السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خذوا «الحكمة».. بقوة

خذوا «الحكمة».. بقوة
10 ديسمبر 2015 13:14
خزعل الماجدي كانت الحكمة تسمى في مصر على اسم إلهة العدالة والحكمة (ماعت) أو (مات) التي يمكن أن تعني (الاستقامة، الحق، الحقيقة، الانضباط، العدل، القانون الكوني الثابت، المنطق، الصلابة)، وهي تعاكس الفوضى والفساد والشر التي تجمعها كلمة (أيسفت)، وكان رمز ماعت هو الريشة. لنتأمل في أسماء حقول مترادفة استخدمها المصريون بتميز شديد وواضح: فكلمة الكتابة، تصويتها بالهيروغليفية سش، وكتابتها بالحروف اللاتينية sis. أما الحكمة، التعليم فتلفظ سيبايت، وباللاتينية sebit، والمعرف تلفظ سيا، وتكتب باللاتينية sia، وكذلك الكلام المبدع أو الخالق، فهو حو hu، والسحر حكا hika. أما التعليم والحكمة فكلمتهما هي (سيبابت) وهي مشتقة من جذر (سيبا) التي تعني أيضاً (باب، نجم) وهذا ما يشير إلى أنها تتضمن الرشاد والهداية، ونظن أنها مصدر كلمة (سوفيا) الإغريقية التي تعني الحكمة، فإذا كانت الفلسفة (فيلو سوفيا: حبّ الحكمة) إغريقية الشهرة فإن (الحكمة) مصرية الأصل، فقد ظهر حكماء مصر في كل عصورها وكانوا عنواناً نادراً لتوازن المجتمع المصري القديم وحكمته، وكانوا هم ومدارس الأسرار الروحية والمعابد مصدر الفلسفة الإغريقية كما سنرى. الحكمة ارتبطت بالدين، وكانت التبشيرات الدينية الجديدة أقرب إلى الحكمة منها إلى الجوهر الروحي والديني، وهذا ما كان يدعو له الملوك والحكماء، وهذا ما حصل مع تعاليم إخناتون التي كانت تشير إلى دعوته أكثر مما تشير إلى النمط الأدبي الأخلاقي فقط كما ألفناه حيث «لم يترك لنا إخناتون أي كتاب مقدس، ومن ثم فإن ما أسسه لا ينتمي إلى ديانات الكتاب. وإن «كلمة الإله» بكل ما في هذه العبارة من معنى لا يوجد تخيل لها في الديانة الجديدة، حيث إن ذلك الإله الذي أُعلن عنه مؤخراً ظل صامتاً. فآتون نفسه لم ينطق ببنت شفة، بل على العكس فإن إخناتون المبشر به هو الذي تكلم عنه، ومن ثم فإننا يجب أن نعتمد على الأدلة المستوحاة والمستخرجة من النصوص الخاصة بالملك وبكبار رجال دولته، وتذكر لنا النصوص في كثير من الأحيان «تعاليم»، أو «تعليمات» إخناتون التي وضعها في قلوب رعاياه. ولتأكيد ذلك، فإن الكلمة المصرية المستخدمة لهذا الغرض هي «سيبايت» التي تشير إلى أدب الحكمة المتداولة في الكتابات التي ترجع إلى عصور سابقة نحو أواخر الدولة القديمة، ولكن في عصر العمارنة يبدو في الحقيقة وعلى وجه الحصر أن حالة التعاليم والتعليمات كان الملك هو فقط الذي يفصح عنها، ولا يوجد في أي مكان آخر أي أثر للرسالات الدينية» (هورنونج: 2010: 73). أما حكماء مصر فكثيرون وسنذكر أهمهم وأهم بردياتهم وكتبهم: 1. كا أرسو: عاش نحو (2704 - 2680) ق.م في زمن الأسرة الثالثة معاصراً للملك (حوتي) آخر ملوك هذه الأسرة، وله صفحتان من بردية ذكر فيها آداب الطعام وسلوك المباشرة والتواضع وعدم التفاخر بالقوة ومن حكمه: السكين تشحذ لمن يحيد عن الطريق المستقيم، وقد كتب تعاليمه هذه إلى ابنه (كاجمني) (قاقمنا) الذي أصبح حكيماً بعده. 2. كاجمني (قاقمنا): وجدت حكمته في بردية بريس، وقد عاش هذا الحكيم في زمن الأسرة الثالثة وبداية الأسرة الرابعة معاصراً للملك سنفرو، أما بردية بريس فقد جاءت مكتوبة بالهيراطيقية من الأسرة الثانية عشرة، ويعرف كاجمني أيضاً باسم (ميمي)، ورغم أن المراجع المصرية تذكر أن كاجمني هو شخص آخر عاش في زمن الأسرة السادسة وكان وزيراً ونسيباً للملك تيتي. نصائح كاجمني: «إذا جالست نهماً فكل عندما تنتهي شهيته... وإذا شربت مع سكير، فشاركه حين يبلغ كفايته» «لا تتكالب على اللحم في حضرة.... وإذا أعطاك شيئاً فخذه ولا ترفضه، فإن ذلك يرضيه» «إذا كان المرء غير مألوف العشرة، فما من قول يفيد فيه، إنه يقطب وجهه أمام من يحسنون إليه، وهو نكبة على أمه وأصدقائه، وكل الناس تقول عنه: إن فمه لا يستطيع الكلام عندما يخاطبه أحد» «لا تفاخر ولا تزهُ بقوتك بين من هم في سنك، وكن على حذر من كل إنسان، حتى من نفسك، إن المرء لا يدري ماذا سيحدث، كما أنه لا يدري ما الذي سيفعله الله عندما ينزل عقابه» ثم تختتم التعاليم بالنص الآتي: «ثم نادى الوزير أولاده بعد أن انتهى من مقاله عن قواعد سلوك بني الإنسان وأحوالهم، كما عرفها بنفسه، وقال لهم: «أصغوا وعوا كل ما أوردته في هذا الكتاب طبقاً لما قلبته»، و«عندئذ خروا سجداً على بطونهم، وقرؤوه طبقاً لما هو مكتوب، وكان في قلوبهم أحسن من أي شيء آخر في البلاد كلها، وقاموا وقعدوا متبعين ما جاء فيه» (مهران: 1989: 249). 3. إمحوتب: وهو الطبيب والمهندس الذي بنى هرم زوسر المدرج، ورغم شهرته الطبية والهندسية لكنه كان حكيماً أيضاً، وهو شاعر وفيلسوف وقد ظهر إمحوتب في زمن الأسرة الثالثة وتحديداً في زمن زوسر، وقد ضربت شهرته الآفاق وألهمت الإغريق لاحقاً وطابقوه مع الإله إسكلابيوس (إله الطب)، وهناك من طابقه مع النبي (يوسف) وغير ذلك، ونرى أن له علاقة بهرمس الحكيم المشهور الذي ظهر في العالم القديم. 4. بتاح حتب: وهو الحكيم الذي ظهر مع الأسرة الخامسة وهو وزير الفرعون (ديد كارع)، وقد وضعت تعاليمه في بردية (بريس) التي تعود لعصر الدولة الوسطى، وكانت حكمته تدرس حتى عصر الأسرة 18. وقد وضع حكمته في البردية على أنها (كلمات الإله) وعددها 37 حكمة شملت آداب التواضع والمحادثة والعدالة والحقيقة والوداعة والمائدة والكرم والأمانة واحترام الواجب والسعادة وحق الأبناء والتقاليد والخلاص والنساء والفوز بالزوجة الصالحة والنميمة وغيرها، وهذه بعض حكمه: يقول «بتاح حوتب» في نصائحه لولده: «لا تزهد بمعارفك، ولا تحسبن نفسك عالماً، ولكن اجعل الأمر شورى مع الجميع، خذ نصيحة الجاهل، كما تأخذ نصيحة العالم، لأن حدود العالم لا نهائية، وليس هناك من يبلغ الكمال في أحديثه، والقول الحكيم أشد ندرة من الحجر الأخضر، ومع ذلك فقد تجده الإماء اللائي يجلسن إلى الرحى». «إذا وجدت رجلاً يتكلم، وكان أكبر منك وأسدى حكمة، فأصغ إليه، وأحن ظهرك أمامه، ولا تغضب إلا إذا تفوه بالسوء، وعندئذ سيقول عنه الناس: تبا له من جاهل – إذا وجدت رجلاً مساوياً لك يتجادل، وأثار حديث السوء فلا تسكت، بل أظهر حكمتك وحسن أدبك، فإن الكل سيثنون عليك، وسيحسن ذكراك عند العظماء – إذا وجدت رجلاً فقيراً (ليس مساوياً لك) يتكلم فلا تحتقره لأنه أقل منك، بل دعه وشأنه، ولا تحرجه لتسر قلبك، ولا تصب عليه جام غضبك فإذا بدا لك أن تطيع أهواء قلبك فتظلمه، فاقهر أهواءك، لأن الظلم لا يتفق مع شيم الكرام»(مهران: 1989: 238). 4. إيبّور (إيبو العجوز): وهو الحكيم الذي حذَّر من ثورة اجتماعية قادمة في زمن الأسرة السادسة، وكان موضوع التحذيرات هو ظهور علامات على خراب شامل في البلاد في عهد أحد الحكام فثار الناس عموماً على الموظفين والطبقة الحاكمة وعصي الجند قادة البلاد، وقام الساميون بتهديد الحدود الشرقية لمصر وانحل نظام الحكم المنظم في مصر تماماً وقضي على المنجزات الحضارية التي ظهرت في العهدين العتيق والقديم، وكان الملك الطاعن في السن يعيش في طمأنينة في قصره تحيطه الأكاذيب التي كان يسمعها له موظفوه الكبار، وحين ظهر الحكيم إيبور ونطق بالحقيقة وأوصل وصفه لما آلت إليه الأمور وأوصل كلامه للملك ووصف له الخراب الذي عم البلاد وتنبأ بما سيأتي بعد، وكان محقاً في تحذيراته وتنبؤاته، ولكن الأوان قد فات ولم يستطع الملك العجوز إيقاف التداعي الذي تراكم عبر فساد حكام الأقاليم والأمراء والوزراء وحتى الملوك. حصل ذلك في نهاية الدولة القديمة حيث بدت مصر في نهاية الأسرة السادسة وما بعدها لغاية الأسرة الثانية عشر وكأنها غرقت في ظلام دامس، فقد غابت عن الوجود وبدت كما لو أنها سقطت في بئر من الظلام، ويرى المؤرخون أن الملك الذي اختفت معه الدولة القديمة ربما يكون بيبي الثاني الذي جلس على العرش في السنة السادسة من عمره وحكم أربعة وتسعين عاماً كما تقول النصوص المصرية نفسها، وهكذا كانت حكة إيبور شهادة على شرف عظماء البلاد من حكماء ومثقفين من أجل إصلاح الأمور وتدوين ما حصل. تحذيرات إيبور: «حقاً إن الأرض تدور كعجلة الفخار، واللص أصبح صاحب ثروة حقاً أن النهر قد امتلأ بالدم، فأصبح الرجل يعاف الشرب منه، حقاً أن البلاد قد أصابها الدمار، وأصبح الصعيد خاوياً انظر لترَ قلائد الذهب والجواهر على نحور الجواري، على حين تشتهي الحرة كسرة من خبز، وتقول «أما من شيء نأكله» «انظر لترى المناصب وقد خلت من أربابها، ولترى الناس يهيمون كالأنعام، بل هم أضل سبيلاً، حقاً لقد عز الذليل، وذل العزيز، وطمع الغرباء في البلاد، فها هم ينتشرون في الأرض، ويعيثون فيها فساداً. انظر: لقد عم الحزن البلاد من أقصاها إلى أقصاها، والناس يستغيثون ولا مغيث ويستجيرون ولا مجير. انظر: لقد أصبحت الحياة مرة حتى عافها الناس، رخيصة حتى هانت على الناس، يقول الكبير: يا ليتني مت قبل هذا، وكنت نسياً منسياً، ويقول الصغير: ليت أمي لم تلدني، انظر: كيف يضحك الوضيع من بكاء العظيم؟ انظر: لقد أصبح الناس يأكلون الحشائش، ويشربون الماء، ولا توجد فاكهة، كما لا يوجد عشب يأكل منه الحيوان والطير، وأصبحت القاذورات تختطف من أفواه الخنازير، ولم يعد أحد يقول: هذا لي (مهران: 1989: 293). عاش هذا الحكيم في زمن الأسرة السادسة نحو (2374 - 2280) ق.م وعاصر الملك بيبي الثاني ووجه له تعاليمه، وقد اشتهر إيبّور بوصفه للثورة الاجتماعية المدونة على بردية لايدن 344، والتي سميت لاحقاً بـ(بردية إيبّور)، أما حكمته فقد وضعها في قول منثور وقصائد شعرية في الحكمة حيث وصف الفساد ومظاهر الفساد في ذلك العصر وتصاعد المأساة ثم ذكر بعبادة الآلهة ووصف المستقبل السعيد، وكان زمن البردية كتابةً هو الأسرة 18 وما بعدها لغاية الأسرة 19 ومكتوبة بالخط الهيراطيقي، وتسمى تحذيرات إيبور. 6. دوا خيتي: عاش هذا الحكيم نحو 2300 ق.م إبان الأسرة التاسعة، وربما كان الملك خيتي الأول معاصراً له، وقد ألف أحد المواعظ والتعاليم لابنه (بيبي)، ويعتقد البعض أن المؤلف هو نفسه مؤلف وصايا أمنمحات، والتعاليم تصف مساوئ المهن وتمجّد بمهنة الكتابة، وقد جاء النص في بردية ممزقة من عصر الأسرة 19 وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني، وتسمى أيضاً بردية (دواؤف). 7. خيتي (أختوي) الملك: ظهرت تعاليم الملك إلى ابنه مريكرع نحو 2133 ق.م من الأسرة العاشرة وهو الملك خيتي الثالث وكانت تحث على الحكمة السياسية وطريقة الحكم واحترام الشعب وإقامة العدالة والعمران وتحث على مخافة الإله وأداء الطقوس، وقد كتب نص تعاليمه في بردية محفوظة في متحف ليننغراد كتبت منذ الأسرة 18 وجاء في بعضها: «هدِّئ من روع الباكي ولا تظلم الأرملة، ولا تحرم إنساناً من ثروة أبيه، ولا تطرد موظفاً من عمله، وكن على حذر ممن ينتقم مما قد وضع عليه من ظلم، لا تقتل فإن ذلك لن يكون ذا فائدة لك، بل عاقب بالضرب والحبس فإن ذلك يقيم دعائم هذه البلاد، اللهم إلاّ من يثور عليك وتتّح لك مقاصده، فإن الله يعلم خائنة القلب والله هو الذي يعاقب أخطاءه بدمه، لا تقتل رجلاً إذا كنت تعرف جميل مزايا، رجلاً كنتَ تتلو معه الكتابات (أي زميلك في المدرسة)» (نخبة من المفكرين المصريين، أحمد فخري. د. ت: 441). 8. نب - كاورع: ربما كان هذا الحكيم هو آخر ملوك الأسرة التاسعة ويسمى (أختيوس الثاني)، وقد جاء ذكره في قصة الفلاح الفصيح، وكان معروفاً بالسخرية، وقد ترك حكمته موجهة إلى ابنه مريكاو رع نحو 2000 ق.م وكانت تشير إلى تمجيد صناعة الكلام والمحادثة وحب الخير والحذر واليقظة والحديث عن كبار الموظفين وواجبات الحاكم والتذكير بالعالم الآخر ويوم الحساب ومعاملة الجيل الجديد والنشاط والعدل وصفات الحاكم. 9. أمنمحات الأول: لم يكن الملك أمنمحات الأول (1991- 1962) ق.م حكيماً بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكنه حين تعرض إلى مؤامرة كادت تودي بحياته أشرك ولده (سنو سرت الأول) في الحكم وكتب له (تعاليم) بليغة ومهمة في السياسة والحكم تحذره فيها من الثقة بالأصدقاء ومن مؤامرات المقربين وتسرد المؤامرة التي حصلت وتحذر ابنه من مؤامرات قادمة. «أنت يا من غدوت ملكاً، استمع لما أقول، حتى تصبح ملكاً على البلاد، وتحكم على ضفاف النهر، وتسيطر على العالم، وحتى يمكنك أن تحقق الخير، خذ الحذر من عمالك، فما أطاع الناس إلا من أرهبهم، وإياك أن تدنو منهم وحدك، لا تثق بأخ، ولا تصطفِ لنفسك صاحباً، أو تتخذ خليلاً، فلا خير في ذلك ولا جدوى منه». «لتكن حارس نفسك عندما تنام، حرصاً على حياتك، فلا صديق لامرئٍ في ساعة الشدة، فأنا قد أعطيت السائل، وربيت اليتيم، وأعنت المعدم، ومع ذلك، فالذي أكل خبزي هو الذي استعدى الناس عليَّ، والذي مددت له يد المعونة ردها بالمكيدة، والذين اكتسوا بكتاني الفاخر نظروا إلى كخيال، والذين ضمختهم بعطوري قد أنتنوا أنفسهم بطيبها، فدخلوا مخدعي ليغدروا بي» «إن تماثيلي وصوري قائمة بين الأحياء، وأعمالي ذائعة بين الناس، ومع ذلك فقد دبروا مؤامرة ضدي لم يسمع بها أحد، وأقاموا صراعاً كبيراً لم يره أحد (أي لم يفش أحد إليَّ بسره)، لقد قاتل الرجال في مكان الصراع، ونسوا ما كان بالأمس، أن حسن الطالع لا يكون من نصيب من يجهل ما دبر له». (مهران: 1989: 329). 10. آني: الحكيم آني ظهر في حدود 1580- 1558 ق.م في عصر الملكة أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس، لكن برديته وصلت لنا بعد نسخها المتواصل من عهد الأسرة الحادية والعشرين، وهي محفوظة في المتحف المصري (بردية بولاق 4)، وهناك بعض فقرات النصائح في برديات أخرى، وقد كتبت البردية في عصر اضمحلال كانت فيه السيادة لرجال الدين والدعوات للرضوخ لحكم القضاء والقدر والتدين الأعمى. وتسمى البردية بـ(نصائح آني) الموجهة إلى ولده (خونسو – حتب): 1. أخلص لله تعالى في أعمالك لتتقرب إليه وتبرهن على صدق عبوديتك حتى تنالك رحمته وتلحظك عنايته فإنه يهمل من توانى في خدمته. 2. لا تتقرب إلى ربك بما يكرهه ولا تبحث أسرار ملكوته، فهي فوق مدارك العقول، واحفظ وصاياه وإرشاداته فإنه يرفع من يمجده. 3. احترم الأعياد وأدّ شعائرها وإلاّ فقد خالفت أوامر الله. 4. لا تستعمل الغوغاء والضجيج في بيت الله أيام أعيادك وادع ربك تضرعاً وخفية بقلب مخلص فذلك أقرب للإجابة. 5. إذا استشارك أحد فأشر عليه بما تقتضيه الكتب المنزلة. 6. تتهذب النفوس بالحسنات والترنيمات والسجود. 7. من اتهم زوراً فليرفع مظلمته إلى الله تعالى فإنه كفيل بإظهار الحق وإزهاق الباطل. 8. اجعل لك مبدأ صالحاً وضع نصب عينيك في جميع أحوالك غاية شريفة تسعى إليها لتصل إلى شيخوخة حميدة وتهيئ لك مكاناً في الآخرة فإن الأبرار لا تزعجهم سكرات الموت. 9. صن لسانك عن مساوئ الناس فإن اللسان سبب كل الشرور، وتحرَّ محاسن الكلام واجتنب قبائحه فإنك ستسأل يوم القيامة عن كل لفظة. 10. تزوج حديثاً لترى لك ولداً في ريعان شبابك يكون سبباً في احترامك وإجلالك وبرهاناً على صلاحك وتقواك. (زكري 1923: 26- 27). «سأحدثك بكل ما هو حسن، لكي يعيه قلبك، فاتبع ما أقول، حتى تكون محمود السيرة، بعيداً عن كل شر، ويقول عنك الناس: إنك لعلى خلق عظيم، ولا يقولون: إنك فاسد بليد، وإذا اتبعت ما أقول فإنك ستتجنب كل شر، وتبتعد عن مواطن الزلل». وفي الزواج المبكر والحض عليه يقول آني لولده «خونسو حتب»: «تخيّر لنفسك زوجة منذ الصبا، عساها تنجب لك طفلاً، فإنها إن أنجبته وأنت شاب، استطعت أن تربيه وتجعله رجلاً، وطوبى للرجل إذا أصبح كثير الأهل، وأصبح يرتجى من أجل أبنائه» وفي آداب الزيارة يقول: «لا تكن سليطاً ولا متطفلاً، ولا تدخل بيت غيرك (من غير إذن)، وعندما تكون في منزل أناس آخرين، وترى عينيك شيئاً فالزم الصمت ولا تبح به لأي شخص كان في الخارج، حتى لا تكون لك جريمة كبرى، عندما يصل أمره إلى الأسماع» «وفي تحذير ولده من النساء الغريبات وارتكاب الفاحشة يقول آني: كن على حذر من المرأة المجهولة، لا تطل النظر إليها عندما تمر بك، ولا تقضي منها وطراً، فقد تراودك عن نفسها، لا تستجب لها حتى في غفلة من الناس، إنها جريمة يستحق صاحبها الموت عندما يشيع أمرها بين الناس». (مهران: 1989: 261) 11. آمنمؤبي: مع الحكيم أمنمؤبي نصل إلى ذروة الحكمة المصرية في تطورها، فقد ظهر في حدود 1000 ق.م بين الأسرتين 21- 22، وقد وجه نصائحه إلى ابنه (حور ماحر) على بردية حصل عليها والس بدج 1888م وهي محفوظة في المتحف البريطاني برقم 10474، ويرى الكثير من الباحثين أنها أساس ما دونته التوراة في الحكم والأمثال المنسوبة إلى الملك سليمان. كان أمنمؤبي موظفاً في مخزنٍ للحبوب بدرجة ناظر في شؤون الحبوب في إقليم أبيدوس وكان اسم والده (كار نخت) وكان ولده أحد كهنة الإله (مين) في أخميم. وكان عدد فصول الوصايا هو ثلاثين، وينقسم الفصل الثامن إلى ثلاثة أقسام: أولها: عن أهمية الذكرى الطيبة، «اغرس طيبتك في قلوب الناس، حتى يحييك كل إنسان» وثانيها: يحض على اجتناب القول الخبيث، «كن رصيناً في تفكيرك، وثبت فؤادك، ولا تتعود على أن تجدف بلسانك حتى تكون مضلاً عند الآخرين، ومحترماً في شيخوختك، وآمناً من بطش الإله (الله). وثالثهما: عن حفظ السر، لا تفضح إنساناً بهتك سرّه، وإذا عرض عليك أمر لتحكم فيه، فكون رأيك في نفسك، واجعل الحسن منه على لسانك، وأما القيح فاخفِه في بطنك» ويحث الفصل التاسع على تجنب الأحمق وسبله، ونقتبس منه: «لا تصاحب الأحمق واحذر من الاندفاع». «لا تصاحبن رجلاً حاد الطبع، ولا تلحنَّ في مصادقته، واحفظ لسانك من مقاطعة من هو أرفع منك مقاماً، وخذ الحيطة لنفسك من أن تذمه، ولا تجعله يرمي بكلام يوقعك في شركه». «والرجل الأحمق يقول قولاً مقذعاً يستحق عليه الضرب، وجوابه مليء بالشر، وهو يثير النزاع بين الإخوة، واللهيب يتقد في جوفه، فحذار أن تنضم إلى هذا الرجل» (مهران: 1989: 270). 12. أمِنبْت بن كانخْت: عاش نحو 1000 ق.م وكتبت حكمه وأمثاله بالخط الهيروغليفي على الورق البردي المحفوظ اليوم في المتحف البريطاني تحت رقم 101745 ويرجع تاريخها إلى الأسرة الثانية والعشرين وقد عمل على ترجمتها إلى الإنجليزية العالم الأثري بدج Budge، ومنها: 1. احفظ هذه الوصايا واعمل بها تعش سعيداً ولا تهملها لئلا تحل بك النكبات والمصائب. 2. لا تسرق مال غيرك لئلا يقبض الله روحك في لمحة بصر، ويبدد أموالك ويخرب بيتك، وتصير عبرة لمواطنيك ومضغة في أفواههم في حياتك وبعد مماتك. 3. إذا أذل الغني فقيراً أذله الله تعالى في هذه الدنيا وأذاقه عذاب النار في الآخرة. 4. اجتنب سيئ الخلق فإنه أحمق ممقوت من الله والناس 5. سبح الله تعالى واعص الشيطان 6. لا تغالط شريكك أو زميلك في الحساب فيبغضك الله وتشتهر بالغدر والخيانة. 7. لا تظهر أمام الناس غير ما تبطن فتخدعهم واجعل باطنك كظاهرك فإن الله يبغض الكذوب المخادع». (زكري 1923: 33). 13. لقمان الحكيم: هناك الكثير من الغموض يكتنف شخصية لقمان الحكيم، ولكن الأرجح أنه حكيم مصري عاش في النوبة في حدود حكم الأسرة 21، ولا شك أن اسمه هذا وصل لنا بصيغته اليونانية (Alcaman) التي صاغها اللسان العربي (لقمان) وورد ذكره في القرآن الكريم. وليس هناك آثار أو برديات عنه وعن حكمته، بل هناك مرويات إسلامية تذكر أنه ابن أخت النبي (أيوب) وهو من أسوان بمصر. الكثير من حكمه وردت عند الحكيم الآشوري الآرامي (أحيقار) الذي كان وزيراً في بلاط الملك الآشوري سنحاريب ثم ولده أسرحدذون (680 - 669) ق.م والذي زار مصر في عهد الفرعون طهراقا. 14. عنخ شاشنقي: كاهن وحكيم مصري عاش في عين شمس في القرن الخامس قبل الميلاد، ويعتبر آخر أصحاب التعاليم الكبيرة والمؤثرة، وتمت مقارنته لاحقاً بزرادشت وتعاليمه.. وتم اتهامه بالتستر على مؤامرة ضد الفرعون وسجن رغم براءته، ومن تعاليمه وتعبيراته ما يلي: - لا تكن ساقط الهمة حين الشدة.. وافعل الخير وارمه وسط البحر.. وإذا فعلت معروفاً لخمسمائة إنسان ورعاه واحد فحسبك أن جزءاً منه لم يضع. زوّج ابنتك لصائغ.. ولكن لا تزوج ابنك لابنته. قد يستر الصمت حمقاً.. وقد يفضل البكم زلق اللسان.. وآية الحكيم فمه.. وإنما يتأتى التعليم بعد رقي الخلق.. ولا تقل إني عالم وتفرغ للعلم.. رفيق الغبي غبي.. ورفيق الحصيف حصيف.. ورفيق الأبله أبله. لا تشاور عالماً في أمر تافه.. ولا تشاور جاهلاً في أمر جلل.. ومن وعى ما تعلمه تفكر في زلاته.. فشل كريم خير من نصف نجاح.. الموت خير من الحاجة.. من هز حجراً وقع على رجله.. من سرق متاع آخر لن يبارك له فيه.. يسرق السارق بالليل ويقبض عليه بالنهار. ومن تعبيراته الطريفة: أعط الشغال رغيفاً تأخذ رغيفين من كتفيه. العزلة خير من أخٍ شرير. من حزن مع أهل بلده فرح معهم. لا تلف كثيراً حتى لا تتوقف. 15. بدي أوزر (بتوزريس Petosiris): كان (بدي أوزر) أو (بتوزريس كما أسماه الإغريق) يقف على رأس مجموعة من حكماء عائلته وهم معه (شسو، جد جحوتي إن عنخ، جدحر، بتوكم) وقد ظهروا في عصر الأسرة 30 وهي آخر أسرة فرعونية في حدود 360 ق.م إبان الغزو الفارسي الثاني والإسكندر الأكبر، وقد عثر على نصوصهم مدونة على جدران المقبرة التي شيدها بدي أوزر، وهي أشبه بالنداءات إلى الأحياء أو البيانات الأخلاقية للسير الذاتية وتتكون من عدة مدونات وتحتوي على تعاليم أخلاقية للطريق المستقيم وتعاليم الآلهة والخير وأخلاق الموت والدفن، إلخ.. كان بدي ـ أوزر كبير كهنة الإله تحوت في مدينة الأشمونين (هرمو بوليس) في أواخر الحكم الفارسي وفي أيام الإسكندر المقدوني وقد عاش حتى 300 ق.م، وينظر له كنبيّ تحوت، ولا شك أن له علاقة بشيوع الهرمسية في هذا الزمن، ومقبرته في جبّانة (نونا الجبل) في محافظة أسيوط وقد جمعت بين الفنيّن المصري واليوناني وفيها بعض مناظر للحياة اليومية والزراعية وبعض الصناعات. من نصائح كاجمني (قاقمنا) 1. اسلك طريق الاستقامة لئلا ينزل عليك غضب الله 2. احذر أن تكون عنيداً في الخصام فتستوجب عقاب الله 3. الابن الذي ينكر الجميل يُحزن والديه 4. متى كان الإنسان خبيراً بأحوال دنياه سهل عليه أن يكون قدوة حسنة لذريته. 5. إن قلة الأدب بلادةٌ ومذمّة 6. إذا دعيت إلى وليمة وقدم لك من أطايب الطعام ما تشتهيه فلا تبادر إلى تناوله لئلا يعتبرك الناس شرها. إن جرعة ماء تروي الظمأ ولقمة خبز تغذي الجسم. 7. احفظ هذه النصائح واعمل بها تكن سعيداً ومحمود السيرة بين الناس. ضاع الحق عندما ضاع الحق في بلده نعى عنخ شاشنقي ذلك إلى رع - الإله الذي يعبده ويتقرب إليه - بكلمات تقطر ألما وحزنا على ما آل إليه الوضع في البلاد فقال: إذا غضب رع على أرض نسي حاكمها العرف إذا غضب رع على أرض عطل القانون فيها. إذا غضب رع على أرض أبعد الطهر منها. إذا غضب رع على أرض عطل العدل فيها. إذا غضب رع على أرض سقطت الأقدار فيها. إذا غضب رع على أرض ضاعت الثقة فيها. إذا غضب رع على أرض رفعت جهلتها وخفضت علّيتها. إذا غضب رع على أرض جعلت أغبيائها فوق علمائها. من أمثال بتاح حتب 1. ما أعظم الإنسان الذي يهتدي إلى الحق وإلى الصراط المستقيم 2. من خالف الشرائع والقوانين نال شر الجزاء 3. لا ينجو الأثيم من النار في الحياة الآخرة 11. إن حدود العدالة لثابتة وغير قابلة للتغيير 4. إذا دعاك كبير إلى الطعام فأقبل ما يقدمه لك ولا تطل نظرك إليه ولا تبادره بالحديث قبل أن يسألك لأنك تجهل ما يوافق مشربه. بل تكلم عندما يسألك فيعجبه كلامك. 5. إذا كلفك كبير بحاجة فأنجزها له حسب رغبته. 6. إذا تعرفت برجل رفيع المقام فاحترمه وقدّره قدره اللائق به، تتفوق عليه في الكلام لئلا يعارضك من هو أكبر منك نفوذاً وأكثر خبرة لأن من الجهل أن تتكلم في مواضيع شتى في آن واحد. 7. لا تعق كبيراً عن عمله متى رأيته مشغولاً فإن الإنسان يعادي من يعطّل عليه أعماله. 8. لا تخن من أئتمنك.. لتزداد شرفاً ويعمر بيتك. (زكري: 1923: 16) من تحذيرات إيبور أنظر: لقد حدث هذا بين الناس، فمن لم يكن في قدرته أن يقيم في حجرة، أصبح الأن يملك فناء مسوراً، أنظر: إن الفضيلات الشريفات يرقدن على الفراش الخشن، والأمراء ينامون في المخزن، ومن لم يكن ميسراً له أن ينام على الجدران، أصبح صاحب سرير، إن الرجل الغني أصبح يمضي الليل وهو ظمآن، ومن كان يستجدي منه الحثالة، أصبح يمتلك الجعة القوية، أنظر: إن أولئك الذين كانوا يمتلكون الملابس أصبحوا في خرق بالية، أنظر: إن الذي لم يصنع أبداً قارباً، أصبح الآن يملك سفناً، وأصبح صاحبها ينظر إليها، غير أنها لم تعد ملكاً له، أنظر: إن الذي لم يكن يملك ما يظله من حرارة الشمس، أصبح الان يملك ظلاً، والذين كانوا يملكون ما يأويهم، أصبحوا عرضة للعاصفة. المراجع 1. زكري، أنطوان: الأدب والدين عند المصريين، مكتبة النهضة المصرية: القاهرة (1923). 2. مهران، محمد بيومي: الحضارة المصرية القديمة جـ1، الآداب والعلوم، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية (1989). 3. هورنونج، إريك: إخناتون وديانة النور، ترجمة وتقديم د. محمود ماهر طه، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة (2010). 4. نخبة من العلماء: تاريخ الحضارة المصرية (العصر الفرعوني) ج1، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ومكتبة النهضة المصرية، القاهرة، (د. ت). 5. موقع العجلوني، موضوع عنخ شيشنق تاريخ الاقتباس آب 2014.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©