الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سياسات ألمانيا الاقتصادية لا تصلح لدفع عجلة النمو في منطقة اليورو

سياسات ألمانيا الاقتصادية لا تصلح لدفع عجلة النمو في منطقة اليورو
12 ديسمبر 2014 22:05
إعداد: حسونة الطيب على الرغم من نجاح السياسة الاقتصادية التي تنتهجها ألمانيا، خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن تلك السياسة لن تفلح في تحقيق تعاف قوي لاقتصاد منطقة اليورو، خاصة لو أخذنا في الاعتبار أن اقتصاد منطقة اليورو الذي يشكل 17% من الناتج العالمي، يفوق ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد الألماني. ويُعوَل على ألمانيا وضع الاستراتيجية الاقتصادية لمنطقة اليورو التي تتضمن ثلاثة عناصر، الإصلاح الهيكلي والانضباط المالي والسياسة التيسيرية النقدية، وفشلت حزمة السياسات في خلق طلب مناسب حتى الآن، حيث تراجع خلال الربع الثاني من العام الجاري في المنطقة بنسبة قدرها 5%، بالمقارنة مع الربع الأول من 2008. وتم تشجيع كل من إيطاليا وفرنسا، على الإسراع في تبني إصلاحات هيكلية كوسيلة لإنعاش النمو في اقتصاديهما، ونظراً لأهميتهما في منطقة اليورو أيضاً، ويشكل البلدان 38% من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، مقابل 28% لألمانيا وحدها، ولتحقيق ذلك النمو، تبنى البلدان برامج مرتبطة بتحرير سوق العمالة، حيث تم تشجيعهما لحذو برامج الإصلاح التي انتهجتها ألمانيا في الفترة بين 2003 إلى 2005 والتي يُعزى لها قوة أداء سوق العمل خلال الفترة الأخيرة. ومع كل ذلك، فشلت هذه الإصلاحات في خلق طلب قوي، ونما الطلب المحلي في ألمانيا في الفترة بين 2004 إلى 2014، بنسبة قدرها 11,2%، في نسبة سنوية مركبة قدرها 1%. وما يعضد هذه النقطة، اختبار التوازنات المالية للقطاعات الألمانية والفرق بين الدخل والإنفاق في الحكومة والقطاع الخاص. وكانت استجابة القطاع الخاص الألماني لإصلاحات سنة 2000، من خلال زيادة الفائض المالي، ما يعني تقليص الإنفاق بنسبة كبيرة مقارنة بالدخل. ومنذ انخفاض العجز المالي، تزايدت معه التدفقات النقدية للخارج، كما كانت استجابة القطاع الخاص لإصلاحات سوق العمل والتقييد المالي، متأنية للغاية ما دعاه لجمع كميات كبيرة من الأصول الأجنبية الرخيصة والمتدنية الجودة. وفيما يتعلق بارتفاع طلب القطاع الخاص المحلي، حققت الإصلاحات نجاحاً محدوداً. وعلى العكس، أصبحت ألمانيا تعتمد بشدة على الطلب الخارجي. وبالمثل، لم ينجح التقييد المالي في إطلاق العنان للإنفاق في القطاع الخاص. وربما تكون التوقعات بأن تساعد إصلاحات شبيهة في سوق العمل، على إنعاش الطلب في كل من إيطاليا وفرنسا، متفائلة أكثر مما ينبغي. ولا يعني هذا أن الإصلاحات غير قادرة على تحقيق أي شيء، حيث يوجد في ألمانيا نسبة متدنية من البطالة رغم ضعف نموها وكذلك المملكة المتحدة بصرف النظر عن استمرار ضعف نموها الاقتصادي في مرحلة ما بعد الأزمة المالية. وفي كلا الحالتين، تشجع إصلاحات قطاع العمل، على مشاركة أفراد الشعب لصدمة سلبية كبيرة من خلال بطء الإيرادات أو حتى تراجعها. ومن أعراض ذلك، ضعف الإنتاجية، حيث لم يحقق القطاع الصناعي الألماني مثلاً، ارتفاعاً في مستوى إنتاجيته منذ 2007. كما كان أداء الإنتاجية في المملكة المتحدة هزيلاً أيضاً، بيد أن معدل البطالة في ألمانيا كان عند 4,9% في يوليو الماضي، بينما 6% في المملكة المتحدة و10,4% في فرنسا. والمثير للاستغراب، أن إصلاحات سوق العمل لا تساعد كثيراً في إنعاش الطلب، حيث يجئ معظم الطلب في حالة ألمانيا على سبيل المثال، من الخارج. ويعني ذلك من الناحية النظرية، سعي منطقة اليورو لتحقيق فائض كبير في الحساب الجاري مقارنة بحجم الناتج المحلي الألماني، أي فائض بنحو 900 مليار دولار وليس 300 مليار دولار كما كان في السنة الماضية. ومن الأشياء الملائمة المكملة للإصلاح الهيكلي، زيادة الطلب على الصعيد المحلي في منطقة اليورو، التي تؤدي للقضاء على كافة الصعوبات الناجمة عن التضخم المتدني وإمكانية حدوث الانكماش. وتعتبر نسبة التضخم الألماني عند 1,2%، ضئيلة للحد الذي لا يكفي لتنفيذ الإصلاحات بالشكل المطلوب. وفي ظل محدودية السياسة النقدية التقليدية، تنحصر الخيارات بين السياسة النقدية غير التقليدية أو السياسة المالية التوسعية، بيد أن ألمانيا لا تناسبها أي من السياستين. ومع ذلك، ولطبيعتها كملاذ آمن، لدى ألمانيا المقدرة على الاقتراض بأسعار فائدة مناسبة للغاية، حيث تدفع 1,8% مقابل السندات الحكومية فئة الثلاثين سنة. ويكمن التحدي الأكبر في منطقة اليورو ليس في إنشاء المؤسسات، بل في تطوير الإصلاحات والمحافظة على النمو، حيث ليس من المنتظر استمرار صبر شعوب هذه المنطقة. وفي حقيقة الأمر، تبدو مخاطر استمرار الركود الاقتصادي واضحة. وكانت ألمانيا محقة في أن دول منطقة اليورو في حاجة لإصلاحات طويلة الأجل، لكنها ليست كذلك عندما تعتقد أن هذه الإصلاحات كافية لتحقيق نمو قوي، خاصة وأنها تملك خبرة كبيرة في مجال الإصلاحات. كما أنه من غير المنطقي الاعتماد بدلاً عن ذلك على فوائض أجنبية كبيرة. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©