الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جولة أوباما الآسيوية... رسالة إلى الصين

18 نوفمبر 2012
في وقت يتوجه فيه الرئيس الأميركي إلى ميانمار وكمبوديا وتايلاند، تراقب الصين بحذر أحدث خطوة أميركية ضمن مسلسل التنافس المحتدم أحياناً بين العملاقين على النفوذ في المنطقة، حيث تشعر بكين بقلق وتخشى أن تكون جولة أوباما الآسيوية، التي ترمي إلى تمتين علاقات صداقة أميركية قديمة ونسج أخرى جديدة، استراتيجيةً تروم تطويق الصين. وتمثل ميانمار الشاهد رقم 1 في تعليل هذه المخاوف، ذلك أن الحكومة المدنية الفتية في هذا البلد خرجت مؤخراً من الفلك الصيني ومالت نحو الغرب مع شروعها في إصلاحات ليبرالية وسياسية واقتصادية هناك. غير أن ميانمار، وهي بلد فقير وضعيف وإن كان غنياً بالموارد الطبيعية، يمكن أن تمثل فرصة للصين والولايات المتحدة معاً، كما يرى بعض المحللين في كلا البلدين. وفي هذا السياق، يجادل “ليو فيتاو”، الخبير في السياسة الأميركية في آسيا بالمعهد الصيني للدراسات الدولية، وهو مركز أبحاث مرتبط بوزارة الخارجية في بكين: “إن الولايات المتحدة تحاول التنافس مع الصين من أجل نسج علاقات صداقة مع بلدان آسيوية، إلا أن هذا قد يتحقق من دون أن يكون هناك غالب أو مغلوب”. رأي يتفق معه “مايكل جرين”، مدير مكتب آسيا في مجلس الأمن القومي خلال إدارة بوش إذ يقول: “بورما قد تكون مجالًا نتجاوز فيه فكرة التنافس الاستراتيجي”، مضيفاً “إن العلاقات الأميركية- الصينية مع بلدان أخرى يمكن أن تكون صحية ومفيدة”. الحكومة الصينية لم تتوصل بعد إلى حكم نهائي بشأن سياسة الولايات المتحدة لإعادة توازن تركيزها الأمني على منطقة آسيا- المحيط الهادي، يقول بعض الخبراء الصينيين، مثلما لم تطور استراتيجية للتعاطي معها. وفي هذا السياق، يرى “ليو”: “إنهم يقولون لنا إن إعادة التوازن ليست موجهة إلى احتواء الصين أو تطويقها، ونحن نود تصديق ذلك”. لكن المسؤولين يعبرون عن تحفظات حقيقية حيث كتب نائب وزير الخارجية “سيو تيانكاي” في مقال له في وقت سابق من هذا العام يقول: “على الولايات المتحدة أن تقنع الصين بأنه ليس ثمة هوة بين تصريحاتها السياسية حول الصين ونواياها الحقيقية”. بكين تبدو قلقة بشكل خاص من الطريقة التي لجأت بها بلدان مجاورة تجمعها نزاعات بحرية مع جارها العملاق، مثل فيتنام والفلبين، إلى واشنطن بحثاً عن الدعم في وقت زادت فيه الصين من ضغوطها على هذه البلدان. وفي هذا السياق، يقول “دو جيفانج”، الخبير في شؤون جنوب شرق آسيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهي مركز أبحاث تديره الحكومة: “إن النفوذ الأميركي بالمنطقة آخذ في التزايد بينما النفوذ الصيني آخذ في التراجع”، مضيفاً: “علينا ألا نثير مزيداً من النزاعات مع جيراننا”. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي “توماس دونيلون” قال في خطاب في واشنطن يوم الخميس الماضي: “إن ثمة طلباً وتوقعاً كبيرين جداً لزعامة أميركية في المنطقة”، مضيفاً “ومؤشرات هذا الطلب، في اعتقادي، غير مسبوقة في هذه المرحلة”. من بكين، تبدو مثل هذه التعليقات كما لو أن واشنطن تسعى إلى دق إسفين بين الصين وجيرانها. فصناع السياسات في الصين لم ينسوا تصريح وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون في كمبوديا قبل عامين عندما قالت: “إنكم لا ترغبون في الاعتماد كثيراً على بلد واحد”، رداً على سؤال حول علاقات بنوم بنه مع الصين. ويقول خبراء استراتيجيون في الصين إنهم قلقون أيضاً بشأن الجوانب العسكرية الواضحة لجولة أوباما الآسيوية: فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي في وقت سابق من هذا العام أنه سيتم نشر 60 في المئة من السفن البحرية الأميركية في المحيط الهادي بحلول 2020، كما كشفت البحرية الأميركية والقوات الجوية الأميركية مؤخراً عن مفهوم جديد لـ”معركة جوية- بحرية” يهدف بكل وضوح إلى التصدي للقوة البحرية الصينية المتزايدة. وعلاوة على ذلك، فإن وثيقة “التوجيه الاستراتيجي” للبنتاجون، التي صدرت في يناير الماضي، تضع الصين وإيران في صلب بواعث القلق الأمني الأميركي، كما أنه بحلول 2016 من المقرر أن يرابط 2500 جندي من مشاة البحرية في أستراليا. جولة أوباما الآسيوية التي تدوم أربعة أيام ستتيح له فرصة للتشديد على أبعاد جديدة لسياسته. وتمثل هذه الزيارة “بداية المرحلة التالية من جهودنا لإعادة التوازن”، يقول دونيلون، مضيفاً “إن إعادة التوازن لا تقتصر على وضعنا الدفاعي فحسب... وإنما ستتميز في المقام الأول بالتزام اقتصادي وسياسي أكبر”. وتأتي زيارة أوباما -وهي الأولى له إلى الخارج منذ إعادة انتخابه- في وقت تبدو فيه الصين مستعدة “للضغط على زر إعادة الضبط مع جنوب شرق آسيا... ولمناقشة التجارة والنمو... ولكنها تحمل معها أيضاً دفتر الشيكات”، حسب تعبير “كريس جونسون”، المحلل المتخصص في الصين بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سابقاً، والخبير في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن حالياً. وبعد سلسلة من الخطوات التي تهدف إلى فرض قوتها وتأكيد حضورها في النزاعات الحدودية الأخيرة في بحر جنوب الصين، يقول “دو”: “أعتقد أن الصين ستحاول تخفيف نزاعاتها الحدودية مع جيران قد يقدموا للولايات المتحدة فرصاً أكثر للانخراط في الشؤون الآسيوية”. بيتر فورد بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©