الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غازبروم ··· أداة روسيا الخارجية

غازبروم ··· أداة روسيا الخارجية
7 مارس 2008 22:48
بعد مضي شهر على قطع روسيا إمداداتها النفطية من أوكرانيا للمرة الأولى من نوعها في عام ،2006 دعت المستشارة الألمانية ''أنجيلا ميركل'' الاتحاد الأوروبي الذي يستورد نسبة 40 في المائة من حاجته للغاز من روسيا، إلى تطوير سياسات طاقة مشتركة خاصة به خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، لضمان استمرار الإمدادات الغازية، وفي الوقت نفسه تواصلت جهود شركة ''غازبروم'' المحتكرة لصناعات الطاقة الروسية، وشركائها الألمان في كل من شركتي ''إي· أون'' و''باسف-وينترشال'' -الخاصة بتطوير مشروع ''نورد ستريم'' وهو عبارة عن خط لأنابيب الغاز- يقدر له أن يجعل ألمانيا دولة تعتمد اعتماداً كلياً على الإمدادات الروسية لعدة عقود قادمة· وقبل عامين ماضيين، كانت قد سرت الشائعات في ''بروكسيل'' عن صياغة سياسات طاقة أوروبية مشتركة، إلا أن روسيا تمكنت من هز القارة الأوروبية كلها بقطع إمداداتها لأوكرانيا بمعدل النصف خلال الأسبوع الحالي، ما دفع هذه الأخيرة إلى التهديد بوقف إمدادات الغاز الروسي العابرة إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية، استجابة منها لذلك التهديد، أعلنت شركة ''غازبروم'' الروسية العملاقة استئناف إمداداتها لأوكرانيا كاملة كما كانت من قبل· ورغم الحديث المستمر عن وضع سياسات طاقة أوروبية مشتركة، إلا أن العقبة التي تعترض خطوة كهذه، هي استمرار الدول الأوروبية كل واحدة على حدة، في عقد صفقات تضعها رهينة للإمدادات الروسية لعدة عقود من الزمان، ويمثل هذا السلوك الفردي للدول الأوروبية، المعبّر عن حرص كل واحدة منها على تأمين حاجتها للطاقة على المدى البعيد بالكيفية التي تراها من جانب، على رغم إقرارها جميعاً بالحاجة الماسة لإنشاء سوق أوروبية مشتركة للطاقة من جهة أخرى، جوهر الصدع الأوروبي المتصل بتحديد سياسة موحدة للتعامل مع روسيا· ففي جانب، هناك بعض الدول مثل ألمانيا ترى في روسيا شريكاً استراتيجياً لا سبيل للغنى عنه، ولا يضيرها في شيء التعويل الكامل على شركتها الاحتكارية العملاقة ''غازبروم''، وفي جانب آخر، هناك كتلة دول حلف ''وارسو'' السابق، ومن بينها أوكرانيا، التي تعتقد أن روسيا لا تزال تواصل استخدامها لشركة ''غازبروم'' أداة فاعلة في تنفيذ سياساتها الخارجية· والملاحظ غياب الاتحاد الأوروبي عن هذا الحوار الدائر بين دوله عن سياسات الطاقة الواجب اتخاذها· وفي كل مرة يبدأ فيها حوار كهذا، سرعان ما يطويه النسيان، منذ دعوة المستشارة الألمانية ''ميركل'' إلى تطوير سياسة أوروبية مشتركة في هذا المجال، وهي الدعوة التي وردت آنفاً، وبدلاً منها، أقر الاتحاد الأوروبي سياسات ترمي لخفض انبعاثاته من الغازات الملوثة للغلاف الجوي بنسبة 20 في المائة، وتحسين كفاءة استهلاك دوله للطاقة بحلول العام ،2020 في مسعى منه لخفض مستوى اعتماده على مصادر الطاقة الروسية· ولا يزال متروكاً للدول الأعضاء في الاتحاد، تطوير سياسات كهذه، إلا أن المؤكد أن هذه الجهود لن تثمر في تغيير سياسات كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا واليونان، القائمة على الاعتماد الكلي على روسيا في مجال الطاقة، وفي ألمانيا نفسها لم تحظ دعوة ''ميركل'' والمخاوف التي أثارتها إزاء هذا الاعتماد الزائد على روسيا في إمدادات الطاقة، سوى بتأييد ضئيل يكاد لا يذكر، وعلى رغم مشاعر الغضب التي أثارها دور المستشار السابق ''جيرهارد شرويدر'' في مشروع ''نورد ستريم''، إلا أنه تمكن من الدفع بهذا المشروع قدماً، ما أسفر عن تأمين وظيفة مجزية له في لجنة حملة الأسهم بشركة ''غازبروم''، إثر تنحيه من منصبه السياسي، إلا أن الملاحظ أن ثورة الغضب تلك قد هدأت وتبخرت تماماً الآن· تعليقاً على هذا التحـــول في سلوك الرأي العـــام الألماني، قال ''ألكساندر راهر'' -مدير البرنامج الروسي بالمجلس الألماني للعلاقــات الخارجيــــة-: ''إن هناك شعــــوراً عاماً بأن كل ما يرد من روسيا جيد، وعلى رغم ما للألمان من تصور مختلف نوعاً ما، لما يمكن أن يتمخــض عنه انهيـــار الاتحـــاد السوفييتي السابــق، إلا أنهم لا يبدون أي نوع من الخوف إزاء روسيا''، إلى ذلك مضى ''راهر'' لانتقاد الوضع السياسي الروسي الراهن، معرباً عن أمله في أن يطرأ عليه تغيير إيجابي في ظل الرئيس الجديد المنتخب ''ديمترى ميدفيديف'' الرئيس السابق لشركة ''غازبروم''· لكن وخلافاً لانتقادات و''اشنطن'' لـ''موسكو''، بسبب ما تصفه الأولى بأنه تقييد متعمد للحرية والديمقراطية في روسيا ما بعد العهد السوفييتي، يلاحظ أن لدى الألمان القدرة على تقبل روسيا كما هي، وعلى النحو الذي تشكلت به في ظل إدارة الرئيس ''بوتين''، وعليه فهم ينظرون إلى الممارسات غير الديمقراطية هذه، باعتبارها ثمناً للاستقرار الذي خلفته السنوات الأخيرة المضطربة من عهد الرئيس الأسبق ''بوريس يلتسن''، وهذا ما يقنع الألمان بالاستمرار في شراء منتجات الطاقة الروسية، حتى وإن ساعدت عائدات هذه المشتريات، الماكينة السياسية الروسية في الاستمرار في تنفيذ ذات السياسات التي تنتهجها إدارة ''بوتين''، وعلى حد قول ''راهر'': ''فربما لا يكون هذا هو العالم الذي نصبو إليه فعلاً، إلا إنه العالم الواقعي المتاح لنا، وعلينا التعامل معه بواقعية كما هو، وتفرض علينا هذه الواقعية أن نتعامل مع عالم تدفعه المصالح في الأساس''· هــــذا ويذكــــر الكثيـــر مــــن الألمان أن روسيــا لم تقـــدم على قطع إمداداتها عن بلادهم مطلقاً، حتى إبان فترة الحرب البـــاردة· ديفيد فرانسيس- بروكسيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©