الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين: ثلاثة تغييرات

24 نوفمبر 2013 23:10
المراقبون الغربيون لديهم تاريخ من إساءة تفسير الأحداث في الصين. ورغم ذلك، ثمة ثلاثة إعلانات تبدو واعدة تمخض عنها اجتماع الحزب الشيوعي الصيني الذي عقد هذا الأسبوع. ووفقاً لما أوردته «شنخوا»، وكالة الأنباء الصينية الرسمية، فإنه سيتم السماح لمستثمري القطاع الخاص بإنشاء بنوك منظمة لخدمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما سيتم إجبار الجهات المقرضة التابعة للدولة على دفع أرباح أكبر للحكومة، بينما سيتم تغيير «سياسة الطفل الواحد» بما يسمح للأزواج بإنجاب طفلين. هذه التغييرات الثلاثة ليست كافية لكي تضع الصين على مسار التنمية المستدامة، لكنها بالتأكيد سوف تساعد على حل أكبر مشاكل الصين، وهى: الكثير من الاستثمار وعدم كفاية الاستهلاك الشخصي. قد يبدو غريباً توجيه الانتقاد لسياسات اقتصادية حققت عقوداً من النمو الفائق السرعة. لكن المراقبين طالما شعروا بالقلق من تركيز الحكومة على مشاريع البنية التحتية الكبيرة، بما يهدر الموارد ويحرم الأسر من مستوى معيشي لائق. هؤلاء المفكرون، ومنهم مايكل بيتيس، الأستاذ بجامعة بكين، يعتقدون أنه يتعين استبدال هذا الاستثمار المفرط بمبادرات تهدف إلى زيادة دخل الناس العاديين. لكن أليس الاستثمار الكبير هو أفضل الوسائل لضمان تحقيق النمو على المدى الطويل؟ ليس بالضرورة: فأفضل مؤشر على النجاح الاقتصادي هو قدرة المجتمع على تلبية احتياجات ورغبات أفراده في الحاضر والمستقبل. لذلك فإن بعض الاستثمار يعتبر ضرورياً لضمان زيادة الاستهلاك بمرور الوقت. لكن أي استثمارات تتجاوز المطلوب تصبح كحفر الثقوب العملاقة في الأرض: فبالإضافة إلى ضياع الوقت والجهد للجميع، لم ينتج عن كل ذلك سوى حدوث بعض التلوث. وسوف ينتهي الحال بالمجتمع بتحويل موارد المستقبل بعيداً عن الأشياء التي تسبب السعادة للشعب ويضطر بدلاً من ذلك إلى إنفاق المزيد على الرعاية الصحية وتطهير البيئة. والحكومة الصينية تسمح بالاستثمار المفرط من خلال تحويل رأس المال إلى الشركات المملوكة للدولة والحكومات المحلية عن طريق البنوك الأربعة الكبرى المملوكة للدولة. وتضمن اللوائح تحقيق أرباح ضخمة للبنوك، كما دعمت تكاليف الإقراض للمشروعات غير الفعالة، بالإضافة إلى مصادرة ممنهجة لمدخرات الأسر. والنتيجة أن أصبح الناس العاديين مضطرون لادخار قدر أكبر من دخلهم لمواكبة التضخم، بينما الشركات التي لها صلات بالحزب الشيوعي تحصل على تمويل تفضيلي لإقامة مشروعات تافهة عديمة النفع. أما الشركات الأصغر التي تفتقر للأصدقاء النافذين فلا تحصل على قروض البنوك فتضطر للاعتماد على المقرضين بفوائد. وعلى نحو مثالي، سوف تقوم الحكومة بخصخصة النظام المالي، وتحرير معدلات الفائدة وإجبار الشركات المملوكة للدولة على صرف معظم أرباحها للناس العاديين الذين يطالبون نظرياً بهذه الأرباح. إن الإصلاحات المصرفية التي أعلنتها «شنخوا» ما هي إلا بديل ضعيف لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح. وفي ظل هذه الإصلاحات، سيكون بمقدور البنوك الخاصة توفير تمويل أكثر تنافسية للشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة والمسؤولة عن تحقيق معظم مكاسب الإنتاجية في الصين. كما يجب أن تتضمن خطة الحكومة التي تقضي بإنفاق حصة أكبر من أرباح البنوك الكبيرة على «تحسين مستوى المعيشة للشعب»، رفع تكلفة رأس المال للشركات المتضخمة، مع توفير دخل إضافي للناس العاديين. كما يتعين على الصين تعزيز قيمة بنيتها التحتية الكبيرة من خلال تأكد أن هناك مزيداً من الناس لاستخدامها. بمقتضى سياسة «الطفل الواحد»، كان من المتوقع أن يتقلص عدد السكان بنحو الثلث قبل نهاية القرن، بينما تتزايد الأعمار بسرعة. والنتيجة أن الصين سيكون بها شخصان في سن العمل مقابل شخص واحد يزيد عمره عن 65 عاماً بحلول عام 2015. وربما يزداد عدد كبار السن أكثر من الشباب اللازم لرعايتهم بحلول 2100. والحل هو السماح للجميع بإنجاب المزيد من الأطفال وإزالة الحوافز المالية المخصصة للأشخاص الذين ينجبون طفلاً واحداً. ومما يحسب للحكومة الصينية، أنها تتحرك في هذا الاتجاه. فالإصلاح المقترح يسمح لكل شخص وحيد والديه بإنجاب طفلين. وبما أن سياسة الطفل الواحد تعود إلى السبعينيات، فإن ذلك يعني أنه سيسمح لكل مواطن لديه طفل واحد بإنجاب طفل آخر. ولا يزال هذا التقييد مؤلماً جداً، فالدول بحاجة لميلاد 2?1 طفل لكل أم في المتوسط، للحفاظ على شعوبها من الانكماش. والأمر المشجع أن تقرير «شينخوا» ينقل عن أحد المسؤولين القول إنه يجب منع سكان الصين من السقوط، مما يشير إلى احتمال وجود مزيد من الإصلاحات. ليس بإمكان الصين تجنب عواقب سياستها الماضية، لكن هذه التغيرات الثلاثة تشير إلى أن القيادة راغبة في اتخاذ خطوات صغيرة لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد. فهل ستكون وتيرة الإصلاح سريعة بما يكفي؟ ‎ماثيو كلاين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©