الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في محطة الأربعين

11 ديسمبر 2014 00:10
إذا كانت كل محطات العمر التي تبدأ بالصفر تحمل معنى مؤثراً، فإن لسن الأربعين ميزة على كل تلك المحطات. فإذا كانت سن العشر تعني بداية التكليف، وسن العشرين تعني بداية الاستقلالية، وسن الثلاثين تعني وضوح الرؤية، وسن الخمسين السباق في تدارك ما فات، وسن الستين كمال الوعي، فإن سن الأربعين مزيج من عشرات الأشياء. بداية، فالأربعون هي السن الوحيدة التي خصها القرآن بدعاء مميز، قائلاً سبحانه حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال: {ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين}، فهو دعاء مؤثر يتضمن الشكر على ما مضى، والدعاء للآتي، وإعلان الولاء لهذا الدين. * في الأربعين يشعر الواحد منا وكأنه على قمة جبل، ينظر إلى السفح الأول فيرى طفولته وشبابه، ويجد أن مذاقهما لا يزال في أعماقه، وينظر إلى السفح الآخر فيجد ما تبقى من مراحل عمره، ويدرك كم هو قريب منها. إنه العمر الذي يكون الإنسان قادراً فيه على أن يفهم كل الفئات العمرية ويعايشها ويتحدث بمشاعرها. * في الأربعين، يبدأ الشيب إن لم يكن قد بدأ سابقاً، ويبدأ كذلك ضعف البصر، فيقبل كل منا على نظارة القراءة، وتصبح جزءاً من محمولاته اليومية. * وفي الأربعين، نسمع لأول مرة من ينادينا في الأماكن العامة «تفضل يا عم»، ليجد وجوهنا مستغربة للنداء الجديد، وفي الأربعين يلتفت لنا من هم في الستين ليقولوا لنا: يابختكم مازلتم شباباً، فيزداد استغرابنا. * في الأربعين، تبدأ أزمة منتصف العمر، يبدأ السؤال القاسي بالظهور أمام الإنسان: ماذا أنجزت في عملك وفي أسرتك وفي حياتك وفي علاقتك مع ربك؟ إنه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير. المشكلة أن الأيام مرت أسرع مما توقعنا، فأثناء طفولتنا كنا ننظر لمن في الأربعين على أنهم شبعوا من دنياهم، أما اليوم فنرى أننا لم نحقق الكثير مما وضعناه لأنفسنا، وأن السنوات تجري بنا ولا تعطينا فرصة لكي نصنع ما نريد. * في الأربعين، ندرك القيمة الحقيقية للأشياء الرائعة التي تحيط بنا، ننظر إلى والدينا فنشعر أنهما كنز علينا أن نؤدي حقه، وإلى أبنائنا فنراهم قد غدوا كإخوان لنا ينتظرون صحبتنا، ننظر إلى الإخوان والأصحاب فنشعر بسرور غامر لوجودهم حولنا، كما ننظر إلى تقصيرنا وأخطائنا فنرى أنها لا تليق بمن هو في الأربعين ويفترض الناس فيه الحكمة والتوازن. * في الأربعين يبدأ الحصاد، نشعر حقيقة أننا كنا كمن كان يجري ويجري، واليوم بدأ يخفف من جريه ويلتفت إلى لوحة النتائج ليقرأ ملامحها الأولية، وهو يعلم أن النتائج النهائية لم تحسم بعد، إلا أن التغيير بعد الأربعين ليس بسهولة ما قبلها. * هي سن النبوة، كانت قبلها الإرهاصات والخلوات والرؤى تهيئ النبي الكريم لتحمل تكاليف النبوة ومشاقها، وكان قبلها حسن سير رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، وخلقه وسيرته العطرة، ولكن النبوة بدأت في الأربعين لأنها السن التي يبدأ بعدها الإنسان بنفع من حوله، فهل وعينا كل ذلك؟ أبومحمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©