السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حمى الضنك» تفتك بأهالــــي المكلا!!

«حمى الضنك» تفتك بأهالــــي المكلا!!
19 مارس 2016 21:18
علي سالم بن يحيى (المكلا) يقال إن المصائب لا تأتي فرادى، ومدينة المكلا - عروس البحر العربي وحاضرة محافظة حضرموت وعاصمتها - هبّت عليها نوائب الدهر تترى، بدأ باحتلالها من قبل تنظيم القاعدة الإرهابي في شهر أبريل من العام الماضي، وهروب السلطة، ثم حلّت بها كارثة إعصار تشابالا أواخر العام الماضي، وليس انتهاءً بهجوم حمى الضنك على سكانها بشكل غير مسبوق، وأخذت في طريقها أرواح شباب في عمر الزهور، وبحسب إحصاءات رسمية سُجلت «1680» حالة منها «19» حالة وفاة. يقول الدكتور رياض الجريري، مدير مكتب الصحة العامة في حضرموت لـ «الاتحاد» عن مسببات حمى الضنك وانتشارها الكثير، إنها ناتجة عن فيروس تنقله بعوضة من شخص إلى آخر تلدغ في النهار، وتتكاثر في المياه الراكدة الحلوة وتعيش فيها، وهي حمى موسمية تظهر في حضرموت في شهر مارس وتنتهي في أغسطس غالباً، ولكن نتيجة ترهل خدمات الصحة البيئية وتوقف كثير من المرافق الخدمية عن عملها، ومنها البلدية لتوقف موازناتها أو تخفيضها لسبب الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها اليمن، وكذلك نتيجة عدم وجود دولة في المكلا. مضيفاً وبعد إعصار تشابالا وكارثة الأمطار والسيول عاد وباء حمى الضنك ليظهر مجدداً، لوجود الفيروس وانتشار المستنقعات وبقايا الأمطار والسيول كمكان خصب لتوالد البعوض ونقلها للفيروس وانتشار المرض. وشهدت المكلا، بشكل غير مسبوق، تفشي أكوام القمامة في شوارعها، وغياب تام لأنشطة النظافة، ما أدى لانتشار أمراض الحميات بدرجة كبيرة. ويستدرك مدير الصحة بحضرموت: كنا قد حذرنا قبل الإعصار من خلال خطه متكاملة من ظهور خمسه أمراض بعد كارثة الأمطار والسيول، وهذه الأمراض، هي: حمى الضنك، الملاريا، والإسهالات، والتهابات العيون، والكبد A، وأعددنا خططاً للمكافحة، ولكن لم يساهم أحد في ذلك. ذلك التفاعل المأمول لم يظهر لغياب أجهزة الدولة، بحكم أن المدينة تحت حكم تنظيم القاعدة، وانتفاء الموارد المالية لدعم ذلك الجهد. واستعرض الدكتور الجريري عدداً من الإجراءات التي قام بها مكتب الصحة في المحافظة لدرء مخاطر المرض، والتي تتعلق بخطط الجهات المختلفة في جانب المكافحة، وكان من مهام البلدية مسؤولية القضاء على المستنقعات وبقايا الأمطار والسيول، من خلال ردمها أو شفطها أو تصريفها، وكذلك تبنّت بعض المؤسسات الداعمة خطة البلدية تلك، بالإضافة إلى خطط أخرى للنظافة والصرف الصحي من أجل حملة نظافة شاملة والحفاظ على بيئة نظيفة. وساهمت كثير من منظمات المجتمع المدني في المحافظة في حملات توعية طالت مختلف شرائح المجتمع، للحد من انتشار الحمى التي فتكت بكثير من ضحاياها. وعمل مكتب الصحة خطة تثقيف صحي شامل في المدارس والمساجد والبيوت، وحملات رش للبعوض الطائر، من خلال محور مكافحة الملاريا في كل مديريات الساحل وبدعم من المؤسسات المحلية الداعمة. ويؤكد الدكتور رياض الجريري أن مكتب الصحة في المحافظة ضاعف من عمل فريق الترصد الوبائي، ومتابعة الحالات وبائياً وفحصها مخبرياً، وأخذ بعض العينات لإرسالها للخارج للفحص بجهاز فحص الفيروسات PCR للتعرف على نوع فيروس الضنك الموجود أو نوع الحميات الفيروسية الأخرى التي قد تكون موجودة. وكثف مكتب الصحة في ساحل حضرموت من مهمة التدريب للأطباء، حيث تم تدريب 150 طبيباً ما بين أخصائيين باطني وأطفال عام وأطباء عموم على السياسة العلاجية حسب البروتوكول العلاجي المعتمد لمنظمة الصحة العالمية، وقام بتوفير بعض السوائل الوريدية ومخفضات الحرارة الوريدية ومتابعة الحالات المرضية. يذكر أن حمى الضنك سبق وأن انتشرت في حضرموت عامي 2010 و2011، وسجلت عام 2010م «15» حالة وفاة، رغم وجود مؤسسات الدولة. وقالت صابرين الكربي منسقة حقوق الإنسان بحضرموت وممثلة منظمة كينونة العالمية للتنمية والتطوير إن المنظمة واستشعاراً بدورها المجتمعي عقدت ورش عمل متعددة للفت الانتباه لخطورة حمى الضنك وتفشيها بين أوساط المواطنين، وكذلك قيامها بدورات تدريبية شملت مختلف شرائح المجتمع، بما فيهم بعض مديري عموم المكاتب التنفيذية والمستشفيات، كما قامت بتوعية المواطنين في الأماكن العامة وعمل بروشورات توعية في أماكن التجمعات، بالتعاون مع مكتب الصحة والمجلس الأهلي الحضرمي وفريق تطوعي شمعة أمل، وعملنا خيمة في خاصة بالتوعية، وبها ثلاثة أطباء، حيث يتسنى للناس السؤال والاستفسار عن حمى الضنك وكيفية الوقاية منها، والتعامل معها لو حدثت الإصابة. ودعت الكربي كافة الأطر الرسمية والمنظمات الدولية والإنسانية لتقديم كل الدعم للمرضى، وتوفير العلاجات المختلفة، لكون غالبية المواطنين يعيشون ظروف صعبة، ولا يستطيعون مقاومة فيروس المرض والظروف المعيشية القاسية، وطالبت بوجود أجهزة مختبرات على مستوى عالي للكشف المخبري. وبزيارة لمستشفى ابن سيناء بالمكلا وجدنا أعداداً متزايدة من المرضى يتوافدون عليه بشكل يومي وبأعداد متزايدة، حيث يقول الشاب أمجد محمد، إنه أدخل المستشفى منذ أربعة أيام وتحسنت حالته، وقال إنه لاحظ تدفق المرضى على المستشفى بشكل مخيف. وتكتظ مستشفيات المكلا الحكومية «ابن سيناء ومستشفى الأمومة والطفولة» بالمرضى من مختلف الأعمار، وسط إمكانيات محدودة، وكذلك الحال ينطبق على المستشفيات الخاصة التي تستقبل أعداد كبيرة يومياً للقادرين على تسديد فواتيرها الباهظة. تقول الدكتورة أمل - مستشفى ابن سيناء - إنهم يحاولون بكل طاقاتهم خدمة المرضى ووفقاً للإمكانيات الموجودة، ووجود الطاقم الطبي على فترتين، لكن العدد المتزايد للمرضى يجعل العبء كبيراً عليهم، كما أن المستشفى يستقبل حالات من محافظة شبوة، ومن حضرموت الوادي، مما يضاعف المسؤولية أكثر. ويشير الدكتور يسلم باوزير أن حمى الضنك هي إحدى الحميات الفيروسية ومن الحميات النزفية مثلها مثل حمى الوادي المتصدع والايبولا وغيرها، وتعتبر حمى الضنك من أكثر المشاكل الصحية التي انتشرت اليوم وبنسبة عالية في محافظة حضرموت، وخاصة مدينة المكلا وضواحيها، وقد تم تسجيل حالات وفيات منها في بعض المستشفيات، وأكثر الحالات المترددة إلى المشافي في مدينة المكلا تشكّل الحميات الرقم الأكبر من الحالات الأخرى من الأمراض الشائعة. ويؤكد الدكتور باوزير إنهم في مستشفى المكلا للأمومة والطفولة يقومون بواجبهم الإنساني مثل بقية المستشفيات من حيث المعالجة والتوعية، ومن أجل الحد والوقاية من هذا المرض، ودعا باوزير الجميع للتكاتف والقيام بواجبهم الإنساني كل حسب مجاله، خاصة مكتب الصحة وصحة البيئة في مكافحة مصادر العدوى ومكتب التربية والتعليم وأئمة المساجد في التوعية، وناشد في ختام حديثة المقتضب دول التحالف والمنظمات الإنسانية في مساعدة أهالي المحافظة لمكافحة هذا الوباء. شح الإمكانات والهاجس الأمني يؤكد مدير الصحة العامة بمحافظة حضرموت الدكتور رياض الجريري وجود صعوبات تواجههم تتمثل في عدم وجود الدولة، بالإضافة إلى شح الإمكانات من أدوية ومبيدات حشرية للمكافحة، الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين في المكلا، وكذالك تخوف المنظمات الدولية نتيجة الجوانب الأمنية في المكلا فاقم الأمور، وبالتالي انتشار الوباء وصعوبة السيطرة عليه حالياً. وشدد على أن حمى الضنك تحتاج لخطط استراتيجية واستعدادات مبكرة خلال المدّة من شهر مارس إلى أغسطس من كل عام، ودراسة أسباب ذلك، واعتماد مستشفى للحميات بالمحافظة والإقليم كامل لتعزيز الجانب البحثي، توفير محاليل جهاز PCR، والتعرف على نوع الضنك والحميات الفيروسية الأخرى، اعتماد المجتمع لإجراءات السلامة ونمط الحياة حسب متغيرات الطقس والتغير المناخي وزيادة الأعاصير والأمطار، واستعداد الدولة من خلال بناء جسور وعبارات للسيول تتناسب مع التغيرات المناخية أيضاً. وقع الحزن تعيش المكلا على وقع الحزن لفقدانها أكثر من 19 شاباً وشابة قضوا نحبهم بعد أن فتكت بهم حمى الضنك، وهناك من نجا منها ويرتبط بذكريات أليمة معها، وبين هذا وذاك تظهر الحاجة الملحة لدعم المستشفيات الحكومية بأجهزة مخبرية، ورفدها بإمكانيات لمواجهة داء الضنك وغيرها من الأمراض المستعصية الآخذة في الانتشار، وتحصد أرواح وصحة الكثير من المواطنين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©