الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تتخذ إجراءات لحل أزمة الاستثمارات الليبية

الحكومة المصرية تتخذ إجراءات لحل أزمة الاستثمارات الليبية
16 نوفمبر 2012
(القاهرة) ـ اتخذت الحكومة المصرية عدة إجراءات مؤخرا، بهدف احتواء أزمة الاستثمارات الليبية في مصر. وشملت هذه الإجراءات اتصالات بين الحكومية المصرية ونظيرتها الليبية، تضمنت تعهدا من الجانب المصري باتخاذ سلسلة من الإجراءات القانونية الهادفة الى حماية هذه الاستثمارات، خاصة ذات الملكية الحكومية المباشرة، والتعاون مع السلطات الليبية فيما يتعلق بتعقب أموال رموز النظام الليبي السابق، والمستثمرة بمصر في صورة مشروعات وشركات، والعمل على مساعدة الحكومة الليبية في استعادة هذه الاستثمارات. ومن المنتظر أن تستقبل القاهرة لجنة تضم عناصر قضائية وأمنية ومالية ليبية خلال شهر نوفمبر الحالي لبحث كافة جوانب الملف والاطلاع على مستندات مكتب الاستثمارات الليبية الخارجية ـ الصندوق السيادي الليبي ـ والتي تثبت الملكية العامة لبعض المشروعات الواقعة تحت سيطرة أفراد ليبيين مقيمين في القاهرة، وكانوا يرتبطون بشكل أو بآخر بالنظام الليبي السابق وأجهزته المختلفة. يأتي ذلك تمهيدا لتحديد نمط ملكية هذه الاستثمارات وتفويض الحكومة الليبية في تعيين ممثلين جدد لها في إدارة هذه المشروعات سواء في مجالس الإدارات أو الجهات العمومية للشركات. وبحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن حجم الاستثمارات الليبية في مصر يدور حول 10 مليارات جنيه تتوزع على العديد من المشروعات في قطاعات البتروكيماويات والبناء والتشييد والتطوير العقاري واستصلاح الأراضي والبنوك والخدمات المالية والسياحية الى جانب عمليات التجارة. ويعد المصرف العربي الدولي من أبرز الاستثمارات الليبية في مصر حيث تمتلك الحكومة الليبية نحو 45? في رأسماله، حيث ظل المصرف غير خاضع، حتى قيام ثورة 25 يناير، لرقابة البنك المركزي المصري نظرا لتأسيسه بقانون خاص، ومن ثم كان البعض يتهمه بالتورط في عمليات غسل أموال أو تهريب الأموال الى الخارج. وفي النشاط العقاري يعد مشروع مدينة الفاتح التي كان مقررا إقامتها في منطقة القاهرة الجديدة باستثمارات 100 مليار جنيه من أبرز هذه الاستثمارات، وهو المشروع الذي بدأ يواجه التعثر بعد سقوط نظام القذافي حيث يوجد اتجاه لدى الحكومة المصرية لإلغاء قرار تخصيص الأراضي التي تبلغ ألفي فدان لإقامة هذا المشروع. وبحسب مصادر مطلعة فإن مشكلة الاستثمارات الليبية في مصر تتمثل في تداخل نمط ملكيتها بين الملكية العامة والخاصة لبعض الشخصيات الليبية المقيمة في مصر، وذلك بسبب نظام الشراكات الاقتصادية التي ابتدعها نظام القذافي لإقامة المشروعات عبر شراكة بين الحكومة والأفراد من دون تحديد قانوني واضح. يضاف إلى ذلك أن بعض الاستثمارات تبدو في الظاهر استثمارات خاصة مملوكة لأفراد إلا أن الحكومة الليبية ترى ان هذه الاستثمارات هي أموال حكومية وجرى استخدام هؤلاء الأفراد كواجهة لارتباطهم بأجهزة القذافي الأمنية، وبالتالي لابد من استعادة هذه الأموال الى الحكومة مرة اخرى. أما الجانب الآخر من القضية فيتعلق ببعض الشخصيات الليبية البارزة والمقيمة في مصر، وتمتلك استثمارات ضخمة ومحسوبة على نظام القذافي. وتطالب الحكومة الليبية ـ بناء على مطالب شعبية ـ بتسلم هؤلاء الأشخاص لتقديمهم الى المحاكمة لاتهامهم في قضايا تخص نظام القذافي وفي مقدمة هؤلاء بعض اقارب وافراد عائلة القذافي نفسه. ويطالب الجانب الليبي باتخاذ اجراءات مصرية تجاه هذه الاستثمارات لمنع تهريبها أو تبديدها أو تغيير ملكيتها وهو المطلب الذي يواجه معه الجانب المصري صعوبات قانونية ترتبط بالمعاهدات الدولية وغيرها. وكانت أزمة الاستثمارات الليبية في مصر، ووجود عناصر محسوبة على النظام السابق، ألقت بظلال سلبية على مجمل العلاقات الاقتصادية بين مصر وليبيا في الفترة الأخيرة، وحالت دون استفادة الجانب المصري على نحو فاعل من خطط ومشايع إعادة الإعمار الليبية، الأمر الذي دفع الجانب المصري ـ تحت ضغط منظمات الأعمال ـ الى الإسراع بفتح هذا الملف بهدف التوصل الى تسوية ترضي الجانب الليبي لتمكين الشركات المصرية من الدخول بقوة الى السوق الليبية في المرحلة القادمة. كما ألقت هذه المشكلة بظلالها على فرص العمالة المصرية في ليبيا حيث انخفضت أعداد هذه العمالة بمعدلات كبيرة بعد سقوط نظام القذافي سواء لأسباب تتعلق بتدهور الوضع الأمني في بعض المناطق الليبية أو لأسباب تتعلق بإجراءات ادارية أصدرتها القنصلية الليبية في القاهرة للتقليل من حجم التأشيرات الممنوحة للعمالة المصرية. وخاطب مجلس الأعمال المصري الليبي، ومعه عدد من شركات التشييد والمقاولات الكبرى ـ عامة وخاصة ـ الحكومة المصرية أكثر من مرة لحسم هذه المشكلة وفتح حوار مباشر مع الجانب الليبي للتعرف على وجهة نظره والتوصل الى حلول تحقق مصالح الطرفين حتى يمكن للشركات المصرية الدخول بقوة في مناقصات المشاريع المطروحة في السوق الليبية في اطار خطط اعادة الإعمار، لاسيما أن هذه المشروعات تتسم بالحجم الكبير، حيث تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار لمشروعات البنية التحتية خلال عامين، فضلا عن امتلاك الشركات المصرية رصيد خبرة وتعامل مع السوق الليبية لسنوات طويلة تؤهلها للفوز ببعض هذه المشاريع. كما ترغب الحكومة المصرية في دفع درجة التعاون الأمني مع الجانب الليبي بهدف ضبط الحدود البرية المشتركة بين البلدين بعد تزايد معدلات تهريب الأسلحة والبضائع الى مصر عبر الحدود الليبية. ومن المتوقع أن يتضمن جدول أعمال اجتماعات اللجنة الليبية التي ستزور مصر قريبا مناقشة هذه القضية الى جانب مشكلات العمالة المصرية في السوق الليبية. ويرى خبراء اقتصاديون أن أمد هذه المشكلة بين الجانبين المصري والليبي قد طال أكثر من اللازم، حيث كان يجب التصدي لها منذ وقت مبكر بعد سقوط نظام معمر القذافي نظرا لأن كل طرف يمثل للآخر عمقا استراتيجيا مهما وان حجم المصالح بين مصر وليبيا أكبر بكثير من اختزاله في وجود بعض الشخصيات الليبية على الأراضي المصرية. وقال الخبراء انه كان يجب على الجانب المصري اتخاذ مبادرة في هذا الشأن بدلا من ترك الأمور تمضي في اتجاه سلبي بمرور الوقت إلا أن طبيعة المرحلة الانتقالية التي مرت بها كل من مصر وليبيا حالت دون انجاز خطوة ايجابية في هذا الملف الحيوي، ومن ثم فقد حان الوقت لاتخاذ تدابير مشتركة لإعادة ترتيب العلاقات. وقال ناصر بيان رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المصري الليبي المشترك إن حجم المصالح الاقتصادية بين مصر وليبيا كبير جدا ويشهد نموا لاسيما بعد ثورة البلدين وهذا في حد ذاته يمثل ضمانة لإمكانية تجاوز هذه المرحلة العابرة. وقال إن الشركات المصرية العاملة في مجالات التشييد والبناء والكهرباء والسيارات تراهن على دخول السوق الليبية بقوة في المرحلة القادمة نظرا للفرص الكبيرة التي تزخر بها هذه السوق وبالتالي يجب أن يكون الطريق ممهدا عبر تعاون حكومة البلدين في أي ملفات عالقة بينهما. وأوضح أن شركات أوروبية “ايطالية وفرنسية” الى جانب شركات أميركية، ظفرت بنصيب الأسد من المشروعات التي تم طرحها خلال العام الجاري في ليبيا خاصة في مجالات البنية التحتية وإعادة تأهيل محطات المياه والكهرباء والصرف الصحي وغيرها الى جانب مشروعات الطرق وصناعات البتروكيماويات والبلاستيك التي باتت تشكل مستقبلا جيدا في الاقتصاد الليبي. وأكد أهمية استفادة الشركات المصرية من الفرص السانحة في السوق الليبية بدلا من أن تلتهم الشركات الغربية هذه الفرص، لاسيما أنها فرص بعشرات المليارات من الدولارات. من جانبه، قال المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين “الحكومة يجب أن تكون عنصرا داعما للقطاع الخاص المصري في حركته في الأسواق الإقليمية لأن أي فرصة تحصل عليها شركة مصرية في أي سوق عربية تعود بالنفع بصفة عامة على الاقتصاد القومي سواء في شكل جلب موارد للبلاد أو في اتاحة المزيد من فرص العمل الى جانب اكتساب خبرات كبيرة من هذه الأسواق العربية نظرا لارتفاع حدة المنافسة بها مع الشركات الأوروبية أو الآسيوية”. وقال إن ليبيا تمثل سوقا ذات طبيعة خاصة للشركات المصرية نظرا للجوار الجغرافي والتواجد التاريخي للشركات المصرية هناك الى جانب الامتداد البشري المتواصل وكل ذلك يدعونا الى تسوية أي خلافات قد تنشأ نتيجة سوء الفهم أو ظروف قانونية وإجرائية معقدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©