الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الآثار في شبــوة..تجارة رائجة لأعداء الحضارة

الآثار في شبــوة..تجارة رائجة لأعداء الحضارة
19 مارس 2016 21:54
علي سالم بن يحيى (شبوة) تعد محافظة شبوة من المحافظات اليمنية الأثرية، إذ تضم أكثر من 650 موقعاً أثرياً بحسب المسوحات موزعة على مختلف مديرياتها مترامية الأطراف. ونتيجة للحرب الحوثية العفاشية على محافظات الجنوب تعرض كثير من المواقع للنهب والتدمير، إضافة للفراغ الأمني الكبير في بعض مديرياتها سمح لبعض الغوغاء من الاستحواذ على كثير من القطع الأثرية بالغة الأهمية وعرضها للبيع بأثمان بخسة متناسين عظمة تاريخها ومكانتها. السطو على الآثار وتهريبها وتدميرها قضية مهمة وخطيرة كان لزاماً على «الاتحاد» دق ناقوس الخطر للتنبيه حيالها للجهات المسؤولة لعمل اللازم للحفاظ على ما تبقى من تاريخ موغل في القدم، لذا اتجهنا صوب خيران محسن الزُبيدي مدير عام فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف بمحافظة شبوة الذي بادر بالقول: «المواقع الأثرية في عموم المديريات تتعرض للنبش والتخريب ونهب محتوياتها، ولم نجد من يساعدنا على حمايتها. على سبيل المثال، هجر حنو الزرير، وهجر الناب، وهجر لجيه، وهجر تمنع، وهجر شبوة، وغيرها من المواقع الكثير والكثير ونحن نطالب بوضع حراسات من أبناء تلك المواقع لحمايتها، ولكن دون جدوى، وتساءل الزُبيدي: «لماذا تبقى هذه المواقع من دون حراسة، وهل نتركها للنهب والتدمير لمن هب ودب من مافيا الآثار وتهريبها إلى خارج البلد»؟! ومضى قائلاً: «المواقع التي لم تصلها أيادي العابثين جرفتها السيول، ولم نجد من يضع لها الدفاعات من جرف السيول، ومنها هجر أبو زيد (عاصمة دولة أوسان)، وهجر الناب، وهجر لجيه، وهجر بن حميد، وهجر نقب الهجر، وهجر صربان، وغيرها الكثير، أما شركات النفط العاملة في المربعات الممنوحة لها في محافظة شبوة، فقد دمرت الكثير ومقدمة على تدمير ما تبقى من تلك المواقع والمعالم التاريخية المهمة إذا بقي الحبل على الغارب لتلك الشركات، إذ إنه بموجب القوانين، فإنه على أي شركة أو مؤسسة تريد مسح أي موقع في المحافظة أن تحصل على إخلاء طرف من الآثار بأن هذا الموقع ليس فيه آثار، وعلى هذا فإنه يتوجب على الشركة أو المؤسسة الاستعانة بهيئة الآثار لمسح المربع الخاص بعملها وتسليمها خارطة تحتوي على المواقع الأثرية «إذا وجدت» بإحداثياتها لتحافظ عليها أثناء تنفيذ العمل، أو أن هذه المواقع خالية من الآثار». وطبقاً لمصادر مطلعة فقد حافظت شركة الغاز أثناء قيامها بحفريات لمد خط الأنبوب على «179» موقعاً أثرياً، إلا أنها أهملت تلك المواقع في الفترة الأخيرة وتركتها من دون حراسة، والبعض الآخر جرفته السيول، وما تبقى وقع تحت أيدي العابثين بالآثار، كما قامت شركة «أويل سيرتش» بمسح في مربعاتها وحافظت على المواقع الأثرية في إطار عملها، وكذلك قامت شركة «omv» بعمل مسح لموقع الحفار فقط في شروج باكيلي والطريق وتم تسجيل «54» موقعاً، ولكن المواقع التي فيها الشركة لم يتم مسحها رغم قربها من موقع العقلة النفطي، ومن المؤكد وجود آثار في نطاقها، ولكنها لم تسجَّل، ولم يسمح بمسحها وعندها أعمال أخرى بحاجة إلى مسح أثري قبل تنفيذ تلك الأعمال، أما الشركات الأخرى مثل «الصينية وسي جي جي»، وغيرهما فقد تجاوزت كل القوانين، إضافة إلى شركة «توتال» هي الأخرى أعطي لها مربع شمال العاصمة عتق، ولكن الشركة عملت على مسح المربع أثرياً، وتم مسحه من قبل أثريين من الشركة، وبمشاركة فرع هيئة الآثار بالمحافظة، وسلمت النتائج للشركة لتجنب المواقع الأثرية والحفاظ عليها عند تنفيذ المسح الزلزالي للشركة. يقول لـ«الاتحاد» أستاذ مادة التاريخ بمدرسة عتق محمد العولقي إن عمليات السطو والنهب المقنن للآثار تتم وفقاً لمخطط ممنهج لتدمير ما تبقى من تاريخ مضيء لمحافظة شبوة تقف خلفه جهات همها طمس التاريخ والهوية لمحافظة شبوة ذات التاريخ الحضاري. ويؤكد العولقي أن شبوة تمتاز عن غيرها من المحافظات الأخرى بالإرث التاريخي والحضاري، وعلى أرضها قامت دول قديمة عديدة تركت وراءها الكثير من المعالم نقف أمامها بإعجاب، إلا أن بعض الجهلة بتلك القيمة جعلتهم ينبشون تاريخها وينهبون الكثير من المعالم والقطع الأثرية وتدمير بعض المواقع المهمة بغرض التشويه وكذا لأجل الكسب المادي الرخيص. ويعدد خيران الزُبيدي - مدير عام الهيئة العامة للآثار والمتاحف في المحافظة المواقع الأثرية المتضررة منها: متحف تمنع الذي تعرض للاقتحام من قبل أحد المتنفذين وحوله إلى سكن شخصي، كما تضررت مدينة تمنع وهجر حنو الزرير ومقبرة حيد بن عقيل «أحد المواقع المهمة لدولة قتبان وفيها دفن القتبانيون موتاهم» جراء النبش والعبث ونقل الأحجار الأثرية، وتهريب القطع الأثرية إلى خارج البلاد، وتعرض ميناء قناء «أحد الموانئ اليمنية المهمة» للتخريب في شهر ديسمبر الماضي من قبل المهربين، وتم جرف أساسات المباني الأثرية، لفتح طريق للقاطرات والآلات لعمل رصيف ترسو فيه سفن التهريب من جهة الشرق، وتم نهب أجزاء كبيرة من القصر الملكي «شقر» في شبوة القديمة. وأشار الزُبيدي إلى جملة الصعوبات التي تعانيها الهيئة العامة للآثار في شبوة مشبّهاً إياها بالخانقة: «أما من ناحية الصعوبات فحدث ولا حرج نعيش في حالة طوارئ وعلى أعصابنا، خوفاً على متاحفنا من السرقة أو النهب حتى الآن، ولم نجد من يساعدنا حتى في دفع مصروفات الحراسة على المواقع ولا زلنا نستدين للأنفاق عليها، ولا توجد لدينا موازنة تشغيلية كافية للمتاحف وفرع الهيئة حيث كانت موازنتنا في عام 2009م (65,000 ألف ريال)، وفي عام 2014م نقصت الموازنة إلى (35,000 ريال)، وفي عام (2015م) للأسف كانت الموازنة التشغيلية (صفراً)، ولا توجد درجات وظيفية لسد الفراغ في تشغيل المتاحف وحراستها وكذا حراسة المواقع الأثرية التي تتعرض للتدمير، وليس لدينا وسيلة مواصلات لتسهيل عملنا والقيام بواجبنا في النزول للمديريات التي تصل منها البلاغات المختلفة»! 3 متاحـــــف تضم محافظة شبوة ثلاثة متاحف هي: متحف بيحان تأسس عام 1965م، يعد من أقدم المتاحف في اليمن، يحتوي على مجموعة أثرية قيمة تتجاوز ألف قطعة، مغلق منذ عام 2001م للترميم من قبل وزارة المالية في صنعاء. متحف عتق، هو متحف المحافظة، وأهميته كبيرة جداً من حيث الموروث الثقافي والتراثي الذي يمتلكه إذ يضم تاريخ وتراث المحافظة من عصور ما قبل التاريخ من 9000 سنة قبل الميلاد، وهو مغلق منذ عام 2007م، لغرض الترميم والتأثيث. ومتحف تمنع «قيد التأسيس» تم بناؤه من قبل فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف في المحافظة بالتعاون مع البعثة الأثرية الإيطالية، لم ينتهِ العمل فيه واحتل من قبل أحد النافذين مؤخراً. حقد دفيـــــن أظهرت حرب المليشيات في المديريات الثلاث «بيحان، عين، عسيلان» حقدها الدفين على الإرث التاريخي لها، ووجهت أسلحتها الثقيلة نحو عدد من الحصون التاريخية كحصن لخيضر «حوالي 200 سنة»، حصن نجد ومرقد، حصن غبر، وحصن أحمد محسن الشريف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©