الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مثلث الصراع الدامي

10 ديسمبر 2015 22:32
في كتابه «المثلث الدامي.. أفغانستان وباكستان والهند»، والذي نعرضه هنا، يلقي وليام داريمبل، صاحب المؤلفات العديدة حول الهند والعالم الإسلامي، نظرة على حاضر أفغانستان ومستقبلها، كما يتناول خطر الصراع المتزايد بين باكستان والهند. ويبدأ المؤلف كتابه بقصة الرائد ميتالي مادوميتا، وهي ضابط في الجيش الهندي كانت تشارك في تدريب المجندات بالجيش الأفغاني، وحدث أن تعرض مقر ضيافة زملائها من العسكريين الهنود لهجوم إرهابي، فكانت أول من انتشل رفاقها القتلى والمصابين في ذلك التفجير الدموي. ويعتقد الكاتب أن تلك العملية الإرهابية كانت مهمة مشتركة بين جماعتي «حقاني» و«لشكر طيبة» المقربتين من باكستان، في إطار العداء المتبادل بين نيودلهي وإسلام آباد، والذي عمّقه التنافس على النفوذ في أفغانستان. ويتناول المؤلف الصراع في أفغانستان باعتباره تمرداً بشتونياً ضد السلطة القائمة برئاسة حامد كرزاي، ومن بعده أشرف غني، وهما بشتونيان مكّنا عرقيات الطاجيك والأزوبك والهزارة، مثيرين استياء الأغلبية البشتونية. فقد أمسك البشتون بزمام الحكم منذ أن وضعت حدود أفغانستان الحالية في ستينيات القرن الـ19، لذلك فإن كثيرين منهم يشعرون بالتعاطف مع «طالبان». لكن خلف ذلك النزاع العرقي المتأصل، يلوح لـ«داريمبل» العداء الأكثر خطورة بين قوتين إقليميتين نوويتين، هما الهند وباكستان، واللتين خاضتا منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947 ثلاث حروب، كما بدتا إبان أزمة 1999 على حافة تصعيد نووي، قبل أن تقنع الولايات المتحدة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بسحب قوات بلاده نحو جانبها من خط الهدنة. وهو تنازل كلّف شريف منصبه وكاد يكلفه حياته حين انقلب عليه قائد الجيش الجنرال برويز مشرف. ويقول المؤلف إن المخططين الباكستانيين طوروا منذ مطلع السبعينيات فكرة «العمق الاستراتيجي»، وتعني إقامة علاقات ودية مع أفغانستان والمحافظة عليها. ومن هنا كان نظام «طالبان» يحظى بأهمية في إسلام آباد لعدائه الشديد للهند، رغم النظرة الغربية لـ«طالبان» كحركة همجية تعود للقرون الوسطى. ورغم إعراض باكستان عن «طالبان» عقب هجمات 11 سبتمبر، بضغط أميركي قوي، يعتقد المؤلف أن الاستخبارات الباكستانية عادت لتقدم الدعم للحركة منذ عام 2002. بيد أنه بعد إطاحة الولايات المتحدة لنظام «طالبان»، أصبحت الحكومة الأفغانية الجديدة حليفة للهند، فكرزاي الذي تسلم الحكم بعد «طالبان» كان يكنُّ كراهية شديدة لباكستان التي يتهمها باغتيال والده عام 1999، وبالمقابل كان يشعر برابط قوي مع الهند التي درس في إحدى جامعاتها. وهو أمر استثمرته الهند لزيادة تأثيرها السياسي والاقتصادي في أفغانستان، فساعدت وساهمت في إعادة الإعمار، وقامت بمد طرق تربط أفغانستان بإيران وصولا إلى ميناء «تشابهار» في الجنوب الإيراني، لتحرر الأفغان من الحاجة للاعتماد على ميناء كراتشي الباكستاني. ورغم أن الحضور الهندي في أفغانستان لا يزال محدوداً، فقد ردت نيودلهي على التقارب بين كارزاي وقائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق كياني عام 2011، بتوقيع اتفاقيات تعاون مع كابول وبمزيد من الاستثمارات، كما أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر بتلقي الجيش الأفغاني التسليح والتدريب من الهند. وفي ظل سحب الولايات المتحدة لقواتها، ليس واضحاً ما إذا كانت الهند ستطلع بدور أوسع في أفغانستان، لكن المؤلف يجزم بأن المستقبل سيكون أكثر إشراقاً للدول الثلاث المأسورة بين أضلاع مثلث دام يملؤه الصراع وانعدام الثقة، إذا ما غيّرت باكستان والهند نظرتهما لأفغانستان. محمد ولد المنى الكتاب: المثلث الدامي.. أفغانستان وباكستان والهند المؤلف: وليام دارميبل الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2014
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©