الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عندما تلوك الألسن مصداقية أميركا !

11 ديسمبر 2014 00:02
كان يفترض بالبرنامج السري للاحتجاز والاستنطاق الذي أشرفت عليه وكالة الاستخبارات المركزية عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أن يجعل أميركا أكثر أمناً، لكن الكشف عن الأساليب الوحشية التي اعتمدها البرنامج في تقرير يوم الثلاثاء الماضي الذي أعدته لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي من شأنه تعريض الأميركيين الذين يعملون في الخارج للخطر، ويعوق أكثر جهود أميركا لصياغة سياستها الخارجية. فقد أدت الصورة القاتمة التي رسمتها لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي عن البرنامج السري الذي ترعاه «سي آي إيه» إلى مسارعة الحلفاء للنأي بأنفسهم عن البرنامج، بل دفع بالخصوم إلى اتهام أميركا بالنفاق، وفي السفارات الأميركية حول العالم انهمك الدبلوماسيون في الاستعداد لردود فعل غاضبة واحتجاجات محتملة ضد ما جاء في التقرير، فيما رفع الجنود الأميركيون المنتشرون في الخارج من درجة تأهبهم تحسباً للأسوأ. وعن تداعيات إصدار التقرير، يقول «جاكوب باراكيلاس»، محلل السياسة الخارجية بمعهد «تشاتام هاوس» بلندن: «من الواضح أن هذا التقرير سينعكس بصورة سيئة على مكانة الولايات المتحدة في العالم، ويمكن انتظار حالة من التوظيف الواسع لما انطوى عليه التقرير في الإعلام الروسي والإيراني، وبقية وسائل الإعلام التي يديرها خصوم أميركا»، وهو ما تأكد بالفعل حتى قبل الإصدار الرسمي للتقرير، حيث أشار الإعلام الصيني بشماتة واضحة لما اعتبره مصداقية أميركا المتآكلة، فقد جاء في افتتاحية نشرتها وكالة «شينخوا» الرسمية أن «أميركا ليست النموذج ولا حتى القاضي المؤهل لإصدار الأحكام على بلدان العالم فيما بتعلق بحقوق الإنسان، لكن رغم ذلك نادراً ما يسمع الناس الولايات المتحدة تتحدث عن مشاكلها الخاصة، مفضلة بدلاً من ذلك التطرق إلى القضايا التي تخص الآخرين، بمن فيهم الصين». ولا شك في أن صدور التقرير جاء في وقت عانت فيه مكانة أميركا العالمية عدداً من الأخبار السيئة من قبيل الكشف عن عمليات التجسس غير المرخصة قضائياً، والاستخدام المكثف للطائرات من دون طيار، فضلاً عن الاضطرابات الداخلية ذات البعد العرقي التي جرت مؤخراً في عدد من المدن الأميركية، وفيما تبقى العديد من الانتهاكات التي وثقها التقرير الصادر عن الكونجرس وينتقد فيها برنامج الوكالة السري لاحتجاز والاستنطاق معروفة لدى عدد كبير من الناس، إلا أن ما يحمله التقرير من صور ومعلومات قد يُحدث أثراً في الخارج على نحو غير مسبوق، وهو ما أشار إليه الباحث «باراكيلاس» بالقول إن العديد من التفاصيل الواردة في التقرير ستضع بعض حلفاء أميركا في موقف حرج، ما قد يعيق مستقبلاً أي تعاون استخباراتي مع واشنطن في وقت تبدو فيه أميركا والدول الغربية قلقة من الصعود اللافت لـ«داعش»، كما أنه من شأن التقرير أن يدفع حلفاء أميركا إلى تبني موقف أكثر شفافية فيما يتعلق بانخراطهم في البرنامج الأميركي، لا سيما بعدما أظهر تقرير صدر العام الماضي عن منظمة «المجتمع المفتوح» أنه ما لا يقل عن 54 دولة حول العالم تعاونت مع أميركا في برنامج الترحيل التي يُنقل بموجبه أشخاص مشتبه بهم إلى بلدان أخرى معروفة باستخدامها للتعذيب. ويبدو أن بريطانيا كانت من بين البلدان التي انخرطت بقوة في البرنامج الأميركي من خلال توفير معلومات استخباراتية، وتقديم الدعم اللوجستي للولايات المتحدة، ما دفع الحكومة إلى التعهد بإجراء تحقيق شامل حول الانخراط البريطاني ما زال مؤجلاً حتى الآن. لكن وبعيداً عن الشعور بالاستياء من الممارسات التي كشف عنها التقرير، كانت أيضاً هناك أيضاً إشادة خافتة بالحكومة الأميركية؛ لأنها على الأقل صارحت الناس، فقد اعتبر المعلق نيكولاس باس بإحدى الصحف الألمانية أن صدور التقرير كان أمراً جيداً، قائلاً: «فقط باتخاذ هذه الخطوة يمكن للولايات المتحدة التي تعتبر نفسها قوة أخلاقية على الصعيد العالمي، استعادة الثقة التي أهدرتها إدارة بوش». جريف ويت محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©