الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان... وتداعيات سياسة التقشف

19 نوفمبر 2012
اجتاحت موجة من الاضطرابات وأعمال الشغب العمالية أوروبا يوم الأربعاء الماضي، حيث قام العمال في البلدان الأكثر تأثراً بالأزمة بالتنسيق عبر الحدود للاحتجاج على سنوات من ضيق الآفاق وتقلص الأجور وارتفاع البطالة. وفي ما بدا أنه أكثر حركة احتجاجية تنسيقاً عبر القارة الأوروبية منذ بدء أزمة اليورو قبل أكثر من ثلاث سنوات، خاض العمال الإسبان والبرتغاليون إضراباً عاماً عن العمل في حين خاضت النقابات الإيطالية واليونانية توقفاً جزئياً عن العمل. كما كان ثمة إضراب محدود في بلجيكا واحتجاجات صغيرة في دول أغنى عبر أوروبا. غير أنه بدا أن الاحتجاجات من غير المرجح أن تعرقل ما بات يمثل توجهاً لا يمكن وقفه تقريباً: تقشف مؤلم في بلدان جنوب أوروبا وآفاق محدودة للمستقبل. ففي إسبانيا، شارك العديد من العمال الصناعيين في الإضراب. وفي إيطاليا، اشتبك نقابيون مع الشرطة. أما في البرتغال، فقد كان قطاع النقل الأكثر تضرراً. هذا بينما انخفض استهلاك الكهرباء في بعض البلدان بشكل ملحوظ نتيجة توقف المصانع عن العمل. وفي اليونان، التي تعتبر الأكثر تضرراً من بين الدول الـ17 التي تشترك في عملة “اليورو”، يسود جو من عدم اليقين بشأن التمويل المقبل للدين الحكومي في وقت بات فيه أكثر من ربع العمال عاطلين عن العمل. غير أن حالة عدم اليقين هذه اختلطت مع مشاعر الغضب لأنه رغم أن البلاد اعتمدت مزيداً من إجراءات التقشف الأسبوع الماضي، إلا أن اليونان مضطرة لتكافح من أجل جمع 6?4 مليار دولار بغية تسديد قسط من ديونها للبنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع. والجدير ذكره أيضاً أن بعض السياسيين كانوا يتوقعون قدوم دفعة جديدة من أموال مخطط الإنقاذ المالي مباشرة بعد الانتخابات. وفي هذا الإطار، قال “إفانجيلوس روكوس”، 39 عاماً، وهو عامل مختبر بالجامعة التقنية الوطنية في أثينا انسحب من عمله يوم الأربعاء: “إن الأموال التي نتلقاها من أوروبا، ومن صندوق النقد الدولي، لا تذهب إلى البلاد، فهي لا تخصص لبدء النمو، وإنما لتسديد الديون”. وكان “روكوس” يمشي في ما كان ذات يوم شارعاً رئيسياً أنيقاً وسط أثينا اضطرت محاله إلى الإغلاق الواحد تلو الآخر. وكان زعماء أوروبيون أشاروا هذا الأسبوع إلى أنه من المرجح أن يمنحوا اليونان جزءاً من مخطط الإنقاذ المالي بقيمة 40 مليار دولار بنهاية الشهر- من أجل الحؤول دون إفلاسها ومنحها جرعة أكسجين هي في أمس الحاجة إليها - إلى جانب عامين إضافيين للقيام بتخفيضات إنفاق مؤلمة وفتح أسواق العمالة في محاولة لاستعادة النمو الاقتصادي. ولكن الموافقة على الدفع أرجئت، بالأساس، بسبب نقاش حول مدى قتامة صورة اليونان المالية. صندوق النقد الدولي يقول إنه بالنظر إلى أن ديون اليونان وآفاق نموها المستقبلية جد سيئة، فإنه سيتعين على الحكومات الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي القيام بشطب جزء من أموال مخطط الإنقاذ المالي التي أرسلوها إلى اليونان إذا كان يراد لهذا البلد أن يكون له أي أمل في استعادة عافيته المالية. إلا أن الزعماء الأوروبيين، المدركين لعدم شعبية مثل هذا القرار في بلدانهم، يبدون أكثر تفاؤلاً، ويقولون إنهم إذا منحوا اليونان مزيداً من الوقت بعض الشيء لتحقيق أهدافها، فإنها ستستعيد توازنها المالي. ولكن النزاع خرج إلى العلن في وقت سابق من هذا الأسبوع خلال مؤتمر صحفي عبرت فيه مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد عن استغرابها إزاء المقترحات الأكثر تفاؤلاً لـ”جون كلود جانكر”، رئيس وزراء لوكسمبورج، الذي يقود مجموعة بلدان منطقة “اليورو”. وفي مؤتمر عقد يوم الأربعاء في ماليزيا، قالت لاجارد: “بالطبع إننا من وجهة نظر صندوق النقد الدولي نتوقع حلاً حقيقياً وليس حلاً ترقيعياً، وهذا يعني بكل وضوح ديناً يمكن تحمله بأسرع وقت ممكن”. كما يضغط صندوق النقد الدولي في اتجاه إبطاء وتيرة الإجراءات التقشفية في البلدان الأكثر تضرراً، قائلًا إن بعض الإجراءات المتخذة أضرت أكثر مما أفادت. ومع تباطؤ الاقتصادات عبر أوروبا، فإن البلدان الغنية قد تبدأ قريباً في الشعور بتأثير ذلك، ما يجعل من عمليات شطب كبيرة لديون البلدان المجاورة أكثر صعوبة شعبياً وسياسياً. وفي هذا السياق، أصدر البنك المركزي لألمانيا يوم الأربعاء تقريراً سنوياً حول حالة الاستقرار المالي للبلاد يشير إلى أن مثل هذه التخوفات ستظل قائمة. وحسب التقرير: “إن الأخطار بالنسبة للنظام المالي الألماني لم تقل في 2012 مقارنة مع العام السابق... إن أزمة الديون السيادية الأوروبية ازدادت حدة في بعض الأوقات”. وبالعودة إلى اليونان، فإن الإجراءات التقشفية التي مررت بصعوبة في البرلمان الأسبوع الماضي من المنتظر أن تزيد من معاناة بعض أكثر فئات المجتمع هشاشة. ذلك أن متقاعداً يتلقى معاشاً شهرياً يبلغ 1270 دولاراً، مثلاً، سيخسر 5 في المئة منه. كما أن التأخر في إرسال أموال جديدة للحؤول دون إفلاس اليونان ألحق مزيداً من الأضرار ببلد يعاني الانقسام أصلاً. وقال “أليكسس سيبراس”، زعيم حزب “سيريزا” اليساري المعارض، الأسبوع الماضي في البرلمان قبل التصويت على الميزانية: “إن الشيء الوحيد الذي سينهار هو ما تبقى من مصداقيتك”، داعياً إلى رفض الإجراءات التقشفية ومخطط الإنقاذ المالي. وحسب استطلاعات الرأي، فإن “سيريزا” بات اليوم أكثر حزب سياسي شعبية في اليونان. مايكل بُرنبوم أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©