الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الشرق» الأوكراني الى الحضن الروسي!

11 ديسمبر 2014 00:03
أشار تقرير صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة إلى أن نصف مليون أوكراني فروا من البلاد منذ شهر أبريل المنصرم، وإذا كان الأمر طبيعياً ولا يدعو للاستغراب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها أوكرانيا، إلا أن ما يثير القلق هو التفاصيل المحيطة بالخبر التي تقول إنه من بين 405 آلاف شخص تقريباً غادروا أوكرانيا منذ نهاية أكتوبر الماضي أكثر من 387 ألف منهم توجهوا إلى روسيا، بحيث ينتمي أغلب هؤلاء إلى المناطق الشرقية لأوكرانيا ليثير هذا الأمر سؤال ملحاً: إذا كان الأمر يتعلق بصراع بين أوكرانيا وروسيا، فلماذا يختار عدد مهم من الأوكرانيين الاصطفاف مع ما يفترض أنه العدو؟ وبالطبع لا يمكن التعامل مع نفي موسكو المستمر لتدخلها في شؤون أوكرانيا على محمل الجد، إذ من الواضح تلقي الانفصاليين في دونيتسك ولوهانسك أسلحة ومعدات من روسيا. لكن مع ذلك لو أن بوتين أرسل رجاله المتخفين لإقامة جمهوريات منفصلة في غرب أوكرانيا، حيث المشاعر المناهضة لموسكو قوية، لرجع رجاله في الأكفان، ما يعني أن إثارة بوتين للمشاكل والاضطرابات في شرق البلاد تتم في بيئة حاضنة وبمساعدة عناصر داخلية، وهو يفعل ذلك من خلال تواصل فعال مع السكان المحليين مستخدماً لغة ورموزاً يفهمانها. والحقيقة التي لا يستسيغها البعض أن شريحة مهمة من الأوكرانيين في شرق البلاد، وهم الأشخاص الأكثر معاناة من الأزمة الحالية، لا يثقون في كييف والغرب، كما أنهم يساندون، ضمناً على الأقل، الانفصاليين الموالين لروسيا، وهو أمر لا يدعو للاستغراب. فخلال الشهر الماضي، أقدم الرئيس بيترو بوروشينكو على تجميد المعاشات الحكومية للأهالي، وقطع التمويل على المدارس والمستشفيات في المحافظات الشرقية لدونيتسك ولوهانسك، ولسوء الحظ لم يؤثر هذا الإجراء على المقاتلين الذين يحملون السلاح ويحصلون على الدعم المباشر من موسكو، بل كل ما حققه بوروشينكو من وراء هذه الخطوة إعطاء دليل إضافي للناس الذين يعانون أصلاً بأن كييف والغرب يريدون تعميق معاناتهم. غير أن الأسوأ من هذا الإجراء كان قرار كييف إدماج كتيبة «أزوف» اليمينية المتطرفة التي يصل قوامها إلى 400 جندي في القوات التي تحارب الانفصاليين بالشرق، علماً بأنها قوة متطرفة تتبنى التحية النازية وتستخدم الصليب المعقوف، والمشكلة أنه كل من له اطلاع على تاريخ المناطق الشرقية لأوكرانيا وتجربتها السيئة مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية عليه أن يدرك الحساسية التي تولدها مشاركة كتيبة يمينية نازية في الحرب ضدهم. ورغم مرور كل هذا الوقت على انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما زالت ذكرياتها عالقة في أذهان الأجيال الكبيرة في السن، وشخصياً أذكر جيداً عندما كنت طفلاً خلال الثمانينات مع عائلتي في مدينة خاركوف بشرق أوكرانيا كيف كانت الحرب العالمية الثانية حاضرة بقوة في أذهان الناس، بل حتى بعض المباني المهدمة ما زالت ماثلة لتذكر الناس بالزحف النازي على المنطقة والمقاومة الشرسة التي انخرط فيها الأهالي دفاعاً عن أراضيهم، هذا التاريخ يستخدمه اليوم بوتين والإعلام الروسي مشبهين القوات الأوكرانية بنظيرتها النازية التي حاربت الأوكرانيين خلال الحرب العالمية الثانية. والحقيقة أن بعض الإجراءات التي تقدم عليها كييف مثل الاستعانة بميلشيات يمينية، أو قطع التمويل عن المنطقة لا يساعد على تبديد الدعاية الروسية، بل حتى الإعلام الغربي لم ينتبه إلى التداعيات السلبية لخطوات كييف بشرق البلاد ودورها في تأليب الناس ضد الغرب، فمثلاً لم تشر وزارة الخارجية الأميركية أبداً إلى تجميد معاشات سكان المناطق الشرقية، ولا تأثيرها المحتمل على الناس، كما أن التقارير التي تفيد بمشاركة كتيبة «أزوف» النازية في القتال لم يعالجها أبداً الإعلام الغربي. ليف جولينكينديك كاتب أميركي من أصل أوكراني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©