الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحياة النيابية الأردنية بين التشرذم والأمل

20 ابريل 2007 01:56
دانا ناصر القطناني: في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة، تجد الدول العربية نفسها محاطة بتحديات تجعل من تباطئها في مضي تفعيل العملية السياسية وإشراك مؤسسات المجتمع المدني للنهوض بإصلاحات سياسية لا ترقى لدرجات سلم متطلبات الأنظمة الأكثر ديمقراطية· والأردن تغيرت عليه ظروفه الداخلية خلال العقد الماضي لتلح عليه ضرورة التعديل والتغيير، فنسبة التعليم مرتفعة بين مواطنيه، والوعي السياسي ينتشر لسهولة التعامل مع وسائل الاتصال، وبدأت الدعوات تتزايد لإشراك المرأة والشباب في العملية السياسية وليس اقتصارها على قيادات ملت الشاشات ظهورها، هذا كله رافقه وجود قيادة سياسية شابة تؤكد في كل محفل داخلي ودولي ضرورة السير في طريق التنمية السياسية والإصلاح· تطلب هذا مراجعة قوانين العقود الماضية لتعديلها أو إلغائها وهو ما حدث لقانون الأحزاب السياسية ،1992 إذ أقر مجلس الأمة قانون أحزاب جديدا أثار جدلا واسعا توج بالتشاور بين الأحزاب للطعن بدستورية القانون أمام محكمة العدل العليا وما زال الترقب سيد الموقف· يعرف الحزب بأنه تنظيم يضم مجموعة من المواطنين تجمعهم أهداف مشتركة سياسية أو غيرها ويسعى ذلك التنظيم الوصول للسلطة، نظام الحكم في الأردن ملكي نيابي وراثي أي أن رأس الدولة الملك، وينتقل الحكم وراثيا بين الذكور من أسرة الملك عبد الله بن الحسين الأول، والملك هو الذي يختار رئيس الوزراء، وليس هناك شرط معين فالشرط الوحيد دستوريا هو أن يكون أردني الجنسية وليس على أساس حزبي، وبالتالي فإن الأحزاب السياسية في الأردن تسعى للوصول إلى مجلس النواب وليس رأس الهرم السياسي فيه· أحزاب منذ عشرينيات القرن تبلورت الحياة السياسية في الأردن بإنشاء أول حكومة دستورية لإمارة شرق الأردن في 1921 رئيسها رشيد طليع، وبدأت الأحزاب بتأسيس حزب الشعب عام 1927 برئاسة هاشم خير ولكنه توقف عن العمل عام 1933 وكان بعده عام 1937 حزب الإخاء الأردني، وفاز ثمانية من أعضائه في انتخابات عام ،1937 وأعطى الدستور للأردنيين الحق في تشكيل الأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية، وينظم طريقة تأليفها القانون فكان قانون ،1955 وأجريت أول انتخابات نيابية على أسس التعددية الحزبية، لكن التجربة فشلت وسادت البلاد الأحكام العرفية، وتوقف العمل الحزبي ومارست الأحزاب أعمالها بالخفاء، وزج الكثير من أعضائها في السجون، وفي عام 1991 تم السماح بتأسيس الأحزاب السياسية حتى أصبح عددها أكثر من أربعين حزبا· الآن في الأردن 35 حزبا آخرهم الحزب الوطني الأردني (وسطي)، وهو أول حزب تتزعمه امرأة، والأحزاب تحت 4 تصنيفات؛ ليبرالية وسطية، دينية، ماركسية يسارية، وقومية، إلا أنها بتصنيفاتها ليست فاعلة على الساحة السياسية كما يجب، نعم أنها تشارك في الانتخابات النيابية لكنها لا تستقطب معظم الشباب المتعلم ولا تستحوذ على كثير من المقاعد في مجلس النواب· ففي انتخابات 1993 بلغ المرشحين 93 مرشحا موزعين بين الأحزاب، العدد الفائز هو 29 فقط من 110 عدد النواب في المجلس· في انتخابات عام 1997 قاطع عدد من الأحزاب الانتخابات احتجاجا على قانون الصوت الواحد وشارك 11 حزبا بعدد مرشحين ،20 وبلغ عدد الفائزين عن الأحزاب 20 نائبا· أما في انتخابات 2003 استمر العمل بقانون الصوت الواحد ولم تقاطع أي من الأحزاب تلك الانتخابات وعدد المرشحين 58 مرشحا وكانت نسبة الفائزين عن الأحزاب 1,7 بالمائة من المقاعد حصلت عليها جبهة العمل الإسلامي، والعديد من الأحزاب تخفي انتماء مرشحيها الحزبي وذلك لضمان أصوات المنطقة أو العشيرة المنتمي إليها في الانتخابات النيابية، إذا فالأحزاب شاركت في الانتخابات ولكن فوزها محكوم ببرامجها الحزبية التي لا تجد متنفسا واسعا للتطبيق أو الطرح في مجلس النواب لضعفها، وفكرة انتخاب مرشح لانتمائه الحزبي وبرامجه غير فاعلة في الأردن، إذ أن معظم الأصوات تعطى حسب الانتماءات العشائرية أو العرقية حصل مرشحو القبائل على 76 بالمائة من المقاعد، فيما أخفقت الأحزاب اليسارية والقومية في الحصول على أي مقعد في الانتخابات الأخيرة، وفي استطلاع أجراه المركز الأردني للبحوث الاجتماعية مؤخرا، تبين أن 5,5 بالمائة سيصوتون لمرشح من الاتجاه القومي العربي، فيما سيصوت ما نسبته 30,9 بالمائة أفادوا بأنهم لن يصوتوا على أساس الاتجاه السياسي للمرشح· وهناك خوف متشكل لدى المواطن الأردني من الانتماء للأحزاب، فمعظم الشباب المتعلم في الجامعات لا ينتمون لأي من الأحزاب بل لا علاقة لهم بها ولا حتى بأسمائها وبرامجها السياسية لتشرذمها وتعددها وهذا حال باقي المواطنين، علاوة عما ترسخ في ذهن المواطن أن الانتماء للأحزاب يعني دخول السجن والمرور بزيارات هو في غنى عنها لمراكز الشرطة· وتعود جذور هذه القناعة إلى فترة الأحكام العرفية، رغم أن الأحزاب عاودت عملها وبشكل سليم ووفقا للقانون الرسمي، فالمواطن الأردني يرى أن الانتماء إلى الأحزاب يعني معارضة الحكومة دونما دراية أن الانتماء الحزبي ليس من ضرورياته معارضة الحكومة، فقد تكون حزبيا فاعلا على الساحة السياسية الداخلية بطرح برامج ناجعة ومحاولة تطبيقها وجذب مختلف أطياف المجتمع للنهوض في تفكيرهم وتأهيلهم سياسيا، وهذا ما صرح به الملك الأردني عبد الله الثاني في العديد من لقاءاته، فهو لا يريد شبابا متعلما فقط، بل مؤهلا يمارس حياة سياسة طبيعية من انتماء للأحزاب والمشاركة في مؤسسات المجتمع المدني وتقوية عود الحياة النيابية بما تقدمه برامج المرشحين وليس انتماءاتهم!· حق·· وباطل بدأت البوادر والمطالبات لتعديل قانون الاحزاب، بعد أن أقر القانون الجديد الذي أثار جدلا واسعا بين القوى السياسية المختلفة من أحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وإعلاميين، مما أدى إلى إحالة القانون إلى مجلس الأعيان لإعادة النظر به، وبت الكلمة الفصل فيه، وبعد أن تمت الموافقة عليه، ينتظر إضفاء الإرادة الملكية لينشر بعدها بالجريدة الرسمية ويدخل حيز التنفيذ· وأهم ما تحتويه ثنايا القانون أن يكون عدد المؤسسين للحزب 500 شخص من خمس محافظات بنسبة 10 بالمائة ولإبقاء الحزب قائما يستلزم عدد أعضاء 250 شخص، وأن يكون عمر المؤسس لا يقل عن 25 عاما، بينما تسمح العضوية لمن أراد أن يتم الثامنة عشرة، كما ستقدم الحكومة دعما ماليا للأحزاب مع إعطاءه حق استخدام وسائل الإعلام وممارسة الدعاية قبل حصوله على الترخيص· كما نص القانون على منع ملاحقة أو مساءلة عضو الحزب من قبل الجهات المعنية لانتمائه الحزبي وحق إنشاء موقع الكتروني دون مساءلة قانونية، ويحق للأردنيين المقيمين في الخارج الانضمام إليه· البعض يرى أن القانون حق يراد به باطل، فهو يستهدف الأحزاب الصغيرة، لكي لا يكون لها منصب وكرسي في البرلمان، أوحلها لينهي القانون حياة 15- 20 حزبا من أصل 35 لعدم تمكنها من رفع سقف المؤسسين، وقد يكون الاستهداف لصالح الأحزاب الصغيرة في حثها على الاندماج لتقوية شوكتها في الوقوف أمام حزب الإخوان المسلمين· رفعت هذه الأحزاب وغيرها تهما عبروا عنها في لقاءات مختلفة نظمت مع وزير التنمية السياسية، فقالوا إن القانون ''جريمة بحق الأردن''، ولوحوا بمقاطعة حوار الحكومة حول قانون الانتخاب لعدم جدواه، كما رفعوا مذكرة لجلالة الملك عبد الله الثاني يشتكون فيها الحصار الذي يفرضه مجلس الأمة على الأحزاب ومخالفة القانون تطلعاته للنهوض بالإصلاح والتنمية السياسية، والترقب هو سيد الموقف· بدلا من التذمر! على الأردن أن يبدأ التخلص من الهيمنة العشائرية في العمل السياسي وخاصة الانتخابات البرلمانية، وقد يكون القانون هذا بذرة الخير لإيجاد أحزاب سياسية فاعلة، فالأحزاب المتواجدة أعضاؤها يبلغون عشرة آلاف فقط من مجموع المواطنين!! وكما يرى بعض المحللين، أن على الأحزاب بدلا من التذمر ابتداء العمل خلال العام الذي يشكل فترة الإنذار لها، وإعادة هيكلتها والابتداء بتحضيرات إعلامية تُعرف بالأحزاب لإذابة الخوف من العمل الحزبي، وليكن من احد تحضيراتها حث وزارة التربية والتعليم على إدراج مادة أو فصل في كتاب عن العمل الحزبي وكذلك الجامعات، وتنشيط العمل الحزبي الطلابي على نطاق ضيق داخل الجامعات· فقد يكون ذلك -هذا لو نظرنا بتجرد- ما أرادته السلطة التشريعية من سن القانون، مع ضمانها عدم ملاحقة المواطن لانتمائه الحزبي· وهنا يكمن التحدي لقدرة الحزب على زيادة قاعدة مؤيديه عمليا بين مختلف المحافظات، ليكون الجامع والإطار المنضوي تحته الحزبيون ليست العشائرية وشخص قائد الحزب بقدر ما عليه البرنامج الحزبي، فقد يكون احد الأهداف كذلك تنويع قاعدة الحزب لاشتراط الأعضاء المؤسسين من خمس محافظات، وهذا يجعل ابن محافظة الشمال يتبنى برنامج حزب قائده من محافظة الجنوب وينتخبه والعكس، لم لا، وقتها نستطيع استبعاد شخصنة الأحزاب وسيطرة القيادات المترهلة عليها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©