الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعددية الثقافية...خطوة نحو مجتمع عادل

26 نوفمبر 2011 21:41
تتعرض التعددية الثقافية لهجمة متزايدة خلال السنوات القليلة الماضية في أوروبا، بينما تناضل المجتمعات لإيجاد طريقة عقلانية لضمان التعايش بين المجتمعات ذات الخلفيات المتنوعة. أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن التعددية الثقافية "فاشلة"، وكرر مشاعرها كل من القادة البريطانيين والإيطاليين والفرنسيين. وقد جاءت تعليقاتهم في أعقاب تنامي مشاعر أقصى اليمين ضد السكان المسلمين الذي تتزايد أعدادهم في هذه الدول. أصدرت مؤسسة "ثيوس"، وهي بيت فكر في مجال العلوم الدينية العامة مركزه المملكة المتحدة، تقريراً في أكتوبر الماضي عنوانه "التعددية الثقافية: ظهور جديد للمسيحية"، حيث يدعو التقرير القادة السياسيين إلى دعم التعددية الثقافية، مؤكداً أنها السبيل الوحيد للتعامل مع المجتمعات المتنوعة المعاصرة. ويشير التقرير، مستخدماً تعبير "طارق مودود"، أحد المراجع الرئيسية حول الأقليات العرقية في بريطانيا، إلى التعددية على أنها "التكيف السياسي للأقليات التي تشكلت عن طريق الهجرة إلى الدول الغربية". ويناقش تقرير "ثيوس" ضرورة "عدم إضاعة الرؤية حول مساهمة التعددية الثقافية، التي لا يمكن الاستغناء عنها في تحقيق المجتمع العادل." مجرد حقيقة أنهم يتعاملون مع قضية التعددية الثقافية هو أمر مهم بالنسبة للحوار، لأنها تبرز أن عاملين آخرين في المجتمع المدني، وليس المسلمون وحدهم، هم الذين يرونها مساهمة إيجابية وضرورية جداً للمجتمع. ويذكر التقرير كذلك أن العدالة المتعددة الثقافات، هي مفهوم يقدم للحكومات أسلوباً للتعامل مع التحديات المتعلقة بإنشاء "علاقات عامة عادلة تتمتع بالاحترام بين الأقليات." ويشكل إنشاء العدالات كذلك أولوية لكافة الديانات، وكذلك للمجتمع الحديث. إذا كانت المجتمعات متعددة الثقافات تمسك بمفتاح تحقيق مجتمع أكثر عدلاً، فإن الخيار الحكيم الوحيد هو استغلال نشاطها. مما يثير الاهتمام أن التقرير يقول إن الديمقراطية العادلة المتعددة الثقافات تبرز في أفضل صورها عندما تتم رعاية الروابط الأخلاقية ضمن المجتمع المدني الأكثر اتساعاً بدلاً من الحكومة وحدها. ويعني ذلك أن المجتمع المدني بحاجة للقيام بعمل مهم المتعلق بحماية الأقليات فيه وإرساء قواعد مكانها على مستوى قيادي، لتحقيق العدالة التي يشير التقرير إليها. ومن المبادرات التي تستنبط إلهامها من المسلمين، بهدف مخاطبة تحديات المجتمعات المتعددة الثقافات هذه بالذات، قمة "موزاييك العالمية"، التي بدأت يوم 15 نوفمبر في قطر. يقع المجتمع العالمي في وسط "التضخم الشبابي"، الذي يبرز بشكل خاص في العديد من الدول ذات الأقليات المسلمة. واقع الأمر هو أن 780 مليون مسلم تحت سن الخامسة والعشرين يشكلون11 في المئة من مجمل عدد سكان العالم. وكما شهدنا في "الربيع العربي"، فإن الأهمية المستقبلية لهؤلاء الشباب لا يمكن إنكارها. يرتبط المسلمون بشكل متأصل عبر مفهوم "الأمة" الإسلامية متعددة الثقافات، وسوف يحتاج قادة المستقبل لأن يتعاملوا مع تنوع أفراد هذه الأمة الذين يبلغ عددهم 1.6 مليار نسمة، وكذلك مع تنوع المجتمع العالمي بأكمله. إضافة إلى ذلك، فإنه يوجد في معظم الدول المسلمة أقليات كبيرة من السكان، أو أنهم هم أقليات كبيرة تتخذ مواقع قيادية بشكل متزايد. القمة المفتوحة لوفود من كافة الخلفيات، وليس المسلمين فقط، تجمع معاً 80 فرداً، تبلغ أعمارهم من 25 إلى 35 سنة من 17 دولة متنوعة من أفغانستان إلى الجزائر وإندونيسيا إلى العراق. وهذه هي القمة الثالثة من نوعها التي تنظمها "موزاييك"، وهي مبادرة خيرية مركزها المملكة المتحدة برعاية أمير "ويلز". مهمة "موزاييك" هي إيجاد فرص للشباب من كافة الخلفيات، الذين يكبرون في مجتمعات محلية أقل حظاً. يشارك أفراد الوفود التي حضرت هذه القمة ضمن برنامج منظم يستمر عشرة أيام يضم ورشات عمل ترتكز على المهارات وعمل في مشاريع تهدف إلى تعريفهم بنظريات القيادة، وفي الوقت نفسه إمدادهم بمهارات القيادة العملية. سوف تعمل "موزاييك" بعد المؤتمر على دعم وفودها لسنة إضافية والطلب منهم الإبلاغ كل ثلاثة أشهر حول كيفية تطبيق وجهات نظرهم ومهاراتهم الجديدة. أعضاء الوفود قاموا منذ قمة السنة الماضية بتطوير مشاريع مثل برنامج تطوعي في مكان العمل ونشاطات جمع الأموال للأسر المحلية المحتاجة، وقاموا حتى بإيجاد وحدة ريادة اجتماعية للطلبة الذين يسعون للحصول على شهادات متقدمة في مجال الأعمال. يستطيع أعضاء الوفود، نتيجة لهذه القمة، أن يتعرفوا على دول وثقافات جديدة، ومقابلة قادة محتملين من مجال واسع من الخلفيات. وينطوي جزء من التدريب على ضمان تعرف أعضاء الوفود على خليط من وجهات النظر والبيئات الجديدة، وهو أحد أسباب اختيار قطر كموقع للقمة. وفي ضوء أحداث هذه السنة المحيطة بـ"الربيع العربي"، يستمر الشرق الأوسط بتوفير الإلهام للقادة الشباب. ومما تبين فإن بناء مجتمع من التعددية الثقافية لم يعد ظاهرة متناقضة، بل إنه بإمكان القادة المدربين على قيادة مجتمعات متعددة الثقافات يستطيعون إيجاد مجتمعات أكثر قوة وتماسكاً وعدالة. شلينا زهرة جان محمد كاتبة بريطانية ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©