السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارب إبداعية مميزة في معرض الجزائر الدولي للصناعة التقليدية

تجارب إبداعية مميزة في معرض الجزائر الدولي للصناعة التقليدية
25 نوفمبر 2013 20:48
حسين محمد (الجزائر) - استضاف «قصرُ المعارض» بالجزائر العاصمة مؤخراً الدورة الثامنة عشر للمعرض الدولي للصناعة التقليدية، بمشاركة نحو 400 حِرفي في مختلف الاختصاصات، منهم 75 حِرفياً أجنبياً ينتمون إلى 39 بلداً، وشاركت 3 بلدان عربية فقط بالمعرض، وهي تونس وفلسطين وسوريا، في حين كانت المشاركة الإفريقية قوية بـ13 دولة. افتتح المعرض وزيرُ السياحة والصناعة التقليدية محمد الأمين حاج سعيد، الذي ثمَّن التطور المستمر للصناعة التقليدية الجزائرية في السنوات الأخيرة بفضل «مخطط وطني» للدعم بين عام 2003 وعام 2010، وشهدت فيه مختلفُ التخصصات الحِرَفية انتعاشا ملحوظا بعد سنوات طويلة من الركود والتراجع، حتى أصبحت هذه الصناعة تشغّل نحو 525 ألف حِرفي وعامل، وأعلن الوزير وضع مخطط دعم آخر يتواصل إلى غاية 2020 لتطوير الصناعة التقليدية الجزائرية أكثر، بمشاركة جامعات ومخابر محلية وأجنبية، وبالشراكة أيضاً مع الأجانب. وألحّ الوزير على أهمية دعم الصناعة التقليدية المحلية للحفاظ على التراث الوطني العريق وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة». وأوضح أن المطلوب من هذه الصناعة هو «الحفاظ على الهوية الوطنية وموروثنا الثقافي وجعل القطاع يسهم بجدية في التنمية». تعريف وتسويق من جانبها، قالت فايزة برشيش، مسؤولة بالوزارة، إن الهدف من إقامة المعرض هو ترقية المنتجات التقليدية المحلية والتعريف بها وتسويقها وخلق حركية تنافسية بين الحِرَفيين وإقامة علاقات عمل وشراكة بينهم، إلى جانب ترقية البحث في الصناعة التقليدية المحلية وتحسين نوعيتها لتمكينها من إيجاد أسواق لها في الخارج مستقبلاً». وحثت برشيش الحرفيين على العمل الدائم لتطوير منتجاتهم التقليدية والمزاوجة فيها بين الأصالة والإبداع، ووعدت بدعم تكوين الشباب في شتى الاختصاصات الحِرفية قصد حماية التراث الوطني وتطويره. وعلى مساحة واسعة بلغت 8 آلاف متر مربع، قدّم العارضون الـ400، المحليون والعرب والأجانب، تشكيلات ثرية من منتجاتهم التقليدية التي استقطبت جمهوراً كبيرا، 80 بالمائة منه فتياتٌ ونساء. وتنوعت المنتجات المعروضة بين ملابس وحليّ تقليدية وخرف فني وأواني فخارية وزرابي ومنتجات نسيجية وجلدية ونحاسية وخشبية شتى، ومأكولات تقليدية. وبدت الكثيرُ من المنتجات المعروضة مألوفة متشابهة، ولا تختلف كثيراً عن معارض السنوات الماضية برغم اختلاف العارضين والحِرَفيين، إلا أن بعضهم جذبوا انتباه الجمهور بقوة بالنظر إلى أن إبداعاتهم غير مألوفة، ما جعل أجنحتهم تستقطب عدداً معتبراً من الزوار. ولفت جناحُ خالد ميموني من ولاية تيارت، غرب الجزائر، انتباه الزوار حينما قدم لهم سيارة صغيرة صنعها بخشب الصنوبر، وأضاف إليها عجلات دراجات نارية وأضواءَها وبعض ملاحقها، كما أنجز أنموذجاً مصغراً من «برج إيفل» علوّه نحو مترين ومزوَّد بأضواء جميلة، وكذا أنموذجاً من باخرة «تيتانيك» الشهيرة. وأكّد ميموني أنه أكمل السيارة في ظرف شهرين، بل أنه أتمّ «التيتانيك» في ظرف شهر واحد «أخطط لأيّ عمل بشكل جيد، وحينما يكتمل التصوّرُ في ذهني، أشرع بتجسيده وأركز في عملي إلى غاية الانتهاء منه». وعن «برج إيفل» الذي يبدو أنه مصنوعٌ من الألمونيوم، أكد خالد أنه أنجزه بدروه من الخشب، ولكنه دهنه بطلاء خاص يجعله يبدو وكأنه مصنوع من الحديد. ويقول ميموني إنه مستعد لإنجاز نموذج مصغر لأي شكل يطلب منه وتحويله إلى تحفة فنية راقية؛ سفينة «طارق بن زياد» مثلاً، وهي سفينة عملاقة بالأسطول التجاري الجزائري، أو «برج دبي». إلا أن ميموني يشكو نقص الإمكانات المادية «أنا فنان عصامي، وأعتمد على موهبتي، لكني أفتقد إلى الدعم، منذ أعوام عديدة وأنا أطالب بمحلّ تجاري، ولكن من دون جدوى». طرزٌ معدنية فنانٌ آخر لا يقل إبداعاً عن ميموني، وهو علي بلقاسمي، من ولاية الشلف غرب الجزائر، إذ اختار الإبداع في مجال لم يسبقه إليه أحدٌ وهو «فن الطرز المعدني» كما أسماه، ويتمثل هذا الفن الجديد، في تحويل الأسلاك المهمَلة إلى قطع فنية ذات قيمة عالية؛ إذ «يطرز» السلك المعدني ويحوله إلى أشجار وورود ذات أشكال وأحجام مختلفة، ما جعل الكثير من الزوار والفضوليين يتجمعون حوله في جناحه ويسألونه عن كيفية إنجازها. ويقول بلقاسمي «عادة ما أختار الأسلاك التي لا تصدأ وأطرز منها أشجاراً مختلفة الأشكال والأحجام، حتى لا تفقد قيمتها الفنية بمرور الوقت، وكل عمل أعطيه شكلاً مميزا عن الذي سبقه حتى أبقى في جوّ متواصل من الابتكار ولا أكرر نفسي»، ولتحقيق هذا الغرض لم يكتفِ بلقاسمي بإنجاز أشكال معروفة من الأشجار، وإن كانت نادرة بغابات في الجزائر، بل إنه ينجز أيضاً أشكالاً أخرى من وحي خياله الفني، ويستغرق وقتاً غير قليل لإتمامها قد يصل إلى نحو شهر «هذه النماذج من الأشجار التي تبدو صغيرة تستهلك مني عادة ما بين 800 و1200 متر من الأسلاك، أغلبها يذهب إلى القاعدة أو جذور الشجرة». وتخصص محمد هرنون من منطقة «بودواو»، 35 كلم شرق الجزائر، في إبداع أشكال فنية جميلة بوساطة قضبان الخيزران، فضلاً عن إنجاز كراسي وطاولات وقِفف وأشكال أخرى للاستعمال اليومي. ولفت هرنون انتباه الزوار بمجسّم جميل لـ»مقام الشهيد»، وهو تحفة ذات قاعدة ثلاثية علوّها أكثر من 90 متراً أنجزتها شركة كندية في الثمانينيات، وأنجز هرنون نموذجا مصغرا للمقام من «الخيزران المملوء» المستورَد من إسبانيا، لأن «الخيزران الفارغ» الموجود بالجزائر ينكسر بسرعة خلافا للنوع المملوء. وهو النموذج الثاني الذي يصنعه هذا الفنان لـ»مقام الشهيد» بعد أن شارك بأنموذجه الأول في 5 يوليو 2012 في مسابقة لأحسن إبداع فني في الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر وفاز بالمرتبة الأولى. يقول هرنون «أعمل في هذه الحرفة منذ عشر سنوات، لديّ ورشة صغيرة رفقة شريكين آخرين، وننجز الكثير من الأشكال بالطلب». لوحة عملاقة إنجازٌ فني آخر لفت الانتباه في المعرض ويتمثل بلوحة عملاقة من النحاس طولها يصل إلى 4.20 متراً وعرضها 2.20 متراً، وتجسّد ما يُعرف بـ»الجسور العملاقة» في قسنطينة شرق الجزائر، ويبدو نقش هذا الشكل على النحاس في غاية الإتقان، يقول عبد الجليل بوالحيلة، وهو شاب في الـ21 من العمر «اللوحة أنجزتها عائلتُنا المتكونة من الأب وأربعة إخوة، كلهم ورثوا الحِرفة عن الوالد الفنان المولع بالنقش على النحاس ونحت أشكال مختلفة عليه». وأضاف بوالحيلة «ننجز الكثير من اللوحات، الصغيرة منها يستغرق العمل فيها نحو 25 يوماً أما هذه اللوحات العملاقة فعادة ما تتطلب 7 أشهر، إلا أننا أنجزناها في ظرف شهرين استثنائياً للمشاركة في المعرض». ويضيف هذا الشاب أن «النقش على النحاس لا مجال فيه للخطأ حتى لا يفسد العمل برمّته، لذلك يقتضي الكثير من التركيز والهدوء».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©