الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فاسي: إبراهيم سعدي يمتلك قدرة هائلة على الخيال

فاسي: إبراهيم سعدي يمتلك قدرة هائلة على الخيال
9 مارس 2008 00:59
قدم الناقد والقاص الجزائري الدكتور مصطفى فاسي بمقر المكتبة الجزائرية مؤخرا أمسية نقدية تضمنت قراءة في رواية إبراهيم سعدي الصادرة حديثا بعنوان''كتاب الأسرار''، وركز فاسي خلالها على شخوص الرواية للغوص في أحداثها وبنائها الروائي بالنظر إلى ''التميز والخصوصية التي قدَّم بها سعدي شخصياته''· شخصيات الرواية أغلبها غير عادية، فهي مثقفة متباينة الايديولوجيات، لكنها تجتمع كلها في أنها تعيسة،مأزومة، تحمل كل هموم البشرعلى أكتافها، كما أن أسرة البطل نذير زاهر، وهو أستاذ جامعي، تسقط في دائرة الجريمة بطريقة غرائبية تتقاطع في بعض تفاصيلها مع جرائم أسرة أوديب، حيث إن فكرة قتل الأب كانت تراود نذيراً باستمرار في فترة مراهقته،ثم قتل صديقاً حميماً له وكأنه بذلك يشفي غريزته العدوانية،ووالده بدوره قتل زوجته الثانية بسبب الشك والغيرة المفرطة، وكأن هذه العائلة من''سلالة القتلة'' أو أن الأمر وراثي· وفي قراءته النقدية لاحظ فاسي وجود نوع من ''التناص'' بين أجزاء من الرواية وبين مسرحية تريسياس وأوديب، وربما هي الصدفة أو ''اللاشعور''أيضاً، ولاحظ كذلك تناصا آخر مع رواية''موسم الهجرة إلى الشمال'' للطيب صالح، حيث إن البطل نذير زاهر يشبه شخصية مصطفى سعيد، فهو يقبل بشكل غريب على مدينة''مروانة'' الفضاء الذي تدور فيه أحداث الرواية، مثل إقبال مصطفى سعيد على بلدة سودانية بغرابة، وكلاهما قاتل وله مكتبة غنية في البلدة، لكنها غريبة عن بيئته· ووصف فاسي باقي شخصيات رواية سعدي بأنها ''متميزة وغريبة وغامضة''حيث اعتمد الكاتب لعبة جميلة في الابقاء على عنصر التشويق إلى النهاية، فضياء شاعرة تنشر قصائدها تحت اسم''عاشور أبرهة'' لأسباب اجتماعية، وزوجها ممثل عاش بعد فقدانها في جو من العزلة والتشرد،وهي إشارة إلى اغتراب المثقف في وطنه، والامام كان ماركسياً قديماً ثم أصبح إسلامياً لكنه متفتح ويلبس ألبسة عصرية، ومرزاق توبة يقضي وقته في الشرفة العلوية لمنزله يتأمل الناس والحياة ويكتب باستمرار· وركزت الرواية على تحليل نفسياتهم وعلاقاتهم الانسانية من حب وبغض وغيرة وشكوك وصراعات وقتل··· لتنتهي الرواية والامام لا يزال يبحث في المكتبة عن تاريخ ''مروانة'' وآثارها والحضارات التي مرت بها، كرمز لبقاء العلم والمعرفة حينما تكثر الآفات والمحن· ووصف فاسي الكاتبَ بأنه''متمرس في فن الرواية إلى حد الاتقان،ويملك قدرات هائلة على ملاعبة الخيال والتحكم في الشخصيات الروائية''· من جانبه تحدث إبراهيم سعدي في الأمسية وقال: لو تحولتُ إلى قارئ، لقلتُ إن الرواية تتناول أصول الجريمة، لماذا يقتل الإنسان؟ وعدتُ إلى قابيل وهابيل قبل أوديب وسوفكليس، لكني لا أستطيع تقديم الجواب حتى لا أسيء فنياً إلى الرواية· وأشار إلى أنه لا يكتب متأثراً بكاتب أو روائي ولكن من المتعذر انطلاق الكاتب في عملية الكتابة خاليا من أية فكرة،والرواية تنضج بنسبة 90 بالمائة أثناء الكتابة وتتوالد تفاصيل جديدة لم تكن تخطر على الذهن من قبل، فالرواية لا تتضمن موضوعا محددا،هي في حد ذاتها موضوع،وكل مكوناتها تشكل موضوعاً· وأضاف سعدي: ديناميكية الكتابة تجرفني ولا أنطلق من تصور مسبق للرواية،ولا أستطيع معرفة المقصود منها؛ الرواية وليدة النص، والمعنى الحقيقي يتحقق بعد اكتمال النص، والقارىء قد يفهمها ويؤوِّلها أفضل مني،كما أن العمل الابداعي ليس أداة لتبليغ فكرة معينة، اللغة غاية في حد ذاتها في الرواية وليست مجرد وسيلة تبليغ، وقد نضحي بالفكرة في سبيل الفن والابداع،نريد نصا يتحقق فيه العنصر الجمالي بالدرجة الأولى، فقيمة شكسبير لا تكمن في قيمة أفكاره، بل في ابداعه والمتعة التي يوفرها للقارئ بتصوير راق للمشاعر البشرية· ونبه سعدي إلى أن الرواية موضوع جمالي بالدرجة الأولى ويجب أن تبقى بعيدة عن الأفكار أو الايديولوجيا لأنه كلما طغت هذه الأخيرة أثر ذلك سلباً في النص؛ إلا أنه أكد''موت الايديولوجيا'' حيث لم تعد وظيفة الأديب تتمثل في الدفاع عن القيم والمجتمع؛ الأديب أصبح يشعر بأنه منفصل ومعزول عن مجتمعه وسادت النزعة الفردية وأصبح الفرد هو الموضوع وليس المجتمع وسيترك كل ذلك أثره في الأدب وستسود النزعات الفردية بينما ستعود النزعات الاجتماعية إلى التقهقر، واستنتج إبراهيم سعدي أن ذلك سيؤدي حتماً إلى تغيير ذهنية الكاتب وظهور أدب جديد·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©