الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميركل وبوتين... الشراكة الصعبة

20 نوفمبر 2012
عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اجتماعاً مشحوناً في الكريملن يوم الجمعة الماضي في وقت سعى فيه كل واحد منهما بوضوح إلى التوفيق بين الانتقادات السياسية المتزايدة في كل من بلديهما للبلد الآخر، وشراكتهما الاقتصادية الطويلة والمتنامية. وتعتبر القمة الروسية الألمانية حدثاً سنوياً، وهي عادة ما تمر في أجواء جيدة نظراً للعلاقات الاقتصادية القوية والطويلة بين البلدين، وخاصة أن بوتين -وهو ضابط سابق في جهاز الـ”كي جي بي” في ألمانيا الشرقية ويتحدث اللغة الألمانية- سعى جاهداً إلى تطوير علاقات جيدة مع الزعماء الألمان. غير أن تزايد الانتقادات في ألمانيا لـ”قمع” بوتين المفترض لمعارضته الداخلية قوبل مؤخراً برفض روسي متزايد لقبول “التوجيه” من زعماء أوروبيين تعاني جبهاتهم الداخلية من اختلالات وأعطاب سياسية واقتصادية هذه الأيام. وفي هذا السياق، يقول أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما الروسي: “إن علاقاتنا مع ألمانيا في أزمة هذه الأيام، ولكنها أزمة سطحية لا غير”، مضيفاً: “إن الأسس الاقتصادية صلبة، ولكن ثمة خلافات سياسية حقيقية تبدو مثل عاصفة قادمة... لقد أغفل أصدقاؤنا الألمان شيئاً: أن الأمور تغيرت منذ الأزمة المالية لـ2008، وأن أوروبا لم تعد تمثل نموذجاً بالنسبة لنا. إنها ما زالت تمثل مكاناً جميلًا، ولكننا لا نرغب في تلقي النصيحة وقبول الانتقادات منهم. لقد ولى ذلك الزمن”. ويضيف بوشكوف قائلاً: “هناك مسافة أكبر اليوم تفصل بين موسكو وأوروبا نفسياً وسياسياً... الألمان يعتقدون أن علاقات اقتصادية جيدة بيننا تمثل هدية بالنسبة لنا، مقابل قيامنا نحن بتغيير أنفسنا حتى نبدو مثلما يريدوننا أن نبدو. ولكننا نعتقد أن روسيا تمثل سوقاً جيدة وعليهم أن يراعوها ويقدروها. والواقع أن كل هذه الانتقادات تثير على نحو متزايد مشاعر غضب في روسيا”. وتواجه ميركل ضغوطاً متزايدة داخلياً حتى تكون صارمة مع الكريملن بشأن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، ومن ذلك سجن اثنتين من أعضاء فرقة “بوسي رايوت” الموسيقية بسبب أدائهما أغنية مسيئة في إحدى الكاتيدرائيات في موسكو. وكان “البوندستاج” (البرلمان) مرر الأسبوع الماضي قراراً من 17 نقطة، أعده منسق الحكومة الألمانية الخاص للشؤون الروسية أندرياس شوكنهوف، يطالب روسيا باحترام المعايير الأوروبية لحقوق الإنسان والديمقراطية. كما قالت ميركل، التي تواجه استحقاقاً صعباً لإعادة انتخابها العام المقبل، في مؤتمر صحفي بموسكو إنها قد أثارت بعضاً على الأقل من تلك المواضيع مع بوتين خلال الاجتماع الذي عقد بينهما على انفراد يوم الجمعة. وقالت ميركل في هذا الصدد: “لقد تحدثنا حول وضع المجتمع المدني في روسيا وقد عبَّرتُ عن قلقي بشأن مخططات تتعلق ببعض القوانين”، في إشارة إلى تشريع روسي جديد متشدد يفرض عقوبات قاسية على الاحتجاج العام، وشرطاً صارماً يتمثل في ضرورة أن تسجل المنظمات غير الحكومية التي تتلقى التمويل الخارجي نفسها لدى السلطات كـ”عملاء أجانب”، وتعريف شامل جديد لـ”الخيانة” حُوِّل إلى قانون من قبل بوتين هذا الأسبوع. وأضافت ميركل تقول: “أعتقدُ أننا في حاجة للحديث بصدق وصراحة حول هذه المواضيع، لأن هذا الحوار شرط مسبق لكي نفهم بعضنا بعضاً، وأيضاً لتحديد الخلافات”. غير أنه خلال حديث علني حول فريق “بوسي رايوت”، ألمح بوتين إلى أن ميركل لا تعرف كل حقائق القضية، ومن ذلك ما زعم أنه تورط واحدة من أعضاء “بوسي رايوت” في أداء فني في 2008 زعم أنه كان يكتسي نبرة معادية للسامية. وقال بوتين: “إننا نستمع إلى شركائنا بخصوص المشاكل السياسية والإيديولوجية، أما هم، فيسمعون حول ما يحدث من بعيد”. وعلى سبيل المثال، “هل تعلم ميركل أن إحدى (ناشطات “بوسي رايوت”) قامت بتعليق دمية ترمز إلى يهودي وقالت إنه ينبغي التخلص من هؤلاء الأشخاص؟ أنتم وأنا لا يمكننا دعم أشخاص يتخذون موقفاً معادياً للسامية، وأنا أطلب منكم أن تأخذوا ذلك أيضاً في عين الاعتبار”. وتعتبر ألمانيا أكبر شريك تجاري لروسيا بعد الصين، حيث بلغ حجم تجارتهما البينية 87 مليار دولار العام الماضي. كما تمتلك شركات الغاز الألمانية، إلى جانب عملاق الغاز الطبيعي الروسي “غازبروم”، خط أنابيب “نورستريم” الذي يمر تحت بحر البلطيق وافتتح قبل عام من أجل جلب الغاز الروسي مباشرة إلى الأسواق الأوروبية. كما تعتمد ألمانيا على روسيا في نحو 30 في المئة من إمداداتها النفطية، و40 في المئة من غازها الطبيعي. غير أن التوتر السياسي، الذي تصاعد منذ تولي بوتين لولاية ثالثة كزعيم للكريملن في مايو الماضي، يعزل روسيا في المحافل السياسية الأوروبية، مثل مجلس أوروبا، ويلبد على نحو متزايد سماء العلاقات الثنائية مع بلدان مثل ألمانيا. ويقول فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير “راشا إن جلوبل أفيرز”، وهي دورية بارزة للسياسة الخارجية تصدر في موسكو: “هناك فصل للعلاقات الاقتصادية والعلاقات السياسية”، مضيفاً “إن روسيا وألمانيا لديهما الكثير مما ستخسرانه في حال أفضى تردي العلاقة السياسية إلى القطيعة. فالأساس الاقتصادي للعلاقة كبير ومهم جداً، والجميع سيعاني (في حال وقع ذلك)”. فريد وير موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريستيان ساينس مونيتور”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©