الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البحث عن السعادة

البحث عن السعادة
16 نوفمبر 2012
(القاهرة) - اثنا عشر أخا وأختا منهم سبع فتيات وخمسة صبية، أكبرهم اثنتان كانتا مثل التوأم المتطابق، بينهما تشابه في الشكل، واسمهما لا يختلفان إلا في حرف واحد، كان بينهما دائما اتفاق في كل شيء حتى أنهما تزوجتا أخوين ابني عمتهما ومن نفس العائلة أيضا فكان الأعمام هم الأخوال وتداخلت صلات القربى وقويت صلات الرحم بين الأبناء هذا بخلاف أخواتهن الأخريات اللاتي تزوجن خارج العائلة بل كانت هناك فروق وتمييز بين الرجال الذين تزوجوا من غير قريباتهن. بهذا حصلت المرأتان مع مرور الأيام على مميزات نسبية جعلت لهما سطوة وقوة وامتيازات في اتخاذ القرارات حتى التي لا تخص أسرتيهما الصغيرتين بل كانتا ضمن مجلس العائلة الذي يضم الرجال الكبار اذا تعلق الأمر بشأن عام وبلغ الأمر مداه عندما كان رأي أي منهما يقدم على رأي الاخرين وانسحب ذلك كله على أبنائهما، فنالوا كل تلك الميزات والحظوة. المرأة الكبرى كانت خالتي والصغرى هي أمي وكان أول قرار غريب اتخذتاه بالطبع قبل أن آتي الى الدنيا ولم أشهد أحداثه ولكن عرف به القاصي والداني وأصبح حكاية يتناقلها الناس انه عندما توفيت زوجة عمي الأصغر حزن عليها حزنا شديدا وتأثر بفراقها واعتزل الناس والحياة وكان يقضي الايام والليالي وحيدا فكان قرارهما ومبادرتهما التي لقيت الاستحسان بأنهما اتخذتا فرمانا بضرورة إخراجه من أحزانه بشكل سريع وعملي ولن يكون ذلك إلا بتزويجه واختارتا له ابنة خالي والتي كانت في عمر أبنائه لو أنجب من قبل حيث إن الفتاة كانت صغيرة. أفصحتا عن قرارهما الذي لقي في البداية رفضا غير معلن لكن كان هناك أيضا ثناء عليه لأنه سيخرج الرجل من محنته وينهي مرحلة الحداد التي طالت والأهم ان الرجل يوشك على الضياع وفي النهاية تمت الزيجة ورغم حداثة عمر الزوجة الصغيرة فقد استطاعت أن تقوم بواجباتها نحو زوجها الذي يكبرها بأكثر من عشرين عاما مع أن كثيرين تنبأوا بفشل هذا الزواج إلا انهم خسروا الرهان مع أنفسهم وهذه النتيجة جعلت المرأتين تتباهيان بما فعلتا وكذلك أعطتهما دفعة قوية لاتخاذ قرارات أكثر حساسية بجانب الوضع والحيثية في العائلة. كان ذلك فاتحة خير عليهما وزادهما قوة على قوة وربما دفعهما الى حد التعسف في القرارات، أحيانا من باب أنهما تعرفان أكثر من الاخرين وان وجهة نظرهما لا تخيب أبدا ومن التوابع انه لا أحد يعقب على أي نتائج سلبية قد تأتي بسبب تدخلهما حتى لا يضع نفسه في مواجهة معهما ربما يكون يوما بحاجة الى مساعدتهما في أي موقف يمكن ان يتعرض له في حياته والكل يعلم ان دورهما مؤثر وبالغ الأهمية وقد أثبتت التجارب ان من يحتمي بهما يفوز ويكسب. أبي كان متزوجا من امرأة قبل أمي وله منها ولد ويقال فيما يروى خفية وسرا أن خالتي كانت وراء تطليقه لها حتى يتزوج أختها التي هي امي وان ذلك هو السبب الرئيسي وراء الترابط الغريب بين أمي وخالتي وابي أهمل هذا الولد بسبب ضغوط المرأتين وتركه بلا رعاية او تربية او تعليم وكاد يكون من أطفال الشوارع المشردين لولا تدخل بعض أفراد العائلة الذين جازفوا وسبحوا ضد التيار وتولوا رعاية الطفل حتى تعلم وكبر وحصل على شهادة متوسطة والتحق بوظيفة معقولة. وعبثاً حاولت خالتي أن تنفي عن نفسها وعن أمي الاتهامات الموجهة اليهما في هذه “القضية” فاتخذت قرارا جريئا لا يقدر عليه إلا الأقوياء بأن تزوج ابنتها الكبرى لأخي هذا الذي كان منبوذا منها ومن امي التي كانت لا تطيق رؤيته غيرة من أمه التي لم يكن لها وجود في حياتنا على الإطلاق ولم تظهر مرة أخرى لكن اذا عرف السبب بطل العجب فقد كانت ابنة خالتي تلك دميمة ولا علاقة لها بعالم النساء وان خالتي على يقين من ان فتاة بتلك المواصفات من المستحيل ان يكون لها نصيب في الزواج مهما كانت الظروف فكانت المرأة من الذكاء او الخبث الى درجة انها تزوجها لهذا الشاب من باب أنها تؤكد انه من أبناء العائلة ويحظى بكل ما يحظى به أبناؤها وان كانت لعبتها غير خفية لكنها كانت مثل لعبة الشطرنج المزدوجة وضربت عدة عصافير بحجر واحد أهمها أنها زوجت ابنتها الدميمة قبل أن يفوتها قطار الزواج الذي ما كان سيتوقف عند محطتها بأي حال من الأحوال. وكانت تلك الزيجة أيضا ناجحة لأن أخي وجد فيها انه عاد الى عضويته الطبيعية في القبيلة والحصول على بعض حقوقه المفقودة فأراد ان يحافظ عليها ثم يحصل على المزيد وهو يعلم أن زوجته التي هي ابنة عمي وابنة خالتي في نفس الوقت ليست الزوجة التي اذا نظر اليها سرته وهي لا تحمل أي ملامح أنثوية وهي من جانبها تعرف هذه الحقائق واعتبرت انها فازت بزواجها منه وهو لا يحمل عيوبا والأمل الأخير الذي تتعلق به. كل تلك التجارب جعلت جميع قرارات الزواج في أيدي أمي وخالتي وحدهما سواء كانت للفتية او الفتيات على اعتبار أن وجهة نظرهما لا تخيب وان اختياراتهما صائبة وفي ظل ذلك اختارت خالتي فتاة لتخطبها لابنها الأكبر الذي حصل بشق الأنفس على شهادة متوسطة ومتعطل بلا عمل كانت الفتاة ابنة عمي الأصغر في الرابعة عشرة من عمرها لم تنته بعد من الدراسة في المرحلة الإعدادية ومازالت في الطفولة وعمر الشاب ضعف عمرها ويزيد ولا تعرف بعد معنى كلمة زواج لكن على أي حال لا أدري ان كانت وافقت أو رفضت لكنها في النهاية تزوجته وانتقلت إلى بيته أقصد بيت خالتي حيث كان يقيم معها وحولتها الى خادمة تغسل وتنظف وتطهو الطعام ولا تتحرك ولا تفعل شيئا صغر أو كبر إلا بعد إذنها. في البداية كانت الفتاة مقهورة مغلوبة على أمرها لا تملك ردا ولا معارضة حتى فاض بها الكيل وهي تكتم معاناتها داخلها حتى أصيبت بمرض نفسي واكتئاب شديد تطور الى أمراض عضوية منها النحافة والانيميا وضعف الإبصار وكل هذه الأمراض لم تجد معها الأدوية ولا الأطباء لأنها ليست أصل الداء وكل طبيب يعجز عن التشخيص الحقيقي وعادت الزوجة الصغيرة الى بيت أبيها أملا في الشفاء مع تغيير الأجواء وهناك انطلق لسانها من عقاله وبدأت تتحدث عن مشكلتها وتفصح عن معاناتها والسجن الذي تعيش فيه وان كان بلا أسوار فهو أكثر قسوة وإيلاما. الكارثة أنها الآن تحمل في أحشائها جنينا وهي غير راغبة في استمرار الحياة مع زوج مفروض عليها ولم تكن راغبة فيه ولا رأي لها في اختياره او كانت أصغر من القدرة على اتخاذ قرار مصيري كهذا، ووجود هذا الجنين جعل التفكير بعيدا عن الطلاق حتى لو كانت النتائج سيئة ومعروفة سلفا واضطر الجميع الى إعادتها الى بيت زوجها الى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا ولأول مرة تظهر الحقائق المرة في الاختيارات الزوجية غير الموفقة وما سبقها لم يكن أحسن حالا منها ووقعت أول حالة انفصال داخل العائلة وكانت بمثابة كارثة كبرى هزت الوضع العام وايضا موقف امي وخالتي اللتين لا تعترفان بالخطأ مطلقا. قد يكون كل ما تقدم مجرد مقدمة لما أود أن أصل اليه وهو ما يخصني شخصيا وما دفعني للكتابة فقد كنت في العاشرة من عمري صدقوني في العاشرة وما زلت في المرحلة الابتدائية عندما علمت ان خالتي تريد ان تزوجني لابنها الثاني الذي تخطي السابعة والعشرين من عمره وانا طفلة بكل معاني الكلمة وأخاف من مجرد الحديث عن الزواج ولا أعرف معناه ولا أتخيل نفسي زوجة مسؤولة عن بيت وزوج وفي نفس الوقت لست قادرة على اتخاذ قرار لكن جاءت النجدة من السماء ورفض ابن خالتي تصرف أمه وكان أول شخص يستطيع ان ينشئ معارضة داخل العائلة ويقول لا.. ويرفض الوصاية وفي البداية قال إنني مثل أخته ولا يشعر نحوي بأي أحاسيس وانني مازلت طفلة وأنني أخته في الرضاعة لكنه وجد ردودا على كل ذلك فأعلن رفضه صراحة وقد كنت سعيدة بموقفه الذي كان سببا في نجاتي وبعدها اختار فتاة من خارج العائلة واستطاع ان يفرض رأيه ويخرج من الوصاية وبذلك فتح الباب أمام الاخرين ليتصرفوا مثله وتحول الأمر الى مزحة فقال المتندرون إنه يستحق دخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية باعتباره أول مناضل من أجل الحرية في العائلة الاستبدادية. مرت ثلاثة أعوام وتجددت خطبتي مرة أخرى عندما قامت خالتي بإعلان خطبتي لابنها الثالث الذي أنهى دراسته الجامعية وما تم من قبل وفي هذه الحالة كان بالاتفاق بين أمي وخالتي وهذا ما يجعلني أستغرب وأتعجب وأتساءل كيف لأمي أن تتصرف هذه التصرفات مع ابنتها؟ وكيف توافق على أن تزوجني وانا طفلة؟ ولم أجد عندي جوابا إلا أنها تنصاع وراء إرادة خالتي من قبيل حبها لها وارتباطهما معا ولا أبالغ اذا قلت إنها في كثير من الأحيان تتحول الى أداة طيعة في يدها وأبي لا وجود له في كل ما يحدث لا سلبا ولا إيجابا كأنه لا يخصه من قريب أو بعيد ولا علاقة له به. هذه المرة ومثل ما كان يحدث كل مرة تمت الخطبة من دون ان يكون لي رأي فيها وكنت عاجزة عن التصرف ومن سيسمع او ينصت لي وحتى عندما أرادوا أن يعقدوا القران في يوم العرس فوجئوا بأنني لم أبلغ السن القانونية ووجدوا تخريجة فقاموا بإجراء عقد “عرفي” الى ان أبلغ السادسة عشرة ووجدتني للمرة الأولى في حياتي اكتشف انني متمردة وأعلنت الرفض لكل شيء وعارضت ولم أستسلم لكن للأمانة فإن زوجي او ابن خالتي تحمل كل تصرفاتي بما فيها ما أوجهه اليه من إهانة وما كنت أقصد من وراء ذلك إلا أن يمل ويتركني أمضي الى حال سبيلي حتى عندما حصل على عقد عمل في الخارج اشترطت أولا أن أقيم عند أمي ويرسل كل ما يتحصل عليه اليّ فوافق وفي كل الأحوال لايرد لي طلبا ولا يراجع أمرا. مع هذا كله أعيتني الحيل في أن أنفصل عنه فمازلت أبحث عن السعادة أو وسيلة للخلاص فلا أجد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©