قُمري شلّ بنتنا.. وراح

أخيراً، صارت أغاني الأعراس اليمنيّة الشهيرة كأغنية “هديني يا هداني يادون” و”قمري شل بنتنا” مدروسة ضمن كتاب يتناول الثقافة الشعبية اليمنية، خصيصا في مدينة عدن. فالباحثة أسمهان عقلان العلس تقدم في كتابها “الموروث الثقافي للمرأة العدنية” مادة غنية توثق للكثير من ملامح الثقافة الشعبية في عدن، من خلال الأغاني والأمثال كموروث شفهي إلى جانب العادات والتقاليد في الزواج والولادة والوفاة والطب الشعبي وزيارات الأولياء إضافة إلى الملابس وأدوات الزينة والحرف الشعبية. وحسب مقدّم الكتاب يوسف الحربي فإن المرأة هي المحور الرئيس للكتاب، كما “صوّرتها الحكايات المتنوّعة راوية ومرويّة، ظالمة ومظلومة، وفيّة وخائنة، محبّة وكارهة”؛ وذلك في عدن “المدينة التي منذ وجدت وهي مشرعة الأبواب للوافدين الحالمين والرحّالة العابرين والغزاة الطامعين الذين قدموا مثقلين بثقافات تلاقحت مع الألوان الداخلية في الإطار المجتمعي العدني”. وأبرز ما تتناوله الباحثة في الكتاب الإيقاعات الموسيقية المصاحبة للأغاني الشعبية فتشير إلى تميّز مفرداتها ومواضيعها، كأغاني الهدهدة لدى الأطفال وأغاني الحب والحرمان والعتاب والأغاني السياسية والدينية والاجتماعية، ومن ذلك أغنية الأعراس الشهيرة التي انتشرت من عدن حتى وصلت إلى الخليج، ويقول مطلعها: “قُمري شل بنتنا قُمري شلّها وراح قُمري عاشق الملاح” ومن الأغاني السياسية الشعبية التي تحمل ذاكرة وطنية ترجع إلى الحرب العالمية الثانية، تلك التي مطلعها يقول: “ياسين عليك يا عدن من ضربة المدفع”، أو “من هجمة الطليان”. وهناك أغاني تعكس التنوع اللغوي لمجتمع عدن، مثل: “أفوس درايا.. فوس لا تين تلكا.. لا تين فوس” والتي بدت للباحثة “من خلال التركيبات اللفظية أنّها مزيج من المفردات الهندية والصومالية، وقد اختلف الشفاهيون في فك رموزها” كما تقول. وتفرد الباحثة حيّزاً للأمثال الشعبية العدنية ومكانة المرأة فيها، كما تتناول تنوع طراز ملبس المرأة وأجزائه وتسمياته. ويمكن القول إن الدكتورة أسمهان العلس في كتابها هذا، الصادر حديثا عن الهيئة اليمنية العامة للكتاب بصنعاء، قد أضاءت جوانب مهمّة من التراث الثقافي العدني يضاف إلى جهدها الملفت في كتابها السابق عن “أوضاع المرأة اليمنية في ظل الإدارة البريطانية”. الكتاب: الموروث الثقافي للمرأة العدنية المؤلف: أسمهان عقلان العلس الناشر: وزارة الثقافة اليمنية ـ الهيئة العامة للكتاب