السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بشرى صحوة علمية عربية؟

27 ابريل 2007 00:48
د·فاروق الباز عمت على نفسي بهجة عندما أقر القادة العرب مبادرة تؤهل لبزوغ صحوة علمية عربية· أقرت قمة الرياض الأخيرة دعم البحث العلمي على مدى السنوات العشر المقبلة بما يعادل 2,5% من الدخل القومي· كذلك اتفق القادة على اعتبار التعليم والبحث العلمي بنداً دائماً في مؤتمرات القمة المقبلة· جاءت هذه المبادرة فى وقتها حيث إن الغالبية العظمى من العرب لا ترضى بالوضع الحالي، فقد أصبحنا فى مؤخرة الأمم بالنسبة لهذا المجال الحيوي المهم· صدر القرار بناء على ايمان جامعة الدول العربية بأن العلم والمعرفة والبحث العلمي تلزم للتنمية والازدهار الاقتصادي، أي صلب صالح المجتمعات العربية ومستقبلها· لذلك يجب على كل مفكر في العالم العربي مباركة هذه المبادرة والعمل على إنجاحها لأنها تحمل بين طياتها مؤشرات طيبة عديدة من بينها إمكانية الإصلاح من الداخل· تعتبر الأغلبية في العالم العربي أن حالنا قد وصل إلى ما لا نبتغي ويلزمنا التغيير أو الإصلاح· هناك من يِؤمن بأن الإصلاح لا يأتي إلا بالطفرة أي التغييرالثوري· ولكني اتفق مع الرأى الآخر بأن الإصلاح يمكن أن يتم من خلال الأنظمة الحالية بالسعي الدؤوب لحثها على تغيير المسار إلى الأحسن· لذلك يلزمنا دعم السعي لرفع مستوى التعليم على جميع مراحله ثم دعم البحث العلمي في كل الدول العربية· لقد أثبتت تجارب الدول التي تقدمت خلال عقد أو عقدين من الزمان أن التعليم والبحث العلمي هما أساس الرخاء الاقتصادي· لابد إذا من البدء بإصلاح التعليم من سنين الطفولة إلى التعليم العالي، ولابد أيضاً من العودة إلى تبجيل المعلم ونشر العلم والمعرفة والاعتماد على أهل الخبرة (وليس أهل الثقة) ووضعهم فى المواقع التى تناسب اختصاصاتهم وخبراتهم· دعم البحث العلمي يستدعي التخطيط الطويل المدىِ، ولذلك أسعدني أن قرار القمة عمم الاهتمام خلال العقد المقبل· هذه فرصة ذهبية أمام العلماء العرب· يستطيع أهل الخبرة البدء فوراً بوضع مقترحات لإصلاح التعليم أو مواضيع البحث العلمي النظري والتطبيقي على حد سواء· لا يصح أن ينتظر العلماء العرب تحديد الأولويات على أيدي غير المتخصصين، بل يستطيعون تحديد المسار والتخطيط لتنشيط البحث وأخذ مايلزم من خطوات تؤهل للنجاح والإبداع والازدهار· أحد مواضيع البحث العلمي المهمة هو التعرف إلى الأراضي العربية وثرواتها الطبيعية· لابد أن نتعرف إلى صحرائنا وما يوجد بها من جبال وأودية وتربة خصبة، وما تحتويه في باطنها من نفط ومياه جوفية وخامات معدنية· تأتي هذه الفرصة في أثناء إعلان هيئة الأمم المتحدة بأن عام 2008 يعتبر ''العام العالمي لكوكب الأرض'' وذلك لتعزيز أهمية علوم الأرض في خدمة الإنسان· ويدعم ذلك مبادرة كل من السعودية ومصر بإطلاق أقمار اصطناعية علمية مؤخراً للغرض نفسه· لذلك يجب على خبراء الجيولوجيا والجغرافيا والمياه والأراضي والنبات والبيئة وما إليها العمل على جمع كل ما يلزم من معلومات ونشرها على الملأ لكي تستخدم في رفعة الاقتصاد العربي في كل مكان· يشمل التعرف إلى الأرض وثرواتها المسح الدقيق للخامات النووية· هذا أمر مهم في الوقت الحالي بالذات لأن القادة العرب أقروا الطاقة النووية للاستخدامات السلمية شاملاً ذلك على إنتاج الطاقة· يؤهل إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة مثل الشمس والرياح أو الإشعاع الذري الحفاظ على النفط والغاز لإنتاج مشتقاته الفريدة أو للتصدير عالمياً لدعم الاقتصاد الوطني· لأن قرارات القمة حكومية فسوف تقوم مؤسسات الدول بما تستطيع· في الوقت نفسه هناك دور مهم جدا للجمعيات العلمية ومنظمات المجتمع المدني في النهضة العلمية العربية المرتقبة· تستطيع المؤسسات غير الحكومية القيام بالكثير لبدء المسيرة· أذكر على سبيل المثال نشاطات مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والمؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا بالشارقة، والأكاديمية العربية للعلوم فى بيروت، والشبكه العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا بالبحرين، وجمعيات ومنظمات أخرى عديدة· تستطيع هذه المؤسسات أن تقوم بدور فعال بالتعاون المستمر والتخطيط الدائم والعمل الدؤوب· لقد حان عصر المبادرات الصادقة للخلاص من فساد التعليم وازدراء البحث العلمي· ليس هناك من شك في إمكانية تحقيق هذا الغرض النبيل عندما تتضافر الجهود لرسم مخطط يؤهل لحاقنا بباقي الأمم خلال عقد أو اثنين من الزمان·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©