الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر نحو العالمية في الصناعات التقليدية من بوابة الشراكة

الجزائر نحو العالمية في الصناعات التقليدية من بوابة الشراكة
19 نوفمبر 2012
شهد «قصر المعارض» بالجزائر العاصمة مؤخراً الصالونَ الدولي الـ17 للصناعات التقليدية، بمشاركة 306 حِرفيين محليين و20 حِرفياً أجنبياً. وتميّز الصالونُ بتنوّع كبير في العرض حيث شمل باقة ثريَّة من الصناعات التقليدية، خاصّة الملابس والحليّ والمنسوجات والمنتجات الجلدية والنحاسية والأواني، وحتى الصناعات الغذائية التقليدية. وتسعى الجزائر من خلال هذا المعرض إلى إيصال منتجاتها التقلدية إلى العالمية عن طريق عقد شراكات مع حرفيين أجانب أسهموا في تدريب الجزائريين على استخدام تقنيات حديثة ساعدت على تطور تلك الصناعات مع المحافظة على طابعها الخاص. حسين محمد (الجزائر) - طاف وزيرُ السياحة والصناعات التقليدية محمد بن مرّادي، في أرجاء معرض الصناعات التقليدية، الذي أقيم مؤخرا في الصالون الدولي، معربا عن ارتياحه للتطور الذي حققته الصناعة التقليدية الجزائرية في السنوات الأخيرة، حيث أصبح يشتغل بها أكثر من 400 ألف حِرفي. وأبدى إعجابه بالتقدم الذي أحرزته صناعة الخزف والرسم على الزجاج وغيرها، بفضل الشراكة مع حِرفيين أجانب مكّنوا الحِرفيين المحليين من استعمال تقنيات حديثة لتطوير الصناعات التقليدية المحلية مع الحفاظ على خصوصيتها وعمقها التراثي. وأعرب الوزير عن أمله ببلوغها مرتبة العالمية من خلال المشاركة في معارض دولية كثيرة وتصدير المنتجات المحلية إلى دول عديدة، وخاصة في ظل تفعيل مشاريع الشراكة وتطويرها. تدابير التطوير أعلن بن مرّادي على هامش المعرض اتخاذَ عدة تدابير لتطوير هذه الصناعات أكثر، ومنها دعم الحِرفيين بمحال تجارية حيث قررت الحكومة منح 60 بالمائة مما يُسمى «محال رئيس الجمهورية» للحِرفيين، وهي محال بنتها الحكومة في 1541 بلدية بمعدل 100 محل في كل بلدية. إلى ذلك، خصصت الوزارة جناحاً في الصالون لعرض منتجات تقليدية أُنتجت بفضل الشراكة مع دول عديدة ومنها إسبانيا وإيطاليا والبرازيل وأندونيسيا. وقالت ثريا بسكري، مسؤولة بوزارة الصناعات التقليدية، إن الجزائر تراهن على الشراكة لتطوير منتجاتها التقليدية، وقد خاضت عدة تجارب بهذا الصدد، ومنها تجربة التعاون مع إسبانيا منذ عام 2001، والتي أثمرت بتطوير الصناعة الخزفية المحلية، فضلاً عن قرار إنجاز مركز لصناعة الخزف بمدينة تيبازا قريباً كثمرة أخرى لهذه الشراكة. وأضافت «لدينا مشاريع شراكة مع إيران وأخرى مع البرازيل لتأهيل الحرفيين في مجال صناعة الأحجار نصف الكريمة، ونروم إدخال تقنيات حديثة في هذه الصناعات مع الحفاظ على موروثنا التقليدي العريق في الوقت نفسه». وينظر الحرفيون في شتى الاختصاصات إلى مشاريع الشراكة مع الأجانب بكثير من التفاؤل، ولكن لأن المشاريع لا تزال في بدايتها، فقد آثر أكثرُهم التركيز على تطوير مهنته بإمكاناته الذاتية، ومنهم كمال ولد رامول، الذي يعرض منتجات خزفية تحمل لمسات إبداعية فنية راقية، نوّع فيها بين الرسوم التراثية والزخارف والخطوط العربية، ليُخرج للرائي أشكالاً شتى رائعة الجمال على صحون وأوان مختلفة من الخزف، ولكن ولد رامول يشكو ضعف الجانب التسويقي، ويوضح «من الناحية الفنية، هناك تطورٌ ملحوظ للصناعة الخزفية بالجزائر، ولكن من الجانب التسويقي لا تزال الأمور تراوح مكانها، هذه المنتجات تهم أكثر المثقفين الذين لديهم جانبٌ جمالي وذائقة فنية راقية يقدرون بها جهودنا، هذا العمل يحتاج إلى الكثير من الجهد والدقة والصبر، وبعض الأشكال تحتاج إلى أسبوعين لتكون جاهزة». إقبال واسع في المعرض هناك العديد من الحرفيين الذين كانوا يعرضون آخر ما جادت به قرائحُهم من إبداعات من مجال الزخرفة على الخزف والزجاج، ولكن الملاحظ أن الاهتمام الشعبي بها كان محدوداً، فقد كان أغلب الزوار من الفتيات والنساء اللواتي أبدين اهتماماً أكبر بالحلي والملابس التقليدية الخاصة بمختلف أنحاء الجزائر، ومنها الملابس النسوية «القبائلية» زاهية الألوان. إلى ذلك، شهد جناح «الإخوة حميطوش» إقبالاً واسعاً من الفتيات، وقال صاحب الورشة محمد حميطوش إن «صناعة الملابس القبائلية الأمازيغية تشهد انتعاشاً من عام إلى آخر، بسبب حرص الأمازيغ على نقلها جيلاً بعد جيل والتشبُّث بها كأحد عناوين الهوية، كما تشهد تصاميمُها تطوراً وإبداعاً مقارنة بالسنوات الماضية». وأضاف حميطوش «الملابس القبائلية بدأت تنتشر في مختلف أنحاء البلد ويقتنيها المغتربون أيضاً، وورشتنا تشغِّل الآن 25 عاملاً ونحو 50 سيدة ماكثة في البيوت». من جانبهم، أبدى حرفيو مدينة تلمسان (نحو 600 كلم غرب الجزائر) ارتياحَهم لازدهار صناعة الملابس التقليدية في هذه المدينة وفخرَهم بشهرتها الكبيرة في كل مناطق البلد برغم أسعارها الباهظة، حيث أن تجار كل الولايات الجزائرية يزورون تلمسان لاقتناء هذه الملابس الجذابة زاهية الألوان، بحسب عبد الرحمن بوشعور، صاحب ورشة للخياطة والطرز التقليدي بالمدينة. وأضاف «الملابس التقليدية التلمسانية مشهورة منذ قرون وموروثة من أجيال عديدة، وحالياً تشهد تطورا كبيرا في النوعية والتصميم والجودة حيث نبتكر باستمرار لمسات عصرية تزيدها جمالاً». تراجع صناعة النحاس خلافاً لقطاع الملابس التقليدية، يشكو الحِرفيون المتخصصون في صناعة النحاس من تراجع مهنتهم في السنوات الأخيرة، لأسباب عديدة أهمها «غلاء المواد الأولية المستورَدة» بحسب الحسن بودينار، رئيس جمعية «فن النحاس» بقسنطينة، 427 كلم شرق الجزائر، والذي يشتغل بهذه الحرفة منذ 44 سنة كاملة «ارتفاع أسعار النحاس بشك لكبير يؤثر سلباً على الصناعات الحرفية المرتبطة به». ويكشف أحمد غطّام، عضو بالجمعية، عن أن عدد المتخصصين في الصناعات النحاسية بقسنطينة كان نحو 5 آلاف في بداية التسعينيات، والآن لم يعد هناك أكثر من 120 مسجلاً رسمياً وما بين 300 إلى 350 صانعاً في السوق السوداء. ويقدر الحرفي مكي صالح نسبة تراجع صناعة النحاس بقسنطينة بـ60 بالمائة، ولكن يؤكد «مع ذلك تبقى قسنطينة عاصمة هذه الصناعة في الجزائر»، بينما ينفي عريفي بومنجل، مختصٌ في صناعة النحاس، أي أثر للمنتجات الصينية والهندية المستوردة في الصناعة النحاسية بقسنطينة لأن هذه الأخيرة «أكثر جودة وإتقاناً». ولبعث هذه الصناعة العريقة من جديد وإنعاشها، يعِدُ نصر الدين بن عراب، مدير غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية قسنطينة، المتخصصين فيها بالدعم، فضلاً عن دعم تأهيل الشباب في هذه المهنة عبر تنظيم دورات تدريبية لهم في ورشات متخصِّصة عن طريق الجمعيات، كما كشف بن عراب عن مساع لـ»التعاون مع تركيا وإيران وجلب المادة الأولية للنحاس بأسعار لأقل من الأسعار الحالية»، مضيفاً أن «70 بالمائة من حرفيي النحاس في الجزائر متمركزون بقسنطينة، والغرفة ستدعمهم بكل السبل لإنعاش هذه الصناعة العريقة وإعادة الاعتبار لها». حلي إيرانية حظيت مختلف الأجنحة الأجنبية في الصالون، بإقبال كبير للجمهور، فقد استقطب الجناحُ الإيراني الكثير من السيدات اللواتي جذبتهن الحليُّ الإيرانية ذات الأحجار نصف الكريمة، يقول الحرفي محمودي «تضم الحلي الإيرانية خواتم وأقراطا مصنوعة من الأحجار المشهورة في إيران ومنها العقيق الفيروزي والياقوت بألوانها الزرقاء والصفراء والحمراء، وإقبال الفتيات والسيدات كبير على الخواتم برغم أن أسعار بعضها يعد مرتفعا». وأعربت راتيب راتيي من أندونيسيا عن ارتياحها الكبير لإقبال الجزائريات على الحلي والملابس الأندونيسية، «نشارك في هذا الصالون لإبراز أهم صناعاتنا التقليدية الشهيرة، الجزائريات مهتمّاتٌ بملابسنا المصنوعة يدوياً وبالأخص حجاباتنا، وكذا بعض الحلي، وأجد تجاوبهن مع صناعاتنا رائعا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©