الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رحلة ضارية في عالم «عرّاب» مافيا المخدرات الكولومبية

رحلة ضارية في عالم «عرّاب» مافيا المخدرات الكولومبية
14 ديسمبر 2014 23:55
إبراهيم الملا (دبي) رسالة مطبوعة بالدم والدموع تمثل العنوان الصارخ لفيلم «اسكوبار: الفردوس المفقود» الذي عرضه مهرجان دبي السينمائي مساء أمس الأول ضمن برنامج (سينما العالم). الفيلم من إخراج الإيطالي أندريا دي ستيفانو الذي يقدم فيلمه الروائي الطويل الأول بعد أن شاهدناه ممثلا أمام الكاميرا في أفلام مثل: «حياة باي»، و»لا تنظر للوراء»، و»طعام، صلاة وحب» و»قبل حلول الليل»، بينما يؤدي الممثل بينيسيو دل تور دور عرّاب تجارة المخدرات الأشهر والأخطر في كولومبيا بابلو اسكوبار الذي دوّخ ولسنوات طويلة أجهزة الأمن في بلاده وفي المكسيك والولايات المتحدة. عالم الجريمة جمع الفيلم بين الواقعي في سيرة اسكوبار، وبين المتخيل كتوليف روائي يستوعب أحداثاً وشخوصاً جدداً في هذه الرحلة الضارية وسط أحراش ومتاهات عالم المافيا والجريمة المنظمة. يعود بنا الفيلم إلى عام 1991 وبالتحديد إلى مدينة (ميدلين) بكولومبيا، حيث نرى السائح الكندي الشاب نيك (الممثل جوش هاتشرسون) بصحبة شقيقه وزوجته، وهم يبحثون عن مكان مناسب للعمل والترفيه والاستقرار في كولومبيا، وهناك قرب السواحل الساحرة المحاذية لإحدى الغابات يقرر الأخ الأكبر تنفيذ مشروعه السياحي في تدريب السباحين المبتدئين على التزلج فوق الأمواج. الأخ الأصغر نيك سيتعرف بدوره على الفتاة الكولومبية الجميلة ماريا (الممثلة كلوديا ترايزاك) التي تدير مشروعاً خيرياً لمعالجة الفقراء، هذا اللقاء العابر أو هذه الصدفة الحائرة في هدير الغيب ومفاجآت القدر ستكون هي المدخل المناسب لتعرف نيك على اسكوبار نفسه، فماريا هي ابنة أخ زعيم تجارة المخدرات الأشهر والذي يحاول بعث أسطورة روبن هود، حيث يستتر خلف غلالة سميكة من الخديعة الاجتماعية والزيف المقنّع بشعارات زاهية مثل مساعدة المرضى والفقراء والانتصار لهم في بلد موبوء بالبطالة والرشوة وانعدام الأمن. يقرر نيك الزواج من ماريا، ليصبح عضواً في عائلة اسكوبار الثرية، خصوصاً وأن ماريا مقربة ومحبوبة من عمها، الذي يخبئ خلف ملامحه الهادئة الكثير من النوايا السوداء القابلة للانفجار في أية لحظة. يعبّر اسكوبار عن حنان مفرط تجاه زوجته وأطفاله، ويختزن في ذات الوقت عاطفة شريرة وهوجاء، سوف يترصّدها الفيلم تباعاً وفي سلسلة دموية لاهثة. أول حلقة في هذه السلسلة الدموية ستكون ضحيتها عصابة من قطاع الطرق تهدد نيك وشقيقه. تداخلات السياسة وعندما يتهم وزير العدل اسكوبار بالوقوف وراء العديد من جرائم التصفية الجسدية وتهريب الكوكايين، ويهدده بالاعتقال، فإن الوزير نفسه سيكون الضحية المثالية لمن يهدد هذه الإمبراطورية الخفية والمتوغلة في أجهزة الدولة الفاسدة، وسينتج عن جريمة اغتيال الوزير نشوء جبهة مفتوحة للحرب بين عصابة اسكوبار وبين الشرفاء في الحكومة، وبمساعدة أجهزة الأمن في الدول القريبة والمتضررة من المافيا الكولومبية. يقرر اسكوبار عقد هدنة مع الحكومة وفي نفس الوقت يجبر أفراد عصابته على إخفاء ثروته من أموال ومجوهرات ومخدرات في الغابات والكهوف البعيدة، ويختار نيك لتنفيذ هذه المهمة الأخيرة ويخبره بضرورة التخلص من الدليل الذي يقوده إلى أحد المناجم النائية حتى لا يفشي سر العملية، ويكتشف نيك بعد انتهاء مهمته وبعد تخليه عن فكرة قتل الدليل، أن خطة اوسكوبار الشيطانية كانت تقتضي التخلص منه أيضاً، دون اعتبار لأي عاطفة أو علاقة مصاهرة كانت تجمعهما، فهذا العالم البشع المغلف بالأنانية القصوى، لا توجد فيه أية مساحة للمشاعر الإنسانية، إنها لغة المسدسات التي لا تتقن سوى الغدر والشك وتغليب المصلحة الذاتية على كل ما يمكن أن يعيد هذه الذات إلى ضميرها المغيّب والمطمور في أعماق النفس البشرية. افتقر فيلم «اسكوبار: الفردوس المفقود» لتأسيس الشخصيات وقياس ردات فعلها اعتمادا على طبيعتها وحاجاتها، خصوصاً فيما يتعلق بشخصية نيك الذي بدا منفصلا ومنذ البداية عن المناخ الشرس والمتوتر في البناء السردي المتصاعد في الفيلم، وفي المقابل فإن أداء دل تورو لشخصية اسكوبار ـ ورغم المساحة التخيلية المضافة إلى سيرته الحقيقية ـ جاء معبراً عن الدهاء والمكر والمناورات الخادعة التي لجأ إليها اسكوبار كحيلة منتمية في الأصل لغريزته الإجرامية المغالية في وحشيتها. إنه أيضاً الفردوس الذي فقد بوصلته نحو الخلاص، ليدخل الحالمون به في دائرة جهنمية من العذابات المكررة والمشرعة على الخوف والخيانة والنهايات الداكنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©