الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صراع بين البنوك الأوروبية نتيجة تراجع الإيداعات

صراع بين البنوك الأوروبية نتيجة تراجع الإيداعات
26 نوفمبر 2011 21:42
يخلِّف الصراع المحتدم بين البنوك الأوروبية من أجل الحصول على الإيداعات ضغوطاً كبيرة على نظام القارة المصرفي، ما يهدد بحرمان الدائنين من أحد المصادر الرئيسة للتمويل، في وقت ترتفع فيه تكلفة جذب العملاء. وقام الأفراد وقطاع الأعمال، بسحب مليارات اليورو من البنوك في بلدان تتعرض في الآونة الأخيرة لمشاكل مالية مثل إسبانيا وإيطاليا. وأعلنت مؤخراً عدد من البنوك الإيطالية والإسبانية عن معدلات كبيرة من التراجع في إيداعات الشركات وبعض عملاء المؤسسات الأخرى، على الرغم من انخفاض مستوى الإيداعات الكلي، حيث يحتفظ الدائنون بالقدر الأكبر من إيداعات قطاع التجزئة. وتراجع حجم الإيداعات في البنوك الإسبانية بنحو 48 مليار يورو “64,8 مليار دولار”، أو بنسبة 2% في الربع الثالث، وذلك وفقاً للبيانات الواردة من “بنك إسبانيا”. ونتج عن خروج الأموال خلال نوفمبر الجاري، ارتفاع في اقتراضات البنوك الطارئة من “البنك المركزي الأوروبي” لأعلى مستوياتها في غضون أكثر من سنتين، حيث خصص البنك 247,2 مليار يورو للبنوك في شكل قروض مدتها 7 أيام، مقارنة بأعلى مستوى تم تسجيله في العام الحالي عند 230,3 مليار يورو. وفي غضون ذلك، تجد بنوك في بلدان مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال معاناة في المحافظة على العملاء الحاليين وجذب آخرين جدد من خلال تقديم أعلى أسعار فائدة على الإيداعات، ما يرفع التكلفة على البنوك ويجعلها غير قادرة على تمويل نفسها. طوفي إيطاليا، ارتفع متوسط سعر الفائدة على الإيداعات خلال العام الماضي ليبلغ 2,6% في سبتمبر أي قرابة الضعف مقارنة ببداية العام. واتجهت البنوك لابتكار العديد من أنواع التسويق بغية جذب العملاء لإيداع أموالهم في خزائنها. واستعان بنك البرتغال بلاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو لمساعدته في وضع سعر فائدة قدره 4% لبعض حسابات الإيداعات. ومنذ الصيف الماضي ووسط المخاوف المتعلقة بالأوضاع المالية في أوروبا، تجمد نشاط القطاع المصرفي مع أسواق الأموال ولم يعد للمستثمرين الكبار الرغبة في الاستمرار في تقديم الأموال للبنوك الأوروبية. وعموماً، لا تزال في حوزة البنوك الأوروبية مليارات اليورو من الإيداعات معظمها لعملاء أفراد لا يميلون إلى تحويل حساباتهم المصرفية. كما يمكن للدائنين الاستعانة بـالبنك المركزي الأوروبي للحصول على الأموال من خلال وضع السندات الحكومية وأصول أخرى كضمان. لكن في حالة استمرار عدم توافر الأموال، ربما يشكل ذلك مصدراً من مصادر المخاطر. وتواجه البنوك الأوروبية موجة من الديون المستحقة في العام المقبل قدرها 800 مليار يورو. وفي حالة عجز البنوك تسديد هذه الديون من خلال بيع السندات أو جمع إيداعات جديدة، يترتب عليها خفض الإقراض للتعويض. ويثير هذا الموقف قلق المنظمين وصانعي القرار والمستثمرين. وينادي بعض السياسيين في أوروبا بضرورة توحد الحكومات الأوروبية لضمان الحصول على ديون بنكية جديدة طويلة الأجل، الفكرة التي رفضها بعض كبار المسؤولين الماليين في القارة. وزاد تأمين تمويل قطاع البيع بالجملة من أهمية إيداعات العملاء التي أثبتت استقرارها كواحدة من مصادر التمويل ذات التكلفة القليلة. وهجر المودعون بالفعل بلدان مثل اليونان وأيرلندا، حيث تعرض النظام المصرفي هناك لمزيج من الخسارات الضخمة وانعدام الثقة. وأصبحت الإيداعات الآن بعيدة المنال لبنوك كبيرة تقع في دول مثل إيطاليا وإسبانيا. وتراجع مستوى الإيداعات في الربع الثالث في خمسة من ستة التي تكوِّن مجموع بنوك إسبانيا الكبرى، في الوقت الذي أعلنت فيه التراجع خمسة من بنوك إيطاليا الكبيرة. وفي بعض الحالات، يقوم العملاء بشراء سندات البنوك التي تقدم أسعار فائدة عالية بدلاً عن سحب أموالهم منها. لكن يبدي عملاء الشركات الذين يجدون سهولة في تحويل أموالهم من بنك دولي إلى آخر، إصراراً واضحاً في تقليص إيداعاتهم لدى بنوك جنوب القارة، حيث أعلنت أكبر البنوك في كل من إسبانيا وإيطاليا تراجعاً بلغت نسبته نحو 10% في الربع المنتهي في 30 سبتمبر. وبشح الإيداعات وارتفاع تكلفتها في الوقت ذاته كأحد مصادر التمويل، دخلت بعض البنوك في نوع من السباق المحموم، حيث رفعت أسعار فائدة الإيداعات واتجهت نحو بعض الدول الأوروبية الأخرى بحثاً عن عملاء جدد. ومع ذلك، احتفظ “البنك المركزي الأوروبي” بأسعار الفائدة منخفضة كما هي الحال دائماً عند 1,25%، بينما تقدم بنوك في البرتغال وإيطاليا وإسبانيا أسعار فائدة سنوية تبلغ أكثر من 4% لإيداعات عملائها. ويعتبر هذا التوجه مربحاً للعملاء الذين يجنون المزيد من الأموال من خلال حفظ أموالهم في البنوك، على الرغم من أن ذلك يعود بالضرر على القطاع، حيث لم يعد من السهولة للبنوك الحصول على التمويل بشكل مستقر، مما يجعلها أكثر تعرضاً لنضوب تمويل الأسواق. كما يساعد ذلك أيضاً على زيادة تكلفة البنوك، وبالتالي القضاء على الأرباح وصعوبة إعادة بناء رأس المال الاحتياطي. وتثير هذه المنافسة في بعض الحالات قلق المنظمين. وقام بنك البرتغال المركزي مؤخراً بفرض سقف على أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك، كما أصدرت الحكومة الإسبانية هذا الصيف قانوناً يتم بموجبه معاقبة البنوك التي تحاول إغراء العملاء بتقديم أسعار فائدة فوق السقف المحدد. وينطبق هذا الحد في إسبانيا على البنوك المحلية فقط، بينما ينطبق على كل البنوك في البرتغال بغض النظر عن مقراتها. ويتيح القانون الإسباني للبنوك الأجنبية المزيد من فرص المنافسة، حيث وضع بنك “آي أن جي” الهولندي سعر فائدة قدره 3,25% لبعض حسابات الإيداع الإسبانية، في حين يقدم “بنك إسبريتو سانتو” البرتغالي أسعار فائدة تتجاوز 4% لعملائه الذين تتراوح إيداعاتهم بين 25,000 إلى 2 مليون يورو لمدة لا تقل عن 12 شهراً. وأطلق فرع بنك “يو بي آي” الإيطالي حملة للإيداعات في ألمانيا تهدف إلى تقديم أسعار فائدة قدرها 4% على إيداعات تستمر عام كامل على الأقل. ويتفوق هذا العرض بنحو 1% على أكبر عرض تقدمه ألمانيا. وعلى الرغم من أن البنوك لم تفصح عن مستويات الإيداعات التي تلت 30 سبتمبر، إلا أن البوادر تشير إلى عدم توقف رحلتها منذ ذلك التاريخ.. مثلاً تحصل بنوك إيطاليا الكبيرة على الأموال عن طريق إصدار شهادات إيداع في فرنسا ليقوم “بنك فرنسا” بنشر أرقام أسبوعية تتعلق بالسوق الفرنسية لشهادات الإيداع تعكس تدفقات إيداعات البنوك الأوروبية. وانخفض رصيد شهادات الإيداع الفرنسية لدى أكبر أربعة بنوك في إيطاليا في الفترة بين 7 أكتوبر إلى 11 نوفمبر بنحو 22%، مما يعكس الحجم الكبير من السحوبات التي تفوق الإيداعات. نقلاً عن: “وول ستريت جورنال” ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©