الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا واللاجئون الأوكرانيون

4 ديسمبر 2015 21:57
فر «ألكسندر بيتكوف» من منطقة «لوهانسك» التي نشأ بها في شرق أوكرانيا العام الماضي، قبيل تقدم الجيش الأوكراني. وعندما بدأ قصف مدينتهم، أخذ زوجته وابنتيه وقاد سيارته عبر الحدود الروسية، حيث أقاموا لفترة وجيزة في مخيم للاجئين قبل أن يتم إرسالهم إلى مناطق روسية أكثر عمقاً. وأبحر «بيتكوف»، الذي كان عامل لحام ماهراً، في البيروقراطية الروسية المعقدة حتى عثر مؤخراً على عمل جيد في موسكو. ومن ثم، جلب أسرته من منطقة «فولجا» حيث كانت تقيم من قبل، وأصر على ألا يعود ثانية إلى أوكرانيا. وفي هذا الصدد قال: «إن أوكرانيا دولة فقيرة ومزقتها الحرب، ولا أريد أن تنشأ عائلتي هناك»، وأضاف «إن الأمور كانت صعبة هنا، لكنها تتحسن تدريجياً. وكان الناس يعاملوننا بلطف، وقد تقدمنا بطلب للحصول على الجنسية الروسية، وها نحن نبدأ حياة جديدة من الصفر، في دولة جديدة». على مدى الـ18 شهراً الماضية، استقبلت روسيا أكثر من مليون لاجئ أوكراني مثل عائلة «بيتكوف»، ممن فروا من الحرب المدمرة بين حكومة كييف التي تميل للغرب والمتمردين الذين تدعمهم روسيا. ويشبه هذا الطوفان موجة السوريين وغيرهم ممن يتدفقون على أوروبا - بيد أنه حدث مع القليل من الدعاية والتوترات الاجتماعية. والسبب الرئيـس فـي ذلك هو أن معظــم الأوكرانيـين الذين كانـوا يتدفقون على روسيا هم من الأرثوذكس، والســـلافيين الناطقين بالروسية، والذين يميلون إلى وجهة النظـر السياســية الموالية للكرملين، والذين كانوا موضع ترحيب، على الأقل نظرياً، من حكومة الرئيس فلاديمير بوتين. لكن تظل عائلة «بيتكوف» من بين القلة المحظوظة التي استطاعت أن تحصل على الوثائق اللازمة للعيش والعمل في روسيا، ولا يزال البعض الآخر محاصراً في عملية الهجرة الفاسدة التي تبدو وكأنها مصممة للإبقاء على المهاجرين من وسط آسيا في وظائف منخفضة الأجر وبدون وضع دائم، وفي حين أن الروس العاديين قد رحبوا بهم بحرارة، إلا أن العديد من اللاجئين الأوكرانيين يقولون إنه من المستحيل العثور على عمل قانوني المؤهلون من أجله. ورغم ذلك، فقد دأب الكرملين على جعل الهجرة الجماعية للناطقين بالروسية من الجمهوريات السوفيتية السابقة جزءاً رئيسياً من استراتيجيته للتغلب على الأزمة الديموغرافية التي تلوح في الأفق في روسيا. ومع احتمال اندلاع السلام الآن في أوكرانيا، هناك بوادر هجرة عكسية، حيث يقول الخبراء إن نافذة الفرصة لاستقبال ودمج هذه الموجة من القادمين الجدد المثاليين ربما يتم إغلاقها سريعاً. يقول «ديمتري أورشكين»، رئيس مركز أبحاث «ميركاتور جروب» في موسكو: «هذا ما كانت تقول سلطاتنا دائماً أنها تريده، بيد أن التدفق المفاجئ لأكثر من مليون شخص سبب لها أزمة كبيرة، حيث لم تكن مهيأة لذلك». وأضاف: «إنها ليست مستعدة لذلك الآن، خاصة أن روسيا في خضم أزمة اقتصادية، لذا يبدو أنها تحاول تثبيط المهاجرين الأوكرانيين، والضغط عليهم للعودة إلى الوطن، بغض النظر عما تعلنه السياسة الرسمية». ووفقاً لدائرة الهجرة الفيدرالية، يعيش 2.6 مليون أوكراني في روسيا، أكثر من نصفهم من «العمال الضيوف» على المدى الطويل، ولكن هناك أكثر من مليون وصلوا خلال الـ18 شهراً الماضية، فارين من أوكرانيا المجاورة. وتضيف الدائرة أنه اعتباراً من سبتمبر، تقدم نحو 400 ألف أوكراني بطلب للحصول على صفة لاجئ ونحو 300 ألف طلبوا الحصول على وضع إقامة مؤقت. وهناك 600 ألف يعتبرون في انتهاك للقواعد تماماً. تقول «سفيتلانا جانوشكينا»، رئيس المساعدة المدنية، وهي منظمة غير حكومية تساعد اللاجئين: «في البداية كان كل شيء لطيفاً وخفيفاً، وكان اللاجئون الأوكرانيون يقابلون بالترحاب والتعاطف، ولكن سرعان ما امتلأت المخيمات – هناك حالياً 20 ألف لاجئ أوكراني يقيم في مؤسسات الدولة. وقد منعتهم السلطات من التنقل في مناطق مثل موسكو أو سانت بطرسبرج، حيث أفضل مستويات المعيشة وزيادة فرص العمل المتاحة. وفي حين أن الحكومة الروسية ما زالت تقوم باستثناءات لنحو نصف مليون أوكراني ممن فروا من منطقة الحرب النشطة في دونباس، إلا أنها تتعاطف مع الكثيرين الذين تركوا أوكرانيا لأسباب سياسية. وفي الشهر الماضي، قضت إدارة الهجرة الفيدرالية بأن جميع الأوكرانيين في روسيا، باستثناء سكان دونباس السابقين، يجب أن يجددوا وثائقهم أو يتم ترحيلهم. ويقول بعض الخبراء إن السلطات الروسية تضيع فرصة مهمة لمعالجة الأزمة الديموغرافية التي تخيم على البلاد، وذلك من خلال تثبيط الهجرة الأوكرانية بشكل فعال. *فريد واير* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©