الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون»...البحث عن نقلة في سياسة الطاقة

2 ديسمبر 2011 22:15
دعني أوضح أولاً أني كنت دائماً إلى جانب الحزب "الديمقراطي"، لكن أحياناً أستشير ضميري وأدعم المرشحين المستقلين، واليوم أعتقد أن سياسة الطاقة هي من القضايا التي لا أشاطر فيها مواقف الحزب" الديمقراطي"، ومع ذلك لا يمكن القول إني كنت دائماً محبطاً من سياسات "الديمقراطيين"، فلعقود طويلة عملت سياسة الحزب على ضمان إمدادات مستمرة وثابتة من الإنتاج المحلي سواء تعلق الأمر بالنفط، أو الغاز الطبيعي أو الفحم الحجري، أو الطاقة الكهربائية، أو حتى اليورانيوم لضمان النمو الاقتصادي مع توفير الوظائف الجيدة للرجال والنساء الذين يعملون في قطاع إنتاج الطاقة، هذه السياسات أسهمت في خلق الازدهار الأميركي خلال الخمسينيات والستينيات وأوائل السبعينيات. وحتى قبل ذلك كان الرئيس "الديمقراطي" فرانكلين روزفلت" الرجل الذي غير حياة العديد من المواطنين الفقراء من خلال إنشاء هيئة وادي تنيسي وإدارة "بونفيل" لإنتاج الطاقة، وهما المشروعان اللذان أسهما في إدخال الكهرباء والصناعة إلى مناطق كانت حتى تلك الفترة في آخر سلم التنمية بأميركا. وبالمثل أشرف ليندون جونسون الرئيس "الديمقراطي" على إدخال الكهرباء إلى المناطق الشرقية لولاية تكساس محدثاً نقلة نوعية في الاقتصاد، مازالت تستفيد منها الولاية حتى اليوم. وفي كل تلك الخطوات المهمة كان "الديمقراطيون" وليس "الجمهوريين" من أشرفوا على إحداث التغيير المطلوب في سياسات الطاقة الأميركية. وعندما حلت الأزمة النفطية في السبعينيات ساند العديد من "الديمقراطيين" إدارتي نكسون وفورد في محاولاتهما وضع سياسات شاملة في مجال الطاقة، فقد أدركوا وقتها أن الطاقة ليست مجالاً للصراع الحزبي، بل موضوع يوحد الناس لضمان أمن وسلامة الأمة مستقبلاً. وهكذا وقف المشرعون "الديمقراطيون" إلى جانب "كارتر" في اعتماد جملة من التكنولوجيات المتطورة والسياسات الطموحة بما فيها الاعتماد على الطاقة النووية ومعايير جديدة للحفاظ على الطاقة، فضلاً عن تطوير مصادرها الجديدة، وعلى رأس تلك الخطوات الموافقة على خط أنابيب يربط ألاسكا وباقي الولايات ورفع القيود عن أسعار الغاز والنفط. وفيما ارتفعت أصوات بعض "الديمقراطيين" داعية إلى التخلص من مصادر الطاقة التقليدية وترشيد الاستهلاك، فإنها لم تقف أبداً في وجه السياسات السليمة التي تدعم قطاع الطاقة وترفع الإنتاج لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، فمَا الذي جرى اليوم حتى تتراجع القيادة "الديمقراطية" عن مسارها وتصل إلى مستوى متدن في دعم سياسات الطاقة؟ فعلى مدى السنوات الماضية، أهدر قادة الحزب "الديمقراطي" في الكونجرس الفرصة تلو الأخرى لاعتماد برنامج إدارة النفايات النووية، وأبدوا معارضة غير مفهومة لاستغلال الصخور النفطية. وخلال الشهر الجاري وصل "الديمقراطيون" إلى أدنى مستوى، عندما أخرت إدارة أوباما مشروع خط الأنابيب "كيستون"الذي ينقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة، وذلك رغم قدرته على إمداد السوق الأميركية بنحو 750 ألف برميل من النفط يومياً وخلق الآلاف من الوظائف الجديدة. ولو كان الجيل السابق من "الديمقراطيين" حاضراً لما تردد في قبول تلك الفرص ودعم إنتاج الطاقة المحلي. ومهما كان الرئيس المقبل للولايات المتحدة في 2013 ستكون المرة الأولى في أميركا، التي نستطيع فيها تغيير مشهد إنتاج الطاقة، فالتراجع السابق في إنتاج النفط والغاز على وشك أن يتغير، بحيث يمكن للصخور النفطية الجديدة التي تم اكتشافها في أميركا أن تنتج عدة ملايين من براميل النفط في اليوم خلال العقود المقبلة، كما أن الموارد المهمة من الغاز الطبيعي المنحبسة في الصخور قد تحرر أميركا من مصادر الطاقة الأجنبية، هذا ناهيك عن المصادر التقليدية للطاقة، التي مازالت تزخز بها ألاسكا، ولا شك أن استغلال تلك الموارد سيعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد الأميركي، فالزيادة في إنتاج النفط بالتزامن مع صعود وارداتنا من النفط الكندي سيؤدي إلى انخفاط الواردات من خارج أميركا الشمالية، كما أن التركيز على إنتاج الغاز الطبعي واستخدامه في توليد الطاقة الكهربائية من شأنه التخفيف من حدة التلوث، ويمكنه أيضاً إحياء صناعة البتروكيماويات الأميركية. وبالطبع لا يعني تطوير الإنتاج المحلي للطاقة في أميركا تبني وجهة النظر "الجمهورية" الداعية إلى التنقيب مهما كان التكلفة البيئية، كما لا يعني تهميش القضايا البيئية والانشغالات المشروعة، لذا يتعين التقيد بمعايير الصارمة في إنتاج الطاقة والاستثمار أكثر في التكنولوجيا القادرة على التقليل من الأخطار. لكن علينا ونحن نواجه التحديات البيئية التحلي بالبراجماتية ومراعاة الظروف الاقتصادية، وفي هذا الإطار لا بد من التحرك السريع في مجال ترشيد الطاقة واعتماد شبكات متطورة لتوزيع الكهرباء، ووضع قيود تحد من استهلاك النفط مثل فرض ضريبة فيدرالية على البنزين. ورغم ما قد تثيره هذه الأفكار من معارضة سواء من "الديمقراطيين" أو "الجمهوريين"، فإننا نحتاج اليوم في أميركا للتوافق على سياسة موحدة في مجال الطاقة، كما يتعين على القيادة "الديمقراطية" مواجهة الحقائق الصلبة بشأن الطاقة والكف عن التبشير بمستقبل زاهر لمصادر الطاقة المتجددة وقدرتها على تعويض الوقود الأحفوري المستخدم حالياً. فبدلاً من ذلك يتعين التركيز على خلق الوظائف وإقامة بنية تحتية جديدة للطاقة تواكب القرن الحادي والعشرين، فما تزخز به أميركا من موارد الطاقة كفيل بمساعدتنا على إحداث النقلة النوعية والمرور من الاستهلاك إلى الإنتاج. تشارلز إبينجر مدير مبادرة أمن الطاقة بمعهد بروكينجز الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©