الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استهداف الصحفيين في الصومال بهدف إسكاتهم

استهداف الصحفيين في الصومال بهدف إسكاتهم
19 نوفمبر 2012
لا تزال الإذاعات التقليدية تتمتع بأهمية قصوى في عدد من البلدان، وخاصة تلك التي حالت ظروفها بشكل أو بآخر دون ظهور طفرة في وسائل الإعلام الجديدة، وفي بلدان تعيش نزاعات مزمنة ودامية مثل الصومال يعتبر اغتيال الصحفيين سلاحا فعالا، حتى تتحول إلى هدف رئيس في معارك إثبات النفوذ وتصفية الحسابات بين ميليشيات النزاع المختلفة، أو في سياق إسكات الأصوات المستقلة التي تحاول إسماع الناس الحقيقة. أبوظبي (الاتحاد) - مؤخرا أصيب الصحفي الصومالي الذي يعمل في إذاعة «شبيلي» المحلية، محمد محمود توريري بجروح بالغة في رأسه بعد تعرضه ليلا لهجوم من قبل مسلحين. وقالت تقارير من الصومال إن ذلك يأتي في إطار سلسلة عمليات اغتيالات كان يتعرض لها الصحفيون الصوماليون الذين يعملون في ظروف أمنية صعبة. وسبق للصحفيين الصوماليين أن واجهوا عمليات اغتيالات متتالية على أيدي مسلحين مجهولين حيث قتل خلال هذا العام 15 صحفيا صوماليا، بينهم ستة قتلوا في حوادث متفرقة في مقديشو خلال شهر سبتمبر الماضي الذي يعتبر الأكثر دمويا بالنسبة للصحفيين الصوماليين. نمو ملحوظ تعبر هذه الأرقام عن نمو الجرائم ضد الصحفيين بشكل ملحوظ وخطير، ففي العام 2011 وبحسب أرقام جمعية الصحفيين الصوماليين قتل 4 صحفيين في الصومال وأصيب 6 آخرون، فيما اعتقل 15 صحفيا لفترات مختلفة في أنحاء البلاد. كما شهد العام الجاري مقتل واحد من أشهر الإعلاميين وهو الصحفي فارس جيمس عبدالله، الذي قتل في مطلع مايو الماضي وهو عائد إلى منزله. وعبر الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين الشهر الماضي، في تقرير لرصد الانتهاكات بحق الصحفيين، عن قلقه البالغ تجاه اعتقال صحفييْن صومالييْن كانا يعملان للمحطات الإذاعية المحلية بمقديشو مثلما عبر عن قلقه من استمرار الحظر المفروض على محطة هورسيد الإذاعية في منطقة بونت لاند. وتحدث الاتحاد كذلك عن أن جهاز الأمن الوطني ألقى القبض على الصحفي جامع أوكن الذي يعمل لإذاعة «كلمية» المحلية، التي يقع مقرها الرئيس في مقديشو، وكذلك على الصحفي خضر محمود حريد، الذي يعمل رئيسا للبرامج الإخبارية لإذاعة جوبجوج المحلية في مقديشو ومراسلا في كيسمايو. وطالب الاتحاد الوطني للصحفيين السلطات في إقليم بونت لاند في شمال شرق الصومال بالإسراع في رفع الحظر عن محطة هورسيد الإذاعية التي تلقت أوامر بالإغلاق بدعوى أنها تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في بونت لاند، وهي تهمة رفضها القيمون على المحطة واستهجنوا هذا الاستهداف. وإذا كان الصحفيون المحليون هم جزء من المجتمع وصراعاته كما يرى البعض وعليهم بالتالي تحمل تبعات النزاعات وضريبة الدم التي تفرضها ممارسة مهنة المتاعب، إلا أن ما يقلق الجميع هو إفلات المعتدين على الجسم الصحفي، ومن مختلف الأطراف من العقاب، خاصة في ظل عجز السلطات الأمنية الحكومية عن توفير الحماية للصحفيين أو عن ملاحقة المعتدين مقابل هيمنة الكثير من القوى والميليشيات المحلية على أجزاء واسعة من البلاد. وتشير معظم التقارير إلى أن مرتكبي الجرائم المدبرة ضد الصحفيين الصوماليين لم يقدموا إلى العدالة «ولا حتى في حالة واحدة إلى الآن»، الأمر الذي جعل عددا من المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بسلامة الصحفيين ترفع الصوت من أجل وقف ما يسمى الإفلات من العقاب. قانون غير متفق عليه حتى في حال موافقة أو مصادقة البرلمان على قانون أعدته الحكومة الصومالية قبل بضعة سنوات ومخصص للصحافة والمطبوعات، لا يزال الصومال بعيدا عن أن يكون يأخذ الأمن والقانون مجراه في أغلب أنحاء البلاد وهذا ينطبق بلا شك على الصحفيين. ويبدو أيضا أن الجسم الصحفي غير راض بشكل كاف عن هذا القانون، فالصحفي الصومالي أبوبكر البدري أشار في أحد التقارير الإعلامية إلى أن الحكومة «هي التي وضعت قانون الصحافة، لكنها لم تستشر أصحاب المهنة، ولم يصبح شرعيا بعد، فهو لم يتجاوز كونه حبرا على ورق، ولم يعد شيء بيد الحكومة في الوقت الحالي فيما يتعلق بحماية الصحفيين». وفي بلد يعتبر فيه الإعلام سلاحا رئيسا للهجوم والدفاع حل الصومال قبل بضعة أشهر في المرتبة الثانية بعد العراق في الاعتداءات ضد الصحفيين في العالم العربي، حسب بيان لاتحاد الصحفيين العرب آنذاك، لكنه قد يصبح في المرتبة الأولى في أي لحظة. وفي تصريحات للصحافة قال عبد القادر عثمان، الأمين العام لجمعية الصحفيين الصوماليين، إن «جهات كثيرة في الصومال تريد إسكات الصحفيين حتى لا تظهر الحقيقة. وإن الصحفيين الصوماليين هم دائما عرضة للاستهداف والاغتيال والاضطهاد». لكن ما يمكن أن يساعد على ظهور الحقيقة هو المزيد من انتشار الإعلام الرقمي حسب بعض المراقبين. وإّذا كانت الصراعات في الصومال تشهد بين فترة وأخرى مرحلة انتقالية جديدة، فمن بين ما يمكن أن يساعد على إظهار الحقيقة بأفل تكلفة ممكنة هو وسائل الإعلام الجديدة بما فيها الإذاعات الإلكترونية أو الرقمية، فتلك يمكن أن تحمي الصحفيين العاملين في الإذاعات بأكثر من طريقة، ولكن الدرب أمام ذلك ليس سهلا بعد في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المتردية منذ أكثر من عشرين عاما من الحروب، إذ لا يكفي أن يلجأ الصحفيون من جانب واحد إلى هذه الوسائل، بل لا بد أن تكون البنية التحتية وعادات الناس المحليين عوامل مساعدة على ذلك، ويبدو أن الطريق للوصول إلى هذه المرحلة لا زال طويلا، وبالتالي قد يكون على الصحفيين الصوماليين أن يتحملوا بعد مزيدا من العذابات والانتهاكات قبل أن يتمتعوا بمعايير البلد الآمن للعمل الصحفي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©