياتٌ و درجاتٌ. الكُلُّ سائرونَ نحوَ اللّآلِئ، نحوَ الثروةِ، ولكنْ مَن الذي يعودُ بالثروةِ الحقيقيّةِ والحُبِّ؟ المراكبُ تسيرُ مُثْقَلةً بالوُعودِ، والقافلةُ تَرحَلُ بالبُروقِ، والإنسانُ في كَدٍّ وتَعَبٍ. (هيَ وهوَ) تُحاصرهما الأسئلةُ، يشكوانِ الآهَ، وقلقَ الرُّوحِ، يبحثانِ عن جَمَالهما الثُّنائيّ، وتحقيقِ تاريخِهما الْمُشتركِ، وبثِّ إشعاعِهِما الذَّوقيِّ. حالةُ (المُثنّى) لُؤلؤيّةٌ في مَنْزلَةِ الحَصْباهِ والدّاناتِ، لأنّها تحقّقُ المعادلةَ والوظيفةَ العاطفيّةَ الجَمَاليّةَ لكونها تكامليّةً لها الدورُ المركزيُّ في الحياةِ، تَتدَفّقُ من خلالِ شُروقِ الحُبِّ وسُطوعِهِ الدّائمِ الذي تَسْنُدُهُ أسرارُهُ وقواهُ الخَفيَّةُ. حالةُ (الْمُفردِ)، في المقابلِ، (غيرُ لُؤلُئيةٍ) لكونها لا تُحقّقُ المعادلةَ والوظيفةَ العاطفيّةَ الجَمَاليةَ؛ فالفَردانِيّةُ تعكِسُ عُزلةَ الإنسانِ عنْ عاطِفَتِهِ، وعُزلتَهُ عنْ حالةِ (المُثنّى) التي هي قانونٌ سَرْمديٌّ للحياةِ. (هو) يُدركُ المعادلةَ العاطفيّةَ أكثرَ ممّا (هي) تُدركُها. هكذا توحي التّجْرِبةُ والشِّعْرُ. حينَ تَجيءُ اللّآلِئ منَ البّحرِ، تدخُلُ بُيوتَنا، ومعاملَ التّصنيعِ، وأسْواقَنا، ونُفوسَنا، كما تدخُلُ كِتابَ العاطِفةِ، ووهْجَ الإنسانِ، ونرى الحقيقةَ.. (1) أَتْكِّئْ على اللُّؤلؤةِ لستِ وحْدَكِ تَتَزَيّنينَ بِها عَلَّمَتْني الحياةُ أَنَّ لآلِئ بها كالماءِ زيناتِ الدُّنيا، لا نَشكو العطشَ بِصُحبَتِها ولاجَفافاً في القلبِ ولا ضَيْماً ولا جُوعاً ولا حَرْباً أهْليّةً. (2) قدْ حَمَلَ اللُّؤلؤ إليكِ بَياني العاطفيَّ الأوَّلَ منَ البَحرِ يَأتي فَيضٌ من كُنوزٍ الكُنوزُ تَرحَلُ إلى جيدِكِ جِيدُكِ الفُؤادُ الفؤادُ المعْنى المعْنى وَجْدي والوجْدُ لا يَنْقَضي بَقيَّةُ الحُبِّ تأتي لآلِىءُ حَدْسِها الحَياةُ، كرائحةِ الياسَمينَ وعَصيرِ البُرتقالِ، تَمُرُّ على الجُروحِ تَجعَلُها ضفافاً، تَفُكُّ الحِصارَ. (3) المُبْتدَأُ في الشِّعْرِ لَكِ أنْتِ اللُّؤلُؤةُ الأصْلُ تأتيكِ صُورتُها منَ البَحْرِ لؤلؤةٌ، نائمةٌ في الأعماقِ، تَبْحَثُ عنكِ تَرجِعُ إلَيْكِ عبيرٌ مِنْ ذَهَبٍ، تُخالفُ أصلَ تَكوُّنِها في بَحرِها؛ لُؤلؤةٌ ومَحارةٌ وعندكِ؛ لُؤلؤة ووالِهَةٌ فَيْضُ البَحرِ وفَيْضُ العاشِقَةِ سواءٌ يَمٌّ وجِيدٌ زُرْقَةٌ وألوانٌ الحُبُّ والسُّرورُ والداناتُ في أفلاكِكِ تَدورُ كاللّيلِ والنَّهارِ وأنا في مُعادلَةِ الغرامِ، دانَتُكِ المثاليةُ أنتظرُ ماذا؟ ابْحَثي عَنّي كما أبحثُ عنكِ، نحنُ في الأحلامِ أصدقاءُ لآلِىءُ عِطْريَّةٌ نَمُرُّ في شوارعِ العالمِ نَسَماتٍ، نُزيلُ الأنقاضَ، ونصحَبُ الأطفالَ إلى مَدارسِهِمْ، نُحَدِّثُهمْ عنِ الحُبِّ لا الحَرْبِ، ونُعَلِّمُهُمْ وَضْعَ البُروقِ في حُروفِهمْ، والشمسُ مَصحوبَةٌ بِقصيدةِ حُبٍّ تَطلَعُ منْ كلِّ كِتابٍ. هكذا أراكِ في الأشْياءِ، وتأويلِ الأشْياءِ، المِسْكُ أراهُ في عَناصِرِكِ المُتَسَرْبِلَةِ أُنوثَةً مَلَكِيَّةً مَأسورةً في فِتْنَةِ الدَّعَةِ الْمُتَسَرِّبَةِ تُخْبِرُ عَنْ رَعْشَةِ قَلْبٍ سَمِعَ شِعْراً مِنْ بَعيدٍ، أَخْبَرَني عنْ مَعْنى الحَياةِ، عِنْدكِ، عِنْدَ لُؤلُؤةٍ تَبْزُغُ في ضبابِ الحَدائقِ السُّنْدُسِيَّةِ، اختلطتْ بِبَدني، لامسَ عِرْقُها عِرْقي، تَشِفُّ عن أسْرٍ عاطِفِيٍّ مُثيرٍ، منْ كُلِّ جانبٍ إشراقٌ ودُجى، ودلالُ حُبٍّ انتظرَ كثيراً ثُمَّ جاءَ... (4) تتَّحدُ الجهاتُ الأربعُ في جَبْهَةِ الرَّحيلِ إلى بَحْرٍ ضَمَّ وَمْضاً في قَعْرِهِ، والألمَ في دَمْعَةٍ على الشُّطآنِ، تَنْتَظرُ زينةَ عُرْسٍ، ورَفَّةَ نَدىً، وترْجُفُ الذكرياتُ عندَ لحظةِ اللِّقاءِ، تَأتي منْ هاتيكَ البداياتِ إلى فَتْحِها الصّاعِدِ في أُفُقُكِ، رائِحَةً وغادِيَةً في القلبِ المُوَحَّدِ، لا يَنْشَطِرُ. وصِيَّتي في نَفْسِكِ وصِيَّتي في نَفْسي واحدةٌ نشربُ منْ كَأسٍ غَاليةٍ مُوَشَّحَةٍ بِالنَّرْجِسِ أَعْزِفُكِ لؤلؤةً دانِيَةً قد دَلَّتْكِ عَليّ جِهَةُ خَلاصكِ، شفقاً تَرَيْنَه، نَهيمُ فيه، نَتيهُ في المدى المُمْتدِّ، تغدو أجسامُنا لآلِئَ تحكي عن ماذا؟ هبةَ السماءِ والتّجَلّي الأولَ، اثنانِ يُمسكانِ الأرضَ كي لاتَتَصَدّعَ، يبلغانِ الماءَ، يفترُّ ثَغْرُ الماءِ عن شواطئَ مُمْتَدّةٍ، نسكنُها، لبَعْضِ الوقتِ، سِرُّ الانسجامِ بينَ الطبيعةِ والحُبِّ، تَماسٌ يبْلُغُ الْمَهْدَ، أَلْمِسُ المَهْدَ، أبْلُغُ مَداهُ بِما أُوتيتُ مِن هَوىً، أغيبُ في درجاتِهِ القُصوى، أَصِلُ إلى الأعالي. الزُّمُرُّدُ والياقوتُ والمِسْكُ والعَنْبَرُ لَيْسَتْ سوى أرواحٍ في بَيْتِكِ المُعَطّرِ وأنا الارتحالُ في مَهْدِكِ والسَّناءُ الذي جاءكِ مِنْ بَعْدُ، ثُمّ تَشَرَّدَ، مَنْ يُدنيني منكِ، مَرةً أُخرى، سِوى لآلِئَ هَاربَةٍ منَ ميادينِ القتلِ والتَّلوُّثِ والعَماءِ، تَنْسِجُ موسيقى، وتبني بُيوتاً مِنْ ولَهٍ ونُورٍ، عِنْدَ أبوابِها أنْتَظركِ، وعلى جُدرانِها أضعُ صُورَتَكِ، وعَبْرَ النّوافذِ أرمي زهوراً للعالمينَ. (5) حينَ يشتدُّ الفِراقُ أتَسَرْبَلُ بالغيمِ وأغيبُ أُشْعِلُ القمَرَ الفِضِيَّ الأنيقَ، تَرْسو فيه مَراكبي، وألوذُ بالصَّمتِ مَعَهُ، أُعلنُ لهُ اعْتِذاري عَنْ مُرافَقَتِكِ، وقَوْلي الشِّعرَ في لآلِئكِ. آهٍ.. لومددتُ الشِّعْرَ في اتّجاهاتٍ أخرى، لَمَاغَدَوْتُ رَهيناً في أقاليمِكِ. في عَصْرِ التَّشَظّي، أبقى وَحيداً، أَتَعَلَّمُ الأَبْجَدِيَّةَ العَاطِفِيَّةَ مِنْ جَديدٍ، أُحاذيها، تَظلُّ فِيَّ وأظلُّ فيها و أتأمَّلُكِ؛ كيفَ تَظهرينَ في صُوَرٍ مُختلفَةٍ. - هل تعرفينَ كيفَ تجيءُ القَسْوةُ إلى قُلوبِ العَذارى؟ يَكفي أنْ يَكْتُبْنَ تواريخَهُنَّ بالمادةِ، ولايَتعَلَّمْنَ مِنْ بَلقيسَ التي كَتَبَتْ تاريخَها بالعَاطِفةِ. هناكَ فَرْقٌ ! عَلَّمَتْني اللّآلِئُ أنَّ الكمالَ الإنسانيَّ لايَقِلُّ بَهْجةً عَنِ الكَمالِ العَاطِفِيِّ، كِلاهُما بَهاءٌ. وأَسْأَلُ عِقْدَكِ عَنْ لُؤْلُؤَتِهِ المُضاعةِ في مَدائنِ الأَنْدلُسِ، لَمْ تَذهَبي لِالْتِقَاطِها؛ حَيْثُ الأَنْدَلُسِيّاتُ يَعْزِفْنَ الحُبَّ بأوتارِ الخَاصِرَةِ. وأَسْأَلُكِ: في أيِّ الجَمَالِ تَمْضينَ؟ وتَصعَدُ فِيَّ نَظَراتُكِ الجَانِبِيَّةُ في ضُحى اللِّقاءاتِ، كنتِ تَعرفينَ مَنْ أنْتِ؛ امرأةٌ في ثَوْرَةِ الحُبِّ تُمْضي رِحلةً أَبَدِيَّةً، هكذا أَسْرَرْتُ لَكِ، وظَلَلْتُ مَعكِ، أرسُمُكِ لُؤلُؤةً حقيقيّةً، شَهْداً، غَيْرَ ماعَرَفْتِهِ مِنْ عُقودٍ وجواهِرَ، تُوقِظُ البِحارَ لِتَلُتفَّ على الكُرةِ الأرضيّةِ أكثرَ، تدعو النَّاسَ إلى البَحْثِ مَرَّةً أُخرى عَنِ اللَّآلِئِ المُهْمَلَةِ في قاعِها، يَتَزَيَّنونَ بِها، ويَصيرونَ مِثْلَها؛ لآلِئَ طبيعيَّةً. اجْعليني أنا ولُؤلؤتَكِ في ذُروةِ الوصالِ الأمينِ وتلامُسِ الأَيادي عندَ بَعْثِ حَركَةِ الهوى في صَفحةِ الكونِ وعَصْركِ المَكينِ (6) عندَ الخريفِ العائدِ بِصَمْتِهِ الذّهَبِيِّ، أعودُ، لأَراكِ، خُطاكِ الخَريفيَّةُ تروقُ لي، مِثلَ شُعاعِ لَمْسَةِ حِذائِكِ على الورقِ الأصفرِ أو نَيزكٍ، لَديها ماتَقولُهُ لِي، أَوْدَعْتُها لَمْسي، ولَمْسُ قَدمَيكِ حُلمٌ و لَيْلَكٌ، ثُقوبٌ صارتْ بالورقِ المُتَساقطِ، وثُقوبُ القلبِ أكبرُ، وحولَ الثُّقوبِ غُصونٌ مُهَشَّمَةٌ، وأَعْصابٌ مُهْمَلَةٌ، حُلُمي تَلَوَّنَ في الاتِّكاءِ الهامِسِ في الصَّباحاتِ القُرْمُزِيَّةِ، تَناثَرَتْ على نَرْجِسِكِ قَطَراتٌ مِنْ ماءٍ مُعَطَّرٍ وتَدَلّى شَوْقُ لآلِئِ عِقْدِكِ عَلى صَدْرِكِ لِمَسافاتِ حُبٍّ أَبْعَدَ، شِعرٌ وعاشقٌ وعاشقةٌ وانْسجامٌ، وأَورِدةٌ تَحِنُّ، وشرايينُ تَتشابكُ، ولُؤْلُؤٌ يَنسى بَحرَهُ حينَ يَراكِ، وأَحْزمةٌ، وأشجانٌ، و«الحَصابيُّ» تُحاذي «الدّانتيلا» تَعتصمُ في المُلكِ الأُنثويِّ مَنْ يَمنحُ الآخَرَ الحُبَّ الأرقى؟ مَنْ يَملِكُ الشَّوْقَ الأَنقى؟ تَتَبَوّئينَ العَرشَ العاطفيَّ غَيرَ المنظورِ كُلِّهِ، مُشاهَدٌ بعضُهُ، أطرافُهُ بَحْرٌ يَدلُّ عليكِ، وامْتداداتُهُ لآلِئُ أَخْبَرتْ عَنكِ، وأنا وأنتِ واللُّقْيا والسِرُّ العاطفيُّ الأعظمُ نَمْضي، ندخلُ أرضَ غُرْبَتِنا، ويُضيءُ اللَّيلُ. (7) يَقتضي قَلبي أنْ تَستَفتِحي الكتابَ العاطفيَّ بالمقدماتِ اللُّؤلؤيةِ عن عُرسكِ، تَذهبينَ إلى الضِّفَّةِ البَحريَّةِ، هُناكَ، وتَنتظرينَني، هاهيَ الغُرَفُ تَصْطفُّ على الضِّفافِ، أشعَلتُ بها حُبّاً وحُرّيّةً وزانَتْ بعُطورٍ لُؤلؤيةٍ لاتجرحُ أحَداً أَهْدَتْكِ السَّلامَ. جدائلُكِ رسائلُ تَنْتظرُ الحُبَّ ضيفُ جوارحِكِ أنا وحسابُ التفاضُلِ والتَّكامُلِ في وعْدِكِ هذا الطريقُ العاطفيُّ طويلٌ، ما زادُكِ؟ انْظُري إلى لُؤْلُؤتِكِ مِنْ أيّة جِهةٍ شِئْتِ: تَرَيْ قصيدتَكِ العاليةَ، التي تَعْرفُ مواعيدَها معي، مُتَّكِئَةً على مُفْرداتي، كلُّ مُفردةٍ صَديقةٌ لكِ، تَبقى مَعكِ في الخَلْوةِ العِطْريَّةِ، تَنسابُ لأَنْهُركِ، وعندَ أشجارِها تستريحُ، أنهرٌ تَتَحَدَّرُ مْنْ مدائنِ الحُبِّ الأُسطوريةِ، لا يَرْحَلُ عنْها حُبٌّ وَضعناهُ في بُيوتِها القِرْمِيديَّةِ الحَمْراءِ، كلُّ أبوابِها والنَّوافِذِ تَذْرِفُ دُموعَ فَرَحٍ بِرُؤيَةِ عاشِقَيْنِ تَمضي بَهما الرِّيحُ في زَوارقَ بَلُّورِيَّةٍ في الشَّوارعِ المائيَّةِ، تَحْضُنُ آهاتٍ تَتَوَهَّجُ، وجدائلُكِ رسائلُ تَنْتظرُ الحُبَّ عندَ كُلِّ خَصْلَةٍ، ونَتَزَيَّنُ في الظلالِ بالجُلوسِ الحُلْوِ العَابِر، والمحاولاتِ العَفْويَّةِ لِعَزْفِ القِيثارَةِ، في التّعَلُّمِ العاطفيِّ كلُّ الصَّمْتِ صدى عَزْفِ أجْسادٍ تَرْحَلُ في ضِياءٍ عازفٍ هُوَ الآخَرُ، مُكبّلانِ باللّقاءِ، أنا وأنْتِ إيقاعاتُ العاطفةِ لآلِئُ أكنافِكِ وأعطافِكِ، وحينَ تَخْبو المصابيحُ، تُضيءُ اللآلِئُ والأقمارُ الجَسدِيَّةُ، متاهاتُ الحبِّ الخالدَةُ، وحْدَها الباقيةُ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©