السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المخرجون الإماراتيون.. وأزمة انتظار الملايين!

المخرجون الإماراتيون.. وأزمة انتظار الملايين!
11 ديسمبر 2014 15:02
حان وقت مواجهة مفاهيم المخرجين السينمائيين في الإمارات، حول عملية إنتاج الأفلام المحلية، بعد أن أتيحت لهم مساحات جيدة، خلال الـ 14 سنة الماضية، لمناقشة أشكال الدعم وتحديات الحركة السينمائية، ودور المهرجانات المحلية، والمؤسسات العامة والقطاعات الخاصة في رفدهم بسُبل المساهمة المختلفة. ورغم استمرار معاناة التمويل، باعتبارها إشكالية عالمية في إنتاجات الفنون عموماً، وتقودها منظومة حلقات تبدأ بالسيناريو وصولاً إلى قاعات السينما، إلا أن المنطقة المحلية تقف عند مفترق طرق في افتقادها لآليات «التوزيع» و»الإنتاج المشترك» كأهم حلقات صناعة (المال) وإعادة تدويره في الأفلام المحلية. ظاهرة «انتظار الملايين» من قبل المخرجين في الإمارات، لا تمثل تهمة مباشرة، لصنّاع الأفلام أو حكماً قاطعاً، حول بيئة الحركة السينمائية المحلية، وإنما تبعات موضوعية ومهنية، في كيفية تعريف بعض المخرجين الإماراتيين لإنتاج الفيلم الطويل، والذي يمثل مؤخراً توجهات أغلب المخرجين، لضمان انضمامهم لموجة تأسيس الصناعة السينمائية من جهة، والولوج إلى الصالات التجارية من جهة أخرى، إلى جانب الظفر بالتوزيع العربي والعالمي لأفلامهم، ما يحقق تجارب تراكمية تكفل استمرار دعم عملهم. ويبرز موضوع التمويل ووضع الميزانيات، وعدم وجود منتج احترافي، إشكالية غياب ثقافة تقييم معدل التكلفة الإنتاجية للسيناريو، من قبل المخرجين والكتّاب، ما يؤدي إلى توقف العديد من المخرجين عن العمل ولسنوات طويلة، وقلة إنتاجات الأفلام القصيرة، في مقابل رغبة بعض الجهات في تطوير الحركة السينمائية، كشركة «إيمج نيشن» أبوظبي ـ أبرز الممولين في هذا الميدان ـ وهو (تنوع) يُحسب للشركة، وعامل مغرٍ في جعل المخرجين في الإمارات يتنافسون على القيمة المادية، بعيداً عن المضمون الجوهري لفكرة السيناريو. الإنتاج المشترك صناعة فيلم للصالات التجارية، وصناعة فيلم للمهرجانات السينمائية، محوران رئيسيان في تناول شكل تمويل الأفلام، والانطلاق نحو مفهوم «الإنتاج المشترك»، كوسيلة تقنية لتفعيل صناعة السينما في الساحة المحلية، خاصة أن دولة الإمارات عبر صناديق الدعم في مهرجاناتها السينمائية، سواء في مهرجان دبي السينمائي من خلال برنامج «إنجاز» أو مهرجان أبوظبي السينمائي عبر صندوق «سند»، تمثل مظلة إنتاجية رئيسية للعديد من صنّاع الأفلام في المنطقة العربية والإقليمية. وبالنظر إلى الفيلم الإماراتي نفسه، فإنه لا يزال أمام فكرة الدعم المحلي، ما يطرح سؤالاً حول ماهية معايير الشراكات الإنتاجية الخارجية بين صانع الفيلم في الإمارات والمنتج الأوربي أو العربي أو العالمي. وبالرجوع إلى نتائج مناقشات الدورة الأولى من (عروض السينما الأوروبية في الإمارات) الذي أقيم في إمارة أبوظبي، بإدارة ممثلة صندوق السينما الأوروبية «يوروماج»، الخبيرة الثقافية الإيطالية أليساندرا بريانتي، أوضح المتحدثون أنه توجد في أوروبا منح تساعد بمتوسط إنتاج 900 فيلم في العام، 60? منها إنتاج مشترك. وتبقى التساؤلات في شكل تسويق المخرج الإماراتي لمشروعه السينمائي واستثمار تلك الفرص. الذائقة الجماهيرية«أخرجت فيلمين روائيين طويلين، لم أعتمد فيهما على دعم مباشر من صناديق المهرجانات المحلية»، هذا ما يقوله المخرج الإماراتي علي مصطفى، مبيناً فعل حركة المال في إنتاج أفلامه. ويتفق أغلب المتابعين لرؤيته الإخراجية، على لمحة الخط التجاري في أفلامه والتوجه نحو صالات العرض، والمقاربة الجماهيرية، والتي يشير مصطفى إلى أهمية حضورها في الفيلم، توازياً مع ذائقة المشاهد المحلي، الذي اعتاد متابعة إنتاجات هوليوود. ويؤكد المخرج الإماراتي أن الاشتغال على كتابة القصص السينمائية وبهذا التوجه أصبح ضرورة، لاستكمال دائرة الإنتاج السينمائي، المعتمدة على تجاوز خطورة غياب المردود المادي على مستوى المنتجين والممولين، وقلة تجربة المخرج الإماراتي. يذكر أن علي مصطفى عمل بميزانية ضخمة في إنتاج فيلم «دار الحيّ»، الذي مثل ما نسبته 30? من تمويل الشركات، ممثلاً ما يصنف بـ «الدعاية» غير المباشرة. ويبيّن مصطفى أنه عند إخراجه لفيلم «دار الحيّ» لم تتوفر جميع الإمكانيات المتوفرة لديهم اليوم، ويقول: «أستطيع إنتاج نفس الفيلم بتكلفة مادية أقل، بسبب تطور بيئة الإمكانيات في الإمارات». وبين تناول أهمية السيناريو والطبيعة الإنتاجية، لفت مصطفى إلى أنهم يسعون لإنتاج أفلام ضمن مفهوم الحد الأدنى في الإمارات، قد تصل تكلفتها إلى 2 مليون درهم إماراتي. ويؤكد أنه من ناحية القصة في فيلمه الأخير «من ألف إلى باء»، مقارنة بفيلمه الروائي الطويل الأول، فهو أكثر متعة وحيوية، واستطاع إنجازه بربع ميزانية «دار الحيّ». وعن شكل تسويق المخرج لشغفه وقدراته للمنتجين والممولين، يصف مصطفى المشهد بعملية بناء الثقة، فالممول يحتاج لمعرفة إمكانية صانع الفيلم، في معالجة القصة، وبناء كفاءة إنتاج صورة الفيلم، واختياره للممثلين المشاركين، ما يساهم في تحفيز بيئات التمويل الخارجي. إشكالية تقييم!من جهته اعتبر المخرج الإماراتي وليد الشحي أن «الإنتاج المشترك»، يحتاج إلى امتلاك محفظة من الأفلام الطويلة، أو ما يسمى بالسيرة الذاتية للمخرج، والتي تمثل عرضاً عملياً لإمكانياته. ويوضح صاحب فيلم دلافين» المشارك في مهرجان دبي السينمائي في دورته الـ11 الحالية، كأول فيلم روائي طويل له، أنه خلال تجربته الأولى للفيلم الروائي الطويل، تقدم بطلب التمويل لمئات المؤسسات والقطاعات الخاصة على مستوى الإمارات، ولم ينل التجاوب المطلوب،. ويرجح أن السبب هو في فكرة الصورة النمطية نحو صناعة الفيلم، الذي يتطلب عادة سنوات لقياس ردود الفعل المادية، أو التسويق التفاعلي للقائمين على الدعم. وباعتقاده فإن ثقة المنتجين تبدأ بالانفتاح ما بعد أولى التجارب الروائية الطويلة للمخرجين. أما السينمائي أحمد حسن، وهو من رواد الإدارة الفنية والإنتاجية في حركة الأفلام الإماراتية منذ انطلاقها في عام 2001، فيعتبر أن قراءة المشهد السينمائي من العمق، من قبل المعنيين سواء المخرجين السينمائيين أو الجهات المتابعة للحركة الفنية إعلامياً، لا تزال تغفل عن الكثير من المعطيات، وتحديداً الاستراتيجيات المتمثلة في صناعة الفيلم، انطلاقاً من السيناريو. وحول ذلك يقول: «هناك مبالغة في تقييم حجم تكلفة العمل من قبل فرق عمل إنتاج الأفلام في الإمارات، فمثلاً يحتاج الفيلم القصير لنحو 20 ألف درهم لإنتاجه، إلا أن المخرج الذي يعمل كمنتج في منطقتنا المحلية، يقدره بتكلفة تصل إلى 60 ألف درهم، وبالتالي يتوقف المخرج عن العمل، منتظراً قيمة الدعم. في حين يمثل السيناريو هيكل الإنتاج، واحتساب تكلفته تبدأ مع لحظة الكتابة». ويلفت حسن إلى أن المخرجين الإماراتيين يتحملون اليوم مسؤولية تقديم أنفسهم للجهات الداعمة، وذلك ضمن وعيهم بمرحلة ثقافة الإنتاج السينمائي كونها عملية معقدة، مشيرا إلى أن الإدارة الإنتاجية والفنية للفيلم على مستوى توفير عناصر المشهدية من ملابس واكسسوارات وبناء مواقع التصوير وتأجيرها، تمثل ما بين 30% إلى 40% من إجمالي التكلفة. ويقول: هناك للأسف قلة اهتمام بمفهوم صناعة بيئة الشكل السينمائي، باعتباره عنصراً رئيسياً، واعتماد المخرجين على المواقع الجاهزة وعشوائية انتقاء تفاصيل الحالة بين الممثل وفضاء الجغرافيا في المشهد. فكرة كاذبة !الاهتمام بملف «التوزيع»، شكل أخيراً استنفاراً نوعياً من قبل مهرجان دبي السينمائي، بعد إعلان تأسيس مركز دبي للتوزيع، والذي سينطلق نشاطه ضمن سوق دبي السينمائي في ديسمبر الحالي، بالتعاون مع الموزعين الرئيسيين في المنطقة. وهو اهتمام من قبل المهرجان بالحلقة المفقودة الأهم، كما وصفها مسعود أمر الله المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي، والمعنية بتحريك دفة الإنتاج السينمائي ككل، وعن ذلك يقول: «لا أدري من أين تأصلت فكرة أن الفيلم العربي المستقل لا يمكن شراؤه وبيعه، في ذهنية الموزع في المنطقة، ولا أدري أيضاً، لماذا لم يتشكل إلى الآن في منظومة التسويق، ما يسمى بالسوق العربي للأفلام، على مستوى حضور الفيلم المستقل، سواء الإماراتي أو المغربي أو الجزائري في سوق الـ(دي في دي) أو السوق الإلكتروني (أون لاين)، أو سوق (التليفزيونات)». ويعتقد أمر الله أن الحكم المسبق على الإنتاج العربي فكرة كاذبة، منوهاً في هذا السياق بما يقوم به مهرجان دبي السينمائي من عقد شراكات مع الموزعين، الأمر الذي يمثل تجربة تحتمل الصواب والخطأ، والقدرة على تقييمها تحكمها نتائج التجربة، والتي تحول الموزع عن قناعاته المترسخة تجاه أفلام النجوم وغيرها. ويضيف أمر الله: إننا لا نملك بالمقابل صالات سينما حكومية، وطالما تفتقد حلقة التوزيع لرؤية واضحة وعناصر مهمة، كمندوبي المبيعات، فإن بلورة مستثمرين يؤمنون بجني ثمار الصناعة على مدى سنوات، يكاد يكون تحدياً مستمراً في الإنتاج المحلي. آلية (مفتوحة)الانتقال إلى عهد إنتاج أفلام روائية طويلة، في الإمارات، بعد تجربة الفيلم القصير، يدفع بالصناعة السينمائية ومنها التوزيع، لإثراء عملية الإنتاج السينمائي، إلى جانب الوعي بدور المهرجانات السينمائية المحلية، التي لا تتحمل مسؤولية تمويل الأفلام. وبالنسبة لصناديق الدعم، فإنها تعد مكملاً لمراحل التطوير وما بعد الانتاج، فقد كثر التساؤل مؤخراً: «هل هناك مشاريع أفلام، لا تكتمل، رغم حصولها على قيمة دعم مبدئية؟»؟ عن هذا السؤال يجيب علي الجابري مدير مهرجان أبوظبي السينمائي أنه يجب علينا في البداية فهم آلية دعم صناديق المهرجان من مثل صندوق «سند»، الذي يبرم اتفاقية بينه وبين المخرجين في مرحلة تطوير الفيلم، يقدم فيها «سند» مبالغ تقديرية، بين 10 آلاف إلى 20 ألف دولار، بعد تقييم السيناريو ورؤية مدى جماليات خطوطه وشكل إخراجه، وهذا المبلغ التقديري على سبيل المثال، يساعد المخرج في بحثه عن الإنتاج أو السفر لاستكشاف مواقع التصوير ووضع الخطوط الأولية، ولا تتم المحاسبة عن استثمارها بشكل مباشر، لأن إنتاج الفيلم قد يستغرق أحيانا حوالي سنتين إلى أربع سنوات، مضيفاً أن دعم الفيلم ما بعد الإنتاج يختلف أيضاً في صيغته ومحاوره، لذلك فإن استثمار دعم صندوق المهرجان، يحتمل البعد المفتوح والمرونة، لأن عملية الإنتاج السينمائي صعبة وتحتاج إلى وقت. هامش 1 اندثار الموزعين! أوضح سامر المرزوقي مدير سوق دبي السينمائي، أن تقدم التكنولوجيا في المرحلة الحالية يتنبأ باندثار الموزعين، رغم أهميتهم التجارية، وذلك بسبب إتاحة القرصنة الإلكترونية مشاهدة الأفلام عبر الشبكة العنكبوتية، ومن جهة أخرى، فإن حضور مواقع متخصصة ومحمية، ساهم في خلق علاقة بين صانع الفيلم ومؤسس مواقع عرض الأفلام المستقلة، وبالتالي إمكانية تجاوز فكرة الصالات المستقلة، وبحسب المرزوقي، فإننا في الوطن العربي، نستطيع استثمار نقطة التحول الإلكتروني في العالم، واختزال مراحل تأسيس دور عرض للأفلام المستقلة عبر توزيعها في المنصة الإلكترونية الذكية في عرض الأفلام. هامش 2 «إنجاز».. في أرقام يتضمن جدول الدفع في اتفاقية برنامج «إنجاز» التابع لمهرجان دبي السينمائي، لتخطيط دفعات المتقدمين النقدية، البنود التالية: الدفعة الأولى بنسبة (80?)، تصدر في (90) يوماً من تاريخ تنفيذ اتفاقية إنجاز، والدفعة الثانية والأخيرة، بنسبة (20?) يصدر عند التقديم والموافقة على النسخة النهائية المسلّمة من الإنتاج، والوفاء بجميع الالتزامات التعاقدية، إلى جانب تقديم تقرير التكلفة النهائية مع الوثائق والفواتير الداعمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©